غزية فقدت زوجها وأبناءها: من يكفكف دموع أيتامي يا سيادة الرئيس؟
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد الأسطل - لم تكفيها دموعها التي سالت بغزارة وهي تتحدث عن حياتها البائسة التي تعيشها منذ فقدت زوجها وأبنائها الثلاثة شهداء في عدوان "الرصاص المصبوب"، لتدخل الغزية ليلة العر (48 عاماً) في موجة من الصراخ والنحيب المتواصل، أوصلها إلى ما يشبه حالة الانهيار العصبي، ما أضطرها إلى الجلوس على الأرض بعد أن ظلت لقرابة الساعة واقفة تصرخ في وجوه الحضور.
رغم ذلك، لم تتوقف عن التساؤل: "أليس زوجي وأولادي بفلسطينيين؟ ألم يقتلهم الاحتلال وتتحول أجسادهم إلى أشلاء؟ أليس لمن خلفهم حق أسوة بباقي أسر الشهداء؟".
وأضافت بغضب في حديثها مع القدس دوت كوم: "بئست السلطة التي لا ترعى أبنائها وتتركهم من دون سند أو معيل، حتى يتحول أبناء الشهداء إلى متسولين لا يجدون أبسط مقومات الحياة كغيرهم، وليدفعونا إلى هذه المرحلة، التي نترك فيها بيوتنا ونحضر إلى هذه الخيمة".
ويقيم أهالي شهداء عدوان "الرصاص المصبوب" الإسرائيلي على غزة، خيمة اعتصام دائمة أمام مقر مؤسسة رعاية أسر الشهداء في مدينة غزة، للمطالبة بصرف مستحقاتهم التي لم يحصلوا عليها كبقية شهداء فلسطين، رغم مرور 5 سنوات على الحرب.
واعتادت العر على اصطحاب بناتها الأربع معها إلى خيمة الاعتصام، كغيرها من ذوي الشهداء الذين تقطعت بهم السبل، خصوصاً الزوجات والأبناء الذي فقدوا معيلهم من دون أن يجدوا من يمد لهم يد العون، لمساعدتهم في مواجهة صعوبات الحياة التي لا تنتهي.
وأوضحت أنها لا تطالب بالكثير، فقط حق زوجها وأبنائها، لمساعدتها في تلبية احتياجات بناتها الأربع، اللواتي يحرمن من كل شيء تقريباً، ليس من غياب الأب والشعور باليتم فحسب، ولكنه الحرمان من العيش بكرامة كأقرانهم من الأطفال، مشيرة إلى أنها تتألم عندما تطلب ابنتها الصغرى ملابس العيد أو حقيبة مدرسية أو حتى دمية صغيرة، ولا تستطيع توفيرها.
وقالت العر التي تسكن على سطح منزل عائلتها: "عندها أشعر بحسرة كبيرة ولا يفارقني البكاء، لا أتألم على الفراق الذي هو بحد ذاته حكاية مؤلمة لا يمكن وصفها، لكن ذلك يبدو أقل ألماً ومرارة، من حياتنا البائسة للغاية".
وتابعت: "أصرخ لأبيع إحدى بناتي حتى أربي الثلاثة الباقيات، ليس لأنني أمتلك قلبا من صخر، ولكنني آمل أن تصل صرختي إلى أصحابها، ويخجل من يتولون أمرنا ويغفلون عنا".
أما ابنتها آية التي يسيطر البؤس واليتم على ملامح وجهها الحزين، فكأنها حفظت الدرس عن ظهر قلب لتواجدها المستمر في خيمة الاعتصام، لتردد كلمات الجميع، "نريد العيش بكرامة، من خلال راتب والدي وإخوتي الشهداء الذي لم يصلنا منذ 5 سنوات".
وقالت وهي تكفكف دموعها: "أشتاق إلى كلمة بابا، حرمني الاحتلال إياها، فهل أحرم الحياة أيضاً".
لتقاطعها أمها قائلة: "يجب أن يسمع الرئيس صرختنا، فهو رئيسنا ومسوؤل عنا، وعدنا كثيراً بصرف مستحقات الشهداء ولم نرى شيئاً".
ووجهت رسالة للرئيس محمود عباس: "من يكفكف دموع بناتي الأيتام أو يمسح على رأسهم يا سيادة الرئيس".
غادرت القدس دوت كوم خيمة الاعتصام، وما تزال الدموع تسيل من المآقي، والحزن والغضب يسيطران على الوجوه، أما القلوب فتحترق بنار العوز والفاقة، التي اكتوت بها مئات عائلات الشهداء.