مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

أوروبا تهز أرض الرمال

عمال داخل مزارع إسرائيلية بالقرب من مستوطنة مخولا، والتي تعد أول مستوطنة زراعية بالضفة الغربية. القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية

جميل ضبابات - في الصباح الباكر جدا، يصل بضع عشرات من العمال لمزارع الأعشاب الطبية في شمال الغور... ووسط ضجيج الجرارات الزراعية التي يقودها عمال تايلنديون، يبدأ هؤلاء بحش سريع لنبتة الـ'روز ماريا' ذات الرائحة الفواحة، لنقلها بعد ساعات إلى مصانع التغليف قبل التصدير.

وإذا كانت طريق المنتجات الخضراء من الأعشاب الخضراء الهشة مفتوحة إلى الموانئ الإسرائيلية، فإن الأمر يبدو بعد ذلك معقدا جدا حين الوصول إلى الموانىء الأوروبية.

فثمة تقارير بالأرقام تشير إلى بداية في تراجع مؤلم أرباح المستوطنات.

ويحجم العمال وسط حقل الـ'روز ماريا' عن ذكر أي تفاصيل عن طبيعة العمل، أما رب العمل الذي يقود سيارته في محيط المزرعة، فهو مستوطن يقطن في المحيط، في أول مستوطنة زراعية بنيت في الضفة الغربية نهاية الستينيات بعد الاحتلال مباشرة، لتغدو بعد سنوات، واحدة من مراكز الاقتصاد الاستيطاني اليهودي في المنطقة، فالمقاطعة الأوروبية لمنتجات مزارع 'ميخولا' وغيرها في عمق غور الأردن تتجه نحو الذروة.

لكن اليوم الدافئ هنا وسط الحقول لا يشي بأي إشارة لذلك، فالعمال يتابعون أعمالهم بسرعة، والجرارات تنقل الأعشاب نحو مخازن التبريد بكل دقة وحرفية.

وإن كان تفاؤل عميق يسري وسط هذه الحقول الخضراء لدى أرباب العمل المستوطنين بسبب نمو سريع للمزروعات غزيرة الإنتاج، فإن العكس يسير في أوساط المجتمعات الأوروبية التي قررت من قبل حكوماتها فرض قيود مشددة على منتجات المستوطنات، وهو ما عكسته تقارير اقتصادية تشير إلى خسائر كبيرة منيت بها هذه المستوطنات.

هنا في غور الأردن 'ميخولا' التي أخذت اسمها لغويا من أرضها الرملية، هي قلب الاستيطان الزراعي.

ومن مخازنها الكبيرة كانت تخرج عشرات الأطنان من الأعشاب والخضروات والتمور نحو الموائد الأوروبية.

ونقلت وسائل أعلام عن مسؤولين في المستوطنات، خشيتهم من تفاقم الخسائر التي وصلت إلى ٥٠٪ في بعض الأصناف بسبب المقاطعة الأوروبية.

كان الفلسطينيون بدأوا حملة مقاطعة شاملة للبضائع التي تنتجها المستوطنات، لكن تأثيرها لم يكن بالقوة المطلوبة، ولم يشك المستوطنون بشكل موجع إلا من نتائج المقاطعة الأوربية حيث كانت الأسواق مفتوحة تماما لتلك المنتجات طيلة عقود طويلة.

هنا في شوارع ضيقة تقود إلى المستوطنة المعزولة عن المزارع المتشابكة بسياج شائك، لا يشير أي شيء إلى أوروبا غير أصول بعض المستوطنين الذي جلبوا في القرن الماضي ليسكنوا ارض الرمال.

لكن القنوات السياسية في كل من تل أبيب وأوروبا تعمل بكثير من الجهد الإسرائيلي لاستدراك خسائر إضافية قد تصيب رأس حربة الاستيطان على طول الشريط الشرقي للغور، الذي ينتج مختلف الأصناف من الخضار والفاكهة.

بالنسبة للدوائر الرسمية الفلسطينية العين مفتوحة ليس فقط على النتائج الاقتصادية السلبية للمقاطعة على اقتصاد المستوطنات. إنما أيضا يذهبون نحو مرام سياسية أخرى.

'القرار الأوروبي بمقاطعة منتجات المستوطنات له مدلول سياسي. هذا يعني أن هذه الأرض فلسطينية ويجري استغلالها من قبل المستوطنين' قال وزير الزراعة وليد عساف لمراسل 'وفا'.

من نافذة المركبة التي تمر من أمام المستوطنة، المحاذية للمزارع المترامية، لا يبدو أي مدلول سياسي لتكريس الاستيطان في المنطقة التي وضع لها وزير الخارجية الأمريكي إطارا لحل نهائي يبدو مرفوضا من قبل أصحاب الأرض الفلسطينيين والمستغلة من  قبل المستوطنين.

كل شيء يبدو يعكس طابعا اقتصاديا بحتا.. وأيضا عسكريا.

 فالدلالات تشير إلى نمو رقعة الأراضي الزراعية التي تستغلها الكيبوتسات الزراعية دون اقل شأن لما يجري على طاولة المفاوضات.

واقفا إلى جانب مستودع كبير تخزن فيه الأعشاب والخضروات يشير مشغل يهودي إلى مجموعة من العمال لنقل قش متيبس لمنطقه بعيده.

 فالعمل اليومي الظاهري يشير إلى أن كل شيء علي ما يرام.

وقال عساف 'ما يجري من مقاطعة أمر مبشر (...) هذه المستوطنات تزاحمنا على كل شي. على الحياة والأرض والموارد'. في محيط المستوطنة ذاتها، يظهر تداخل معقد أكثر من السياسة، فأحيانا لا يمكن تمييز الأرض التي يستولي عليها المستوطنون، عن تلك التي يفلحها الفلسطينيون.

فكل شيء يبدو في هذا الشريط الغائر في الأرض اكبر من دلالاته الظاهرية، لذلك لا احد يضمن عدم التفاف المستوطنين على القرارات الأوروبية الخاصة بتعليم منتجات المستوطنات بعلامات خاصة في المتاجر الأوروبية.

بالنسبة لعساف، فإن هناك مخاوف من عملية خداع إسرائيلية لأوروبا عبر إنشاء شركات تصدير مزدوجة لتصدير داخل إسرائيل.

على ارض الواقع ليس ذلك مستبعدا.

فثمة داخل المستوطنة ما يثير الشكوك إلى تغيير بعض خصائص الزراعة، ففي حين كتب على الزراعات بأنها عضوية، أمكن في الوقت نفسه مشاهدة عمال يرتدون كمامات تستخدم أثناء رش المواد الكيماوية.

تتراكم صناديق المنتجات الزراعية في ساحة واسعة لمستودع تغليف وتخزين قرب المستوطنة، لكن أيضا يتراكم الرفض في أوساط شعبية أوروبية لرفض كل مخرجات الاستيطان.

'الأوروبي الآن يفضل منتجات غير مصدرة من المستوطنات (..) هذا سيؤدي إلى شمول وتصاعد الحملة وانتشارها جغرافيا (..) قد يؤدي ذلك يوما ما إلى انهيار اقتصاد المستوطنات' قال المحلل الاقتصادي د.جهاد حرب لمراسل 'وفا'.

ويظهر التوتر الإسرائيلي الأوروبي في هذا الاتجاه واضحا هذه الأيام، فثمة ما تشير إليه أوساط إسرائيلية بأن زيارة وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينمر سيناقش مع الإسرائيليين تآكل هذه العلاقة.

وقال حرب 'هناك عزلة سياسية متنامية بسبب الاستيطان. إسرائيل تخسر أصدقاءها الأساسيين في الموضوع الاقتصادي. انظر إلى هولندا وبريطانيا. كانتا من اكبر المستوردين'.

وسط هذه الجنان الخضراء على بعد كيلومترين اثنين من خط الحدود الشرقي الذي يظهر كصاعق تفجير أمام أي تسوية محتلمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لا يبدو واضحا كم ستخسر 'ميخولا' وغيرها من الصد الأوروبي لبضاعتها، لكن المشغلين المستوطنين يراقبون العمال بشغف.

وكأن الاستيطان ذاهب إلى ابعد مدى في توسعه.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024