وتستمر الحياة.. نساء كرزلية في مواجهة سياسة الهدم والتهجير
ارشيف
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عاطف أبو الرب- عند الساعة السادسة صباحاً من يوم الثالث عشر من كانون الثاني للعام 2014، وقف زاهي بني منية على قمة جبلية لمراقبة سير قوات الاحتلال تخوفاً من مداهمة الخربة لهدم بيوتها، وقد لاحظ عدداً من سيارات جيش الاحتلال تزحف نحو بيوت عائلته، فتحرك وبقية أفراد العائلة وبدأوا تفكيك بعض من الخيم والبركسات قبل أن تصل هذه القوات، على أمل أن تسلم هذه الخيم من اعتداء جديد على الخربة.
دقائق مرت تمكن الأهالي فيها من تفكيك بعض المنشآت على بساطتها، وأبعدوها عن أعين الاحتلال، إلا أن الاحتلال جاء مصمماً على تدمير ما تبقى من مستلزمات الحياة، فعمد إلى هدم ست خيم حصلت عليها العائلات من الصليب الأحمر، فقام جنود الاحتلال بتفكيكها ومصادرتها. وسلم الاحتلال أصحاب هذه الخيم إقراراً بمصادرة هذه الخيم. إلى هنا الأمر يبدو طبيعياً، فهذه شيمة الاحتلال. فقد سبق ان هدمت سلطات الاحتلال قبل خمسة أيام كل ممتلكات أهالي كرزلية. الأمر الاستثنائي إرادة الحياة لدى أصحاب هذه البيوت.
وصباح أمس قام الشاب صلاح زهير بنصب بعض الأسلاك الشائكة مع أخوانه وأبناء عمومته، وتم حصر الخراف الصغيرة داخل هذه الأسلاك، لحمايتها من الأخطار، فيما انطلق قطيع الأغنام للمرعى بشكل طبيعي. عاد صلاح وتفقد مقتنيات أسرته، وأعد مقلى من البندورة، ووقف وحضر الطعام، وأخرج كيساً من خبز الطابون من بين الأنقاض، ودعا والده وأعمامه لتناول الإفطار، وقال ضاحكاً: الحياة بدها تستمر، الواحد مات من الجوع. وتحلق ستة رجال تقاسموا ما يسر الله لهم من طعام، وبعدها انتشروا كل يعمل فيما أوكل له من مهمات لإعادة الحياة للمكان.
وفي تلك الاثناء جلست المواطنة ام يحيى على مقعد من جذع شجرة، أمامها ألواح خشبية مليئة بأقراص الجبن البيضاء، وبدأت ترتيبها في مكانها، ولكن بحذر، وقبل أن تضع أقراص الجبن في الوعاء المخصص تتفقدها بحذر، وتقول: بلاش يكون على الجبن غبار، العين اللي تأكل»، وتؤكد انها ستواصل حياتها بشكل طبيعي، ورغم صعوبة الوضع دون بيت، إلا أنها أعدت الخبز والطعام، وانتهت من صناعة الجبن، وتنتظر بعض الوقت لتعيد مع عائلتها نصب خيمة من مخلفات الهدم، وتؤكد أن قرار العائلة البقاء في كرزلية، ومواصلة حياتهم بشكل طبيعي.
واشعلت أم بكر الموقدة واعدت الخبز رغم الدمار، جلست خلف الموقدة تنفث على النار، ودموعها من تتساقط على وجهها بفعل الدخان المتصاعد من الحطب، ولم تتوقف عن إطلاق عبارات الأسى على فقدان الطابون، حيث قالت: «كان مريحني من النار والدخنة، ربنا يلعنهم هدموه ولم يسلم من اعتدائهم».
الطفلة سجود هزاع تتنقل بين الركام، وعندما يسألها أحد من أخوتها أو أبناء عمومتها عما فعل الاحتلال، فتقول: «هدوا العريشة، وهدوا الطابون، وقطعوا المياه...» وتضيف: «إحنا بدنا نظل هون». ثم تنطلق ببراءة تنبش تحت الركام، وإذا حالفها الحظ وعثرت على أي من مقتنياتها تصيح فرحاً، فيملأ صوتها الجبال، ليرتد صدى الصوت محدثاً نغماً يكسر صمت المكان.
وقال الشيخ عطية بني منيه: منذ وقت هدم الاحتلال لي بيتاً في خربة الطويل، وقد حصلت على وعد من الوزير الكوني بمساعدتي، وقبل خمسة أيام هدم الاحتلال كل ما أملك أنا وأخواني زاهي وزهير، واليوم عاد الاحتلال وصادر عدداً من الخيم، وتركنا في العراء. وأضاف: نحن مصرون على البقاء هنا، ولكننا بحاجة لمن يؤازرنا، فقد أخذ الاحتلال الخيم المقدمة من الصليب الأحمر، ولا ندري إن كان الصليب سيقدم لنا مرة أخرى أم لا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى هددنا الاحتلال بمصادرة سيارات ومعدات أخرى إذا بقينا هنا. وقال ما نريده أن نجد من يؤازرنا ويعزز من صمودنا، فنحن نملك الإرادة، واعتقد أن الأغوار أصبحت هدفاً للاحتلال، وعلى المسؤولين في سلطتنا مواجهة هذا الاستهداف. ووجه دعوة باسمه واسم اخوانه للوزير الكوني والوزراء المعنيين لزيارة خربة كرزلية، وبحث سبل مواجهة الاحتلال.
zaعاطف أبو الرب- عند الساعة السادسة صباحاً من يوم الثالث عشر من كانون الثاني للعام 2014، وقف زاهي بني منية على قمة جبلية لمراقبة سير قوات الاحتلال تخوفاً من مداهمة الخربة لهدم بيوتها، وقد لاحظ عدداً من سيارات جيش الاحتلال تزحف نحو بيوت عائلته، فتحرك وبقية أفراد العائلة وبدأوا تفكيك بعض من الخيم والبركسات قبل أن تصل هذه القوات، على أمل أن تسلم هذه الخيم من اعتداء جديد على الخربة.
دقائق مرت تمكن الأهالي فيها من تفكيك بعض المنشآت على بساطتها، وأبعدوها عن أعين الاحتلال، إلا أن الاحتلال جاء مصمماً على تدمير ما تبقى من مستلزمات الحياة، فعمد إلى هدم ست خيم حصلت عليها العائلات من الصليب الأحمر، فقام جنود الاحتلال بتفكيكها ومصادرتها. وسلم الاحتلال أصحاب هذه الخيم إقراراً بمصادرة هذه الخيم. إلى هنا الأمر يبدو طبيعياً، فهذه شيمة الاحتلال. فقد سبق ان هدمت سلطات الاحتلال قبل خمسة أيام كل ممتلكات أهالي كرزلية. الأمر الاستثنائي إرادة الحياة لدى أصحاب هذه البيوت.
وصباح أمس قام الشاب صلاح زهير بنصب بعض الأسلاك الشائكة مع أخوانه وأبناء عمومته، وتم حصر الخراف الصغيرة داخل هذه الأسلاك، لحمايتها من الأخطار، فيما انطلق قطيع الأغنام للمرعى بشكل طبيعي. عاد صلاح وتفقد مقتنيات أسرته، وأعد مقلى من البندورة، ووقف وحضر الطعام، وأخرج كيساً من خبز الطابون من بين الأنقاض، ودعا والده وأعمامه لتناول الإفطار، وقال ضاحكاً: الحياة بدها تستمر، الواحد مات من الجوع. وتحلق ستة رجال تقاسموا ما يسر الله لهم من طعام، وبعدها انتشروا كل يعمل فيما أوكل له من مهمات لإعادة الحياة للمكان.
وفي تلك الاثناء جلست المواطنة ام يحيى على مقعد من جذع شجرة، أمامها ألواح خشبية مليئة بأقراص الجبن البيضاء، وبدأت ترتيبها في مكانها، ولكن بحذر، وقبل أن تضع أقراص الجبن في الوعاء المخصص تتفقدها بحذر، وتقول: بلاش يكون على الجبن غبار، العين اللي تأكل»، وتؤكد انها ستواصل حياتها بشكل طبيعي، ورغم صعوبة الوضع دون بيت، إلا أنها أعدت الخبز والطعام، وانتهت من صناعة الجبن، وتنتظر بعض الوقت لتعيد مع عائلتها نصب خيمة من مخلفات الهدم، وتؤكد أن قرار العائلة البقاء في كرزلية، ومواصلة حياتهم بشكل طبيعي.
واشعلت أم بكر الموقدة واعدت الخبز رغم الدمار، جلست خلف الموقدة تنفث على النار، ودموعها من تتساقط على وجهها بفعل الدخان المتصاعد من الحطب، ولم تتوقف عن إطلاق عبارات الأسى على فقدان الطابون، حيث قالت: «كان مريحني من النار والدخنة، ربنا يلعنهم هدموه ولم يسلم من اعتدائهم».
الطفلة سجود هزاع تتنقل بين الركام، وعندما يسألها أحد من أخوتها أو أبناء عمومتها عما فعل الاحتلال، فتقول: «هدوا العريشة، وهدوا الطابون، وقطعوا المياه...» وتضيف: «إحنا بدنا نظل هون». ثم تنطلق ببراءة تنبش تحت الركام، وإذا حالفها الحظ وعثرت على أي من مقتنياتها تصيح فرحاً، فيملأ صوتها الجبال، ليرتد صدى الصوت محدثاً نغماً يكسر صمت المكان.
وقال الشيخ عطية بني منيه: منذ وقت هدم الاحتلال لي بيتاً في خربة الطويل، وقد حصلت على وعد من الوزير الكوني بمساعدتي، وقبل خمسة أيام هدم الاحتلال كل ما أملك أنا وأخواني زاهي وزهير، واليوم عاد الاحتلال وصادر عدداً من الخيم، وتركنا في العراء. وأضاف: نحن مصرون على البقاء هنا، ولكننا بحاجة لمن يؤازرنا، فقد أخذ الاحتلال الخيم المقدمة من الصليب الأحمر، ولا ندري إن كان الصليب سيقدم لنا مرة أخرى أم لا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى هددنا الاحتلال بمصادرة سيارات ومعدات أخرى إذا بقينا هنا. وقال ما نريده أن نجد من يؤازرنا ويعزز من صمودنا، فنحن نملك الإرادة، واعتقد أن الأغوار أصبحت هدفاً للاحتلال، وعلى المسؤولين في سلطتنا مواجهة هذا الاستهداف. ووجه دعوة باسمه واسم اخوانه للوزير الكوني والوزراء المعنيين لزيارة خربة كرزلية، وبحث سبل مواجهة الاحتلال.