صناع قرار يجمعون على أهمية وجود قانون ينظم عملية التنمية
أجمع وزراء ووكلاء وزارات وأكاديميون، على أهمية وجود قانون ينظم عملية التنمية والتخطيط التنموي في فلسطين، وأن عملية التخطيط للتنمية تعاني من الشرذمة ومن تعدد الأطراف المشاركة، وأن هناك حاجة حقيقية لإعادة النظر بالتخطيط المكاني.
واعتبروا أن الدراسة التي نوقشت اليوم الأربعاء، في معهد الدراسات الاقتصادية 'ماس' بعنوان' إطار قانوني للتخطيط التنموي الفلسطيني'، بداية لنقاش وحتى لو لم يتفق المشاركون (أربعة وزراء تخطيط سابقون وثلاثة وزراء في الحكومة الحالية) في هذه الورشة على رؤية موحدة.
وأوصت الدراسة التي أعدها وقام بعرضها مدير عام 'ماس' نبيل قسيس باتباع نهج التخطيط التنموي الإقليمي اللامركزي كونه الأكثر وعدا بتحقيق أهداف التنمية منبهة إلى تعقيداته وخطورة محاولة تطبيقه دون تحضير وجاهزية كافية.
وأكدت الدراسة ضرورة التدرج في الانتقال من منهج التخطيط الوطني المركزي المعمول به حاليا إلى منهج التخطيط الوطني الإقليمي اللامركزي.
وأوصت بسن قانون ينص على صلاحيات واضحة للمؤسسة التي ستقوم بإدارة عملية التخطيط، وأن يقتصر دورها على قيادة عملية إعداد الخطة التنموية ومتابعة تنفيذها، بشرط أن تكون مزودة بصلاحيات تمكنها من متابعة وتنسيق إعداد وتنفيذ الخطط في الوزارات والمؤسسات المختلفة، سواء على المستوى المركزي أو المحلي.
وشددت الدراسة على أهمية أن يحتوي الإطار القانوني للتخطيط الفلسطيني على الآليات التي بإمكانها أن تستمر لفترة طويلة إلى أن تنضج، مع تأكيد عنصر الإرادة السياسية.
وبينت أن الإطار القانوني المقترح هو دليل عام للإفادة منه في صياغة القانون من قبل المختصين في الصياغات القانونية، وتقترح الانتقال من التخطيط الوطني المركزي الخالص إلى التخطيط الوطني/ الإقليمي المركزي (أي الوطني مع تركيز خاص على الأقاليم، حيث تلعب الأقاليم الدور الرئيسي في التخطيط لتنميتها وبالتالي لتنمية البلد ككل'.
وذكرت الدراسة أن هذا النموذج نموذج خاص بدولة فلسطين، وتراه محكوما بالظرف، فدولة فلسطين حاليا تحت الاحتلال، وبالتالي نحتاج إلى قدر لا بأس به من المركزية لترسيخ الحكم حتى بعد جلاء المحتل.
وأيضا هناك الفصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا يتطلب قدرا من اللامركزية، ولكن هذا يجب التعامل معه بحرص بحيث لا يقسم البلد سياسيا.
وتقترح الدراسة لتنفيذ هذه الخطة أربعة أقاليم تنموية (تصبح في نهاية المطاف أقاليم إدارية أيضا ولكن ليس تحت ظرف الاحتلال) تتساوى في التعامل معها تنمويا.
وقالت الدراسة إن النموذج المتدرج الذي تقترحه الدراسة يشكل تحديا في التطبيق العملي، وإحدى العقد الأساسية فيه هي تخصيص الموارد المالية وتفويض صلاحيات مالية، ولا يشكل ذلك عقدة غير قابلة للحل إذا ما توفرت القناعة بضرورة خوض التجربة والاستفادة من تجارب عرضتها الدراسة.
وطالبت الدراسة أن يصاحب ذلك عملية تربوية شاملة، تهدف إلى بناء مجتمع له تطلعات عالية، وقادر على تنظيم نفسه (من خلال مجتمع مدني نشط وفاعل)، وضبط أدائه على إيقاع المصلحة الوطنية العليا.
واعتبر وزير التخطيط السابق علي الجرباوي الدراسة مهمة، لأن عملية التنمية في فلسطين تعاني من شرذمة هائلة ومن تعدد الأطراف المشاركة فيها، مشيرا إلى أن المانحين والمتلقين يتحملون المسؤولية.
وبرأ وزارة التخطيط من المسؤولية عن هذا الوضع، لأنها تعمل في غياب قانون ينظم عملها، وما زالت تبحث عن موقعها وصلاحياتها، وهي أيضا تتنافس وتتنازع مع مؤسسات حكومية ومع القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وقال الجرباوي: 'الورقة تقدم تصورا لكيفية تخطي العوائق الذاتية في مجال التنمية، لكنها معقدة في تركيبتها، وإن التخطيط على أساس الإقليم يحتاج إلى قدرات، ونحن في التخطيط المركزي نعاني من ضعف القدرات، ونحتاج إلى قدرات للوصول إلى هذه المرحلة من التخطيط على أساس الإقليم، ومن دون وعي وثقافة بهذا الموضوع تشعل الصيغة المطروحة تنافسا بين الأقاليم، ويمكن أن يستغل التخطيط الإقليمي لمصلحة فئات محددة.
وحول وجود جسم لإدارة عملية التخطيط، أعرب الجرباوي عن اعتقاده بأن الوزارة هي بالاسم مسؤولة بالفعل وغير قادرة على ضبط هذه العملية، منتقدا التركيبة المعقدة التي اقترحتها الورقة لاستحداث مؤسسة تخطيط متخصصة لإعداد الخطط ومتابعتها، مقترحا بقاء وزارة التخطيط مع صياغة قانون لعملها ويمكن أن تكون وزارة دولة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء مباشرة.
واتفقت وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات صفاء ناصر الدين مع النقاط التي طرحها الجرباوي وأهمها موضوع المانحين.
وقال وزير التخطيط الأسبق سمير أبو عيشة إن الدراسة أظهرت بوضوح العلاقة بين التخطيط الوطني والإقليمي، ويمكن لنا الاستفادة من تجربة صندوق البلديات، حيث تم بناء خطط إستراتجية تتناغم مع قدرة المجالس المحلية والبلدية.
ودعا إلى ربط الخطط التنموية المحلية والإقليمية وأيضا ربطها بصورة قطاعية، كذلك ربط التخطيط بالموازنة العامة، ومصادقة المجلس التشريعي بعد عودته للحياة على الخطط الاستراتيجية التنموية، مع إعادة النظر بعدد المحافظات.
وتساءل وزير الاقتصاد جواد ناجي: هل مارسنا التخطيط المركزي؟ وهل مارسنا التخطيط بالمعنى الصحيح؟ كنا دائما ارتجالين، ليس المهم التخطيط من الأسفل إلى الأعلى أو العكس، لم ألمس حتى اللحظة أي خطة تنمية شملت بعض المشاريع السيادية والتي تشكل المدخل الأساسي لعملية التنمية خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الرأسمالية.
واعترض على تحميل صناع القرار السياسي المسؤولية، لأن الفنيين لم يصلوا إلى النموذج الأمثل لعرضه عليهم وإقناعهم به.
وأعرب وزير النقل والواصلات نبيل الضميدي عن اعتقاده بأن أهم قضية في عملية التنمية القائمة على اللامركزية تتطلب الاتفاق على مساحات الإقليم، مطالبا بإعادة النظر بالتخطيط لفلسطين، وبناء المخطط لكل إقليم على أن يخرج بقانون، ويجب أن تكون هناك نظرة سياسية شاملة لتخطيطنا تبدأ من فكرة السيطرة والسيادة على الأرض.