'-يقدم تفكيكا دقيقا للتحول بين خطابي الإخوان والجزيرة ... من سلطة الخطاب إلى خطاب السلطة' كتاب جديد لوليد الشرفا
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، كتابا جديدا للمحاضر في كلية الإعلام بجامعة بيرزيت وليد الشرفا، بعنوان 'من سلطة الخطاب إلى خطاب السلطة'.
ويتناول الكتاب عملية تفكيك دقيقة للتحول بين خطابي الإخوان والجزيرة فيما بات يطلق عليه الربيع العربي.
ويرى الكاتب أن قناة الجزيرة والإخوان مارسا عملية استبدال دقيقة ومعقدة في مخاطبة الرأي العام وبنائه، باعتبار أن التحولات الهائلة في خطابي الطرفين لم تكن إلا حتميات ضرورية لإنشاء فعل التحرر والإيهام بالثبات، لتشكيل أغلبية في الرأي العام العربي، وعملية الإقناع هذه اتخذت أشكالا معقدة بداية من النصوص الكبرى عند الإخوان وليس انتهاء بالأخبار والصور والتعليقات والبرامج الدينية والسياسية والحوارية.
وعقب مدير المركز العالم العربي للبحوث والتنمية 'اوراد' نادر سعيد، على منهج الكتاب بالقول: 'إن المنهج الذي يتبناه هذا الكتاب يفتت جلمود الصخر وينثر هواءه في الغبار، فيصبح الخطاب محدودا في حبس ايدولوجيا أحادية الحق، لا يتجاوز نقطة معينة'.
وأضاف: 'من هنا يصبح دور الإعلام أبعد ما يكون عن إنتاج الاختلاف والتحفيز على التفكير النقدي والإرجاء للأحكام المتسرعة وأقرب إلى إنتاج الصراع والتثوير'.
ويشتمل الكتاب على ستة فصول أساسية، يطرح الفصل الأول قضية استبدال المرجعيات في خطاب الإخوان المسلمين، بعد ما أطلق عيه الربيع العربي، حيث شحن الخطاب بطاقة تأويلية اقناعية حادة تعتمد على الثنائيات الضدية التي قدم خطاب الإخوان نفسه على أنه القادر على تمثيلها، بداية من تطبيق الشريعة إلى تطبيق الديمقراطية.
وتناقش الفصول الثلاثة اللاحقة خطاب التحول عند حركة حماس باعتبارها أيقونة الإخوان والجزيرة، وهذا التحول الذي دفع بحماس من مطلق المقاومة إلى مطلق السلطة، وما تبعه ذلك من تحول في الميثاق الذي بنا حركة حماس بصفتها ممثلة لمطلق الإسلام القادرة على إعطاء البعد الإسلامي لأي سلوك تتصرفه على الأرض، من حيث السيطرة المسلحة على غزة والهدنة مع إسرائيل وما رافقها من اشتباكات وعمليات قتل، وكيف كانت قناة الجزيرة المأطر من خلال تقنيات تغطيتها للعمليات المسلحة وللسيطرة العسكرية على غزة وللهدنة.
وفي الفصل الخامس يتابع الكتاب تفكيكه لتسارع الأحداث العربية وطرق تحليلها وتغطيتها، إذ كيف أعيد إنتاج الأخبار والأحداث بما يخدم النموذج المصمم قبل عملية البث وفيه تركيز على عناصر الأدرمة التي حكمت تغطية القناة للأحداث العربية ولأحداث وثائق 'ويكيلكس' وللحراك الفلسطيني، وفيه نقد للمركزية الإعلامية التي باتت تنتج القمع المضاد لا تهاجم ثقافة القمع، بقدر ما تنتج سياقات تبرز قامعا نزيها وقامعا مشبوها، حسب تحالفات المصلحة واستبدالها.
أما الفصل الأخير، فقد تركز على الملف المصري ضمن خطين متوازيين: تحول الإخوان وتحول الجزيرة نفسها، في تغطية الأحداث، ويحلل هذا الفصل التحول في خطاب الإخوان من نص سيد قطب إلى فتاوى الشيخ القرضاوي من خلال اعتباره برنامج الشريعة والحياة نصا جماهيريا يعيد إنتاج الإخوان المسلمين بصفتهم جماعة الحق في مصر وسوريا وفلسطين وتونس وغيرها، وهو تحول يصل إلى حد التناقض مع الخطاب الذي أسسه سيد قطب، حيث الانتقال من الهجوم على المجتمع المدني إلى تقديسه ومن ثم تدنيسه.
ومن خلال تقنية استبدال المطلق بالسياق، المطلق النصي والسياق الإعلامي، في استغلال رهيب لعناصر صناعة المعنى تمهيدا لاستمالة الرأي العام، وفق قاعدة القدرة على إبطال السلطة عندما يكون الإخوان في موقع المعارضة المقدسة دينيا ووطنيا من خلال العلاقة مع الآخر، والقدرة على إبطال المعارضة عندما يكون الإخوان في مركز السلطة، حيث القدرة على إنتاج التوصيف نفسه مع انقلاب الدور.
يذكر أن الشرفا هو أستاذ الإعلام والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، حاصل على الدكتوراه في تحليل الخطاب، أصدر ثلاث روايات آخرها (القادم من القيامة) التي صدرت عن المؤسسة العربية عام 2013، وتم ترشيحها لجائزة البوكر، إضافة إلى عدد من الأبحاث في السرد والصورة.
ـــ