كاتبة إسرائيلية: ضحايا شارون أكثر من قتلى "الأسرى المحررين"
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
أعربت الصحافية الإسرائيلية اليسارية "عميرة هاس"، عن استغرابها الشديد من الاتهامات الإسرائيلية التي يُطلقها مسؤولون إسرائيليون ضد السلطة الفلسطينية حول "التحريض ودعم الإرهاب" بسبب احتفالات استقبال الأسرى المحررين.
وقالت في مقالة لها نشرت على صحيفة هآرتس، أمس الأول الخميس، "أنه حينما يُودع الفلسطينيون أبطالهم بدرجة 1 على ألف مقارنة بالاحتفال الرسمي الذي اقيم عقب وفاة شارون، يتم اتهام الفلسطينيين بالتحريض ودعم الإرهاب، لكن في الحقيقة إن عدد المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلهم شارون يزيد عن عدد الإسرائيليين الذين قتلهم كل المفرج عنهم (الأسرى المحررين) في صفقة شاليط والذين أفرج عنهم جون كيري مؤخرا.
وأضافت "أخلى شارون عددا من المستعمرات بدعوى الرؤيا السامية وهي بالأساس (كانتونات فلسطينية)، ومن المخيب للآمال سقوط معارضي الاحتلال مرة أخرى كما في السنوات الأولى من مسيرة أوسلو في شرك التصور الخطي، فكما ابتهجوا لإخراج الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية ونشره حولها، استنتجوا في 2005 أيضا أنه يوجد خط مباشر بين إخلاء عدد قليل من المستوطنات وإخلاءات أخرى لها".
وتابعت متسائلة: "لم يتردد شارون بالتضحية بحياة جنود يهود في حرب ضد نظام جديد في لبنان، فلماذا يحجم عن المس بمشاعر بضعة آلاف من المستوطنين من أجل مئات آلاف المستوطنين في الضفة والقدس؟ وقد صاغت إسرائيل بمبادرة منها بموازاة الاستعدادات من طرف واحد لتفكيك مستوطنات القطاع، صاغت منظومة الشوارع المزدوجة والمستقلة في الضفة. وسمي ذلك "اتصال مواصلاتي" وهو معروف أيضا بالاسم المغسول "نسيج حياة". وهي منظومة طرق وانعطافات وجسور وأنفاق تُبعد أبناء البلاد الفلسطينيين عن الشوارع السريعة بين "الكتل الاستيطانية" المتوسعة واسرائيل، وتصل بين الجيوب الفلسطينية من جهة "المواصلات".
وأشارت هاس في مقالتها إلى فكرة الرئيس الإسرائيلي الحالي "شيمعون بيرس" في سبعينيات القرن الماضي بإنشاء شبكة شوارع تربط إسرائيل، وكيف قاوم الفلسطينيون تلك الخطة التي تلتهم أراضيهم في المحاكم في ثمانينات القرن الماضي.
ونقلت عن السياسي الإسرائيلي "آفي بريمور" المعروف بقربه من شارون، قوله: "الاهتمام الكبير الذي أظهره شارون خلال حكمه لإسرائيل بالكانتونات، ويقول إن الذي استهوى شارون هو كيفية عمل ما يشبه الدول المستقلة التي سيطرت عليها جنوب أفريقيا وكان مواطنوها مُسَجلون بصفة السكن "وراء الحدود".
وتابع بريمور: "شارون كان يفكر بنا، في حال منح الفلسطينيين دولة، فإن 60% من مساحة الأرض ستقسم بحيث يُحاط كل قسم بمنطقة إسرائيلية يتم من خلال السيطرة على الدخول والخروج، لكنه شارون طور فقط خطة الفصل والتمييز العنصري التي دفع بها بيرس واسحاق رابين وباراك إلى الأمام بصورة مستقلة برعاية اعتبارهم ساسة سلام".
وترى الصحافية هاس، بإخلاء شارون القطاع من طرف واحد، بأنه ضربة قاتلة إلى واحدة من المادتين الايجابيتين الوحيدتين في اتفاق أوسلو، وهي أن القطاع والضفة الغربية وحدة واحدة، وأن شارون أظهر بذلك أنه لا حدود لقوة إسرائيل البيروقراطية – التكنولوجية لأنه يمكن أن يحكم القطاع بالتحكم به من بعيد، وبقرارات شديدة الوطء كمنع الغزيين من العمل في إسرائيل وقطعهم عن سكان الضفة، والسيطرة على القيادة الفلسطينية بإضعافها وإساءة حالها لتصبح مستجدية، وأن يُطلب إليها في موازاة ذلك أن تضل مقاولة ثانية للـ "الشاباك" والجيش الإسرائيلي وإلا عوقبت وأن تحظى بتصفيق الولايات المتحدة أيضا.
وتختتم هاس مقالها بالقول: "لم يكن ذلك تحول شارون بل كان مواصلة طبيعية لإستراتيجية إسرائيلية مؤمنة بالقوة طورها أصدقائه – خصومه في حزب العمل، وقد جبت وستظل تجبي ثمنا من الدماء كبيرا مؤلما من الشعبين اللذين يعيشان في الأرض الكاملة".