مشاهد حزينة .. عالقة - عطا الله شاهين
أتذكرين ذات مساء قُلتِ لي : لم يعد الوطن وطنا وبقاياه تضيع.. ونحن نحترف الفرجة على اغتصاب شجرة زيتون في تلَّةٍ تعانق برد كانون.. كنت لحظتها تهمسين في أذني نغمات حزينة لمشاهد ما زالت عالقة في ذاكرة تصرخ ألما. لا تقتحمينني هذه الليلة بعنفوانك المتمرد ، لأنني حزين لموت أطفال في مخيم تحاصره مجموعات مرتزقة فقدوا إنسانيتهم على مذبح السلطة. الجوع هناك يمزّق الأحياء ، وسياسيون ينعمون بأكل لذيذ في فنادق الفرنجة، ويتآمرون على بعضهم لقتل الأبرياء.. ونحن ما زلنا نشاهد صورا ولا نحرك ساكنا. أنت الآن تبحثين عن الحزن العالق في وجدان يتألم، ولكنه لا يقبل أن يستمر بلا صراخ .. بلا حركة.. بلا تمرد.. لأنني سأصرخ إلى السماء لمناداة ربي، لماذا كل هذه الأفعال ألأجل السلطة . همساتك هذه الليلة عنيفة وفيها صوت حزين يتألم، ولكنها تتمرد وتحكي حكايات حب في زمن خلا.. أنت الآن لا تشتقين إلى صورتي هكذا عابسا.. لا تقتربي مني هذا المساء ، لأن المشاهد ما زالت عالقة في ذاكرتي.. مشاهد الجوع لأطفالٍ يموتون في شوارعٍ تحت قصف وحشي.. مشاهد دمار لبيوت فقيرة على مرمى دول تلعب بالنقود وتنعم برغد العيش.. مشاهد اغتصاب لأشجار الزيتون في ارض محتلة .. مشاهد اعتقال أطفال في جو بارد.. لا أريد أن أكمل بقية المشاهد لأنها ستزيدني حزنا دون أن افعل شيئا . الحزن هكذا بلا حراك ربما سأتخيل أني غارق في ألمي الذي لا يريد الخروج من ذاكرة تبكي، علقت بها صورا ما زالت تعكس وحشية الإنسان، حينما يصبح طامعا للمال ويقتل بل رحمة .
ha