جمالية الفن الفلسطيني - سعدات بهجت عمر
رحم الله الرئيس ابو عمار الذي اعلن و اكد منذ بداية انطلاقة الثورة الفلسطينية ان ريشة الفنان هي احدى الوسائل النضالية لقيام الثورة الفلسطينية الى جانب بندقية المقاتل و معول الفلاح و مبضع الجراح ، و من هنا نقتبس المعنى الحقيقي للفن الفلسطيني انه جملة الاعمال الفنية التي ابتدعها سكان فلسطين من اهل الجبل و السهل و الساحل و البيداء جسدت محاكاة التعابير و الحركات الجسدية للطبيعة ،ومن ثم تطورت لتصبح اقساما عديدة مختلفة مثل الادب و الموسيقى و الغناء و المسرح و النحث و التصوير و السينما و العمارة و النزعات الكلاسيكية و الرومانسية .و كذلك الواقعية النقدية .
و عند دراسة مختلف هذه العناصر و الاجناس نجد انها وسيلة لوجود صور فنية فلوكلورية فلسطينية لمختلف ظواهر الطبيعة فلسطين بالاضافة الى الصور الذهنية الخيالية.
و من الناحية البنائية يشكل العمل الفني الفلسطيني وحدة الصورة الفنية و المادة التي صنعت منها، و الصورة الفنية هنا هي اساس العمل الفني ،وتعبر عن مختلف الاحاسيس والجوانب الاخرى من العالم الروحي ،وعالمان الفلسطيني الروحي زاخر بكل تراثه بالفن و يعبر هذا الفن عن مختلف احاسيس الطبيعة الاجتماعية من اخلاق و سياسة و ثورة ،وينقل هذا الفن الارادة الفلسطينية لتحقيق المصالح الوطنية و الوحدوية و بلوغ المآرب و الاهداف كالقناعة و العزم و الثقة بالذات او الهزيمة والتردد و التشاؤم و ضعف الارادة ,و ما ينتج عنهم من تألف و محبة او من تباعد و خلاف عندها يتلقى الفنان الفلسطيني عواطف شعبه التي تعكس في وعيه احاسيسهم و بدوره يعيد تكوينها بصورة تعاطف.
من هنا فان جميع الاعمال الفلنية الفلسطينية الممهورة و المخضبة بالدم و بفلسطين تاريخا و تراثا لا بد و ان تكون ذات قدرة تشكيلية و تعبيرية ،وان الصورة الفنية هي عض تعبيري لظواهر واقعية .
اما موضوع الانعكاس في الفن المسرحي الفلسطيني فانه يجسد الالم و الماساة و الامل معا من خلال ادارة لممثلين الذين حملوا لواء الاحاسيس و الطباع باعادة تكوينها من خلال عملية التطور والانبثاق المستمر لاتجاهات الاتداد الى الماضي او التطلع الى المستثبل على نحو متسارع ام متباطيء مقارنة مع الزمان الديموغرافي ،والتوجيه الفكري للفن الفلسطيني يرتهن بما يسمى وجهة النظر في الفن ،وان كل ما يصوره العمل الفني الفلسطيني و يعبّر عنه ان هو الا نتيجة تلقّي و معاناة و تفهّم فنانينا للواقع و تحويل ما تلقاه في مخيلته الابداعية من خلال و ضع حاملها و انفعالاته في الزمان و المكان الفنيين او من خلال اعطاء تقييم فعّال من مواقع محددة لكل ما يصوّره العمل الفني و يعبّر عنه .
نستخلص مما عُرض ان جميع الاعمال الفنية كانت و ما زالت تعكس الواقع الفلسطيني في صورة فنية رائعة ،وان لهذه الاعمال الفنية خصائص متنوعة تتجسد على نحو ساطع بفضل وحدة شكلها و مضمونها اي التنظيم وترابط عناصرها و اجزائها على نحو يتيح امكاية اظهار بنية معينة و منظومة اخلاقية .وهذا يؤكد ان العمل الفني الفلسطيني ككل هو وحدة جمالية بين المادة و الصورة الفنية .وعند قراءةتنا لمسيرة ابو عمار نرى كيف كان للصورة الفنية الفلسطينية الاثر الكبير في بنيته الثورية .و للعمل الفني في هذه البنية يعطينا تعريفه و معناه كقيمة جملية غنّاء قادرة على تلبية المتطلبات الجمالية الفلسطينية التربوية .
ان الكاتب الفني الفلسطيني يسجّل مذكراته و يومياته ما يشبه الملفات عن الاشخاص الذين استمدّ منهم شخصيات عمله الفني ،ويورد نماذج من لهجاتهم و حركاتهم ،ولابد من التأكيد على ان العمل الفني الفلسطيني هو ثمرة استيعاب الفنان للواقع و تأويله بصورة مبدعة .
اما الجمهور الفلسطيني و العربي بطبيعة الحال ليس مجرد حشد من الناس بل ائتلاف معيّن يوحّده بالدرجة الاولى موقف مشترك من الفن و بالتحديد المصلحة المشتركة حيث يبرز هنا كقوة موجهة.