رغم ارتفاع أسعارها.. السجائر المستوردة ما زالت تجذب المدخنين
محمد عواد - رغم ارتفاع سعر السجائر المستوردة في الآونة الأخيرة، إلا أن شريحة كبيرة من المدخنين تواصل الإقبال عليها، ولم تنخفض معدلات التدخين، بل إن كثيرين يفضلون المستوردة على غيرها من السجائر المحلية أو الملفوفة يدويا، رغم انخفاض أسعارها نسبيا.
ويبرر مدخنو السجائر المستوردة ذات الأسعار العالية، الإقبال عليها بأن المحلية إما أن طرق تصنيعها بدائية أو أنها لا تحمل أية محاذير صحية ولا تخضع لأي شكل من أشكال الأنظمة الرقابية التي تسري على السجائر القانونية، رغم ارتفاع أسعارها بسبب ارتفاع الجمارك على السجائر.
ساري ومحمد وفرح، لا يعرفون بعضهم ولم يلتقوا سابقا، لكن جمعهم عامل مشترك واحد، وهو الإقبال على شراء علب السجائر المستوردة وعزوفهم كليا عن التبغ المحل، رغم أن فارق السعر بين علب السجائر المستوردة والمحلية كبير.
ساري مصطفى (27 عاما) من سكان رام الله، قال 'أدخن منذ الثانوية وحتى الآن، ولم أترك التدخين ولا أفكر في ذلك، كما أني لم أغير أيضاً النوع الذي أدخنه، ورغم ارتفاع سعر علبة السجائر التي أدخنها كثيرا، إلا أنني لا أستطيع التغيير. تعودت على النوعية التي أدخنها، ولا أستطيع استبدالها بأخرى، حتى ولو كانت أقل ثمناً، فقد أصبح الأمر بالنسبة لي روتينيا أن أشتري علبة يوميا، مهما ارتفع ثمنها'.
وحول عدم توجهه للسجائر المحلية، أضاف مصطفى: عند ارتفاع سعر السجائر المستوردة في السنوات ا الأخيرة، توجه العديد من الأشخاص إلى التبغ المحلي أو 'اللف'. لا أنكر أنني جربته في محاولة مني للتحول إليه كونه أرخص ثمنا، إلا أنني لم أستطع إكمال سيجارة واحدة منه. مذاقه سيء وشعرت بالاختناق وكأن أحدا ضربني على صدري.
وأشار إلى أن المحلي والذي يسمى أيضا 'العربي'، يترك رائحة كريهة على الجسم، وينفر الآخرين، وقال: لطبيعة عملي في محل أقمشة وخيوط أختلط كثيرا مع الناس، خاصة النساء، ومن غير اللائق أن تفوح مني رائحة كالتي تخرج من التبغ المحلي.
من جهته، قال محمد أبو السعدي (25 عاما)، من قرية دير دبوان شرق رام الله، 'لو وصل سعر علبة السجائر المستوردة التي أدخنا إلى 100 شيقل سأشتريها. لا أستطيع ترك التدخين، لكن استطعت أن أخفف من علبتين يوميا إلى علبة واحدة'.
وأضاف: ' أعرف أن التدخين بأنواعه يسبب أمراضا للإنسان، لكن برأيي يبقى المستورد أفضل من المحلي، لأنه يخضع للرقابة والفحص ليس في فلسطين فحسب، بل أيضا في دولة المنشأ، أما التبغ المحلي فلا أعتقد ذلك، خاصة أن العديد من المزارعين يزرعون التبغ ولا أحد يراقب على نوعيته أو طريقة تحضيره، فيبقى المستورد أفضل من المحلي'.
من ناحيتها، قالت فرح أحمد من نابلس، 'التدخين أصبح بالنسبة لي عادة لا أستطيع تركها، وازدادت هذه العادة لدي في العمل، أما لدى عودتي للبيت أجد ضالتي في النرجيلة، ورغم ارتفاع أسعار السجائر المستوردة إلا أنني لم أترك التدخين أو أستبدله بالمحلي، لأن الأخير يُعتبر 'ثقيلاً' بالنسبة لي ولا أستطيع تحمله'.
وأضافت فرح أنها تفضل المستورد على المحلي حتى لو كان الأخير مجانا، فهي ترى أن رائحته سيئة، ولا يستطيع الجميع تحمله، وقالت: 'جربته مرة واحدة ومرضت في ذات اليوم، وشعرت بأوجاع في الصدر وصعوبة في التنفس'.
ولا شك في أن أسعار السجائر المستوردة باتت تشكل عقبة أمام المدخنين بسبب ارتفاعها نتيجة للاتفاقيات الاقتصادية والغلاف الجمركي الموحد، حيث أن السوق الفلسطينية تتأثر مباشرة بارتفاع الأسعار لدى الجانب الإسرائيلي.
ومن جهة ثانية، فإن عددا من المدخنين يلجؤون إلى السجائر المعبأة يدويا، لأنها تعتبر أقل سعرا من المستوردة وحتى محلية الصنع.
وقال الشاب أحمد حسين من برقة شرق رام الله، إنه يدخن أحيانا سجائر ملفوفة يدويا، وأحيانا أخرى تبغا محلي الصنع، رغم أنه كان في الماضي يدخن المستورد، لكن بعد ارتفاع أسعاره مؤخرا لم يعد قادرا على تحمل هذا الارتفاع، وفي نفس الوقت لا يستطيع ترك التدخين.
ويتمنى أحمد العودة إلى السجائر الأجنبية إذا ما تحسن وضعه المادي، لأنه يعتبره أفضل من ناحية الجودة والتصنيع، وهو ليس مقتنعاً تمام الاقتناع بالسجائر التي يقوم بلفها بنفسه.
وأكد عدد من أصحاب المحال التجارية في رام الله، أن نسبة بيع السجائر المستوردة أعلى من المحلية، ذلك لأن المدخنين بالإجمال يثقون بالأجنبي 'المستورد' أكثر من المحلي.
وفي هذا السياق، قال صاحب محل وسط رام الله، إن الطلب على السجائر الأجنبية أعلى بكثير من الطلب على المحلية، وذلك بسبب الجودة والتغليف، حيث يعتبر الأجنبي ذو جودة عالية وشكله مميز، يجذب المدخن أكثر من المحلي المغلف بطريقة تقليدية، كما أن الشباب يحبون تدخين الأجنبي كنوع من الرفاهية.
وقال محمد الجريري الذي يعمل في سوبرماركت برام الله، إن الطلب على السجائر الأجنبية أكثر منه على المحلية ويصل إلى ضعفه خمس مرات، مشيرا إلى أن معظم المستهلكين للسجائر الأجنبية هم من فئة الشباب، رغم ارتفاع أسعاره.