تقرير البنك الدولي يبعث رسائل إيجابية في لحظة سياسية حساسة
وفا- زلفى شحرور
ينظر السياسيون والاقتصاديون لتقرير البنك الدولي بنوع من الرضا، ويصفونه بالإيجابي وأنه جاء في لحظة سياسية حساسة تصب في مصلحة الفلسطينيين في توجههم نحو الأمم المتحدة لنيل العضوية، ويسحب البساط من تحت أرجل من يدعون عدم جاهزية الفلسطينيين لبناء دولتهم.
ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات: "تقرير البنك الدولي يؤكد أن الشعب الفلسطيني جاهز للاستقلال الناجز والسيادة الكاملة، والدولة الفلسطينية يجب أن تكون على خارطة الجغرافيا، ولا مبرر على الإطلاق لأي طرف لطلب العضوية والذي يجب أن يكون الرد عليه بوجوب بالإيجاب ووضعه تحت واجب إجراء الاتباع".
وأصدر البنك الدولي اليوم تقريرا يقوم بعرضه على اجتماع لجنة ارتباط المانحين في 18 من الشهر الجاري، وسلط فيه الضوء على قدرة الفلسطينيين على إدارة شؤونهم وبناء دولتهم شريطة زوال الاحتلال.
كما عرض التقرير لتأثير الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة في التأثير بالنمو الاقتصادي، حيث توقع التقرير تراجع النمو من 9% العام الماضي إلى 7% لهذا العام.
وتعاني السلطة الوطنية من أزمة مالية حادة، أثرت على قدرتها في دفع رواتب موظفيها بصورة منتظمة وفي مواعيدها، بسبب تراجع دعم المانحين لها، وهو ما يؤكده التقرير بأن الضخ المالي من قبل المانحين يقف وراء النمو الحاصل خلال السنوات الثلاث الماضية ولكنه غير مستدام.
ويضيف عريقات: "التقرير يؤكد جاهزية مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والقضائية وحقوق الإنسان والأمن، وهو ما يضع حدا لأي نقاش حول قدرة القيادة الفلسطينية على إدارة مؤسسات الدولة، وأن سياسة الرئيس حول السلطة الواحدة والسلاح الواحد والشفافية وسيادة القانون وحقوق الإنسان هي الأساس الذي ستقوم عليه فلسطين في المستقبل، ويجب على كل فلسطيني أن يعتز بهذه الشهادة الكبيرة.
ويرى عريقات أن التقرير يؤكد مواقفنا التي ترى في الاحتلال بأنه العقبة والمعيق لنمو الاقتصاد الفلسطيني، حيث تخضع 70% من الأرض الفلسطينية للأوامر العسكرية، والحواجز والسيطرة على معابرنا وصادراتنا والمنافسة غير الشريفة لنا حتى داخل أسواقنا، فالموز من الأغوار لا يمكن لنا تصديره لغزة، في حين تحتكر إسرائيل هذا السوق، وكذلك تقوم إسرائيل بسرقة 82% من مياهنا في الأغوار، ومن ثم تعود لبيعها لنا، واصفا السلوك الإسرائيلي "بالقذر وغير المسبوق في التاريخ".
وأضاف: "سجل لنا البنك الدولي قدرتنا على بناء مؤسسات الدولة، وقدرتنا على بناء دولتنا التي نتوجه إلى الأمم المتحدة لطلب عضويتها على حدود الرابع من حزيران على أن تكون مستقلة وحرة وقادرة على النمو، وسنتمكن حينها من تحقيق منجزات اقتصادية وعملية تحافظ على التعددية السياسية وحقوق الإنسان وأن تكون القلب النابض لشعبنا".
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة بير زيت نصر عبد الكريم أن تقرير البنك الدولي أشار إلى جذر المشكلة في الاقتصاد الفلسطيني وهو وجود الاحتلال، وأنه في حال انتهاء الاحتلال لا يوجد أي مشكلة لتأسيس دولة فلسطينية قابلة للحياة اقتصاديا وعندها اقتصاد مستقر.
وأضاف أن التقرير حمل رسائل ضمنية منها، لا يجوز ولا يجب لأي طرف بعد الآن التحدث بأن السلطة عندها أزمة مالية وأخذ موقف سلبي من طلبها الحصول على عضوية الأمم المتحدة، بحجة أننا غير جاهزين اقتصاديا وغير قادرين على إدارة أمورنا.
ويضيف: "التقرير يؤكد أن الأزمة المالية للسلطة الوطنية هي نتاج الاحتلال وتباطؤ المساعدات، ما يعفي الفلسطينيين من أية مسؤولية في الأزمة المالية، والتقرير بهذا الموضوع كان سخيا جدا، وأرسل رسالة إلى المانحين، بأنه لا يكفي على الإطلاق إرسال رسائل تأييد سياسية وخاصة للعرب، وعليهم احتضان هذا الكيان السياسي المرتقب اقتصاديا وليس فقط سياسيا.
ومن الرسائل التي حملها التقرير كما يقول عبد الكريم: "التقرير يحذر من عودة الأمور إلى منطقة الصفر في حال التلكؤ في تقديم المساعدات، ويقول للمانحين عودوا إلى مساعدة الفلسطينيين ليكملوا رسالة الإصلاح.
ويعتقد مدير مكتب الإعلام الحكومي غسان الخطيب أن الرسالة الأساسية التي بعث فيها التقرير هي تكرار لرسائل سابقة، وهو يؤكد أن النمو والتقدم الذي أنجز في الاقتصاد على مدار السنوات الماضية، غير مستدام من دون التقدم السياسي وأضافوا له سببا مستجدا بتراجع مساعدات الدول المانحة.
ويضيف الخطيب: "التقرير سلط الضوء على دور الاحتلال المعيق للتنمية الاقتصادية بسيطرته على الحركة والمعابر والحدود وسيطرته على الثروات والأرض وما بداخلها".
وقال: "هذا التقرير وبالتوقيت الذي صدر فيه يدعم الأهداف السياسية الفلسطينية الساعية إلى اجتذاب ضغط سياسي على إسرائيل لإنهاء الاحتلال ودعم توجههم إلى الأمم المتحدة لطلب العضوية فيها، كما أنه يضعنا في وضع مريح في ظل شهادة البنك والذي يقول: "إن المؤسسات العامة الفلسطينية تتفوق على نظيراتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وخارجها في المجالات التي تكون فيها فعالية الأداء أكثر أهمية من غيرها".