المسلكيات في الثقافة الذاتية والحركية -الثقة بالذات ومخاطبة - ح (15)
من الخطأ أن نخجل من التصريح أن لديك احترام للذات، وكلما أفرطت في الخجل، كلما زاد التصاقك بذاتك وتحولت مشاعرك إلى " أنانية"، وإن وعيك الحقيقي هو الذي يمنع الخجل ويتيح لك التعبير عن نفسك، وأن نكون شيئا مذكورا في الفعل والحضور العام، وبالمقابل فليس من الخطأ أن تكون بين زملائك وفي محيطك ومجتمعك شخصا عظيما ومبدعا ومتميزا، بل الخطيئة أن تفكر وتمارس السلوك السلبي الذي يظهرك نرجسيا غارقا في نكران الغير ومحتكرا كل الاهتمام لذاتك فقط، وهذا مثله مثل الخجل المفرط لن يفيد أو يجعلك من الناجحين في مجتمعك .
حين يقف أحد الخطباء أو المتحدثين لكي يلقي كلمة جَامِعة، وحين يكون من نصيبنا أن نتحدث أمام الجمهور، فالبعض يرغب في أن يلقي كلمته مكتوبة في ورقة يقرؤها على الجمهور، والبعض الآخر يحفظها عن ظهر غيب ويسردها ارتجالا، وفي كلتا الحالتين نحتاج إلى مهارات مخاطبة الجمهور واستخدام لغة الجسد المقنعة لمن يسمع وينصت لنا، ونحن نكون أحوج ما نكون أن تكون كلمتنا مؤثرة ومقنعة، خفيفة الظل على الحضور، والسؤال كيف يمكن لنا أن نقول الشيء المناسب في الوقت المناسب دون أن نتلعثم أو نرتبك أو تضييع منا الكلمات حين نكون وجها لوجه مع الجمهور، الإجابة بسيطة، وهي عليك ألا تُدخِل القلق في أفكارك وفي نفسك، حتى إن طُلب منك الحضور لاجتماع هام ودون إعداد مسبق للأمر، إن كل ما يجب أن تفعله هو مجرد إعداد نفسك بقدر الإمكان عن طريق جمع كل المعلومات والحقائق الممكنة والتي تتعلق بالموضوع المطروح، وهذا لا يحتاج إلى إعداد الخطب المطولة بل العرض المختصر المكثف الرشيق، ونصيحة أن يكون الاستماع والنقد الايجابي والاحترام المتبادل سيد الموقف في أي اجتماع، فالإنصات عامل نجاح للمتحدث والمستمع، ولن تستطيع أن تفهم أي إنسان آخر ما لم تكون راغباً في الإنصات إليه بعناية وتعاطف وصبر، وأيضا الناس تحب أن تحظى بالاهتمام بها، فعليك ألا تقمع متحدثا قبل أن يبدأ أو في أثناء حديثه، لأنك بذلك تربكه وتضيِّع أفكاره وتخسر وده وصداقته وحماسته لك في عرضك لأفكارك والأخطر حين تتولد الندية والمغالاة في النقد السلبي حد التجريح المقصود، وبهذا نخسر المحبة والتعاون ومشاركة العقول وتنفيذ الأهداف المطلوبة.
لكي تنجح مع الناس عليك أن تعرف ما يريدونه وما يحتاجونه، ولكي تفسح المجال لينجح المتحدث أمامك، عليك أن تنظر إليه وأنت تصنت لما يقول، فلا تضع رأسك أسفلا أو تعبث بالأشياء، فهذا يدلل في أعماق المتحدث أن ملل أو أن ما يقوله لم يصل لك، وعليك بالتجاوب معه بحركات الجسد، فإن فاتفقت معه على فكره، فعليك أن تومئ برأسك " موافقا" وإن قص شيء يستدعي الابتسامة فابتسم، وحين يحكي عن وجع فتفاعل، وعلى المتحدث أن يشعر بسخافة ما يقول من خلال التفاعل السلبي من الجمهور، وأخيرا لتكن مقاطعتك للمتحدث بالصورة التي يشعر معها أنك تجامله أو تفسح له المجال ليتعمق في فكرته التي عرضها بنجاح، فهذا مدعاة لأن يشعر بالسعادة أكثر، ولكن لا تتعمد إحراجه في سؤال تتوقع أنه لا يملك جوابه، ولا تجعل من سؤالك خروجا عن أفكار وموضوع المتحدث.
وعلى المستوى الحركي نقول المهمات يجب أن تكون واضحة للجماهير، ليناضلوا من أجلها، و المهمة التي يكلف بها العضو في الحركة تكون لها أهداف محدودة، وعليه أن يتفانى في سبيل تحقيقها، وهي حقيقة جزء من مجموعة الأهداف التي تخدم الهدف الأكبر "الإستراتيجية".
الى اللقاء في الحلقة القادمة