غيمة للتوازن- زينة عازار
سوف يُكتَب كلامٌ هنا
في وقتٍ دائم التأخّر
ثم يَذوي مع كلَ نفَس في العالم
مجرّد امّحاء لِما كان يجب أن يحدث
لكنه لم يَحدث
لسببٍ واحد:
كي لا يستقرّ دهراً ويتعفّن داخل قلبي
لم يحدث في الواقع أي شيء
سوى الوقوع في صمت هذا العالم المنظور
2
سوى أن ما كنتُه لم يسعه كلامي
لن يُعطى هذا العالم إسماً لئلا يموت في اللحظة
القادمة.
يجب أن تكون الأشياء هكذا
مجهولة
كي تبقى جميلة وبعيدة عن المُتناوَل.
3
وحده هذا النسيج
الذي يلتصق
يجعلك تطفو
في الحياة،
لا أقرب ولا أبعد.
4
كأنه السكون
أصدق ما في النهايات
ذاك الهروب من قرار انصرافك
أشياء لا تقولها ومع ذلك تسمعها
وحشة تخبرك لم تكُ يوماً من هنا
سوى لتكمل آخر هزائمك.
الأمكنة هي هي
وحتى الأجوبة،
5
في بداية الأبيض واللامبالاة
تفترض أنك جسرٌ
لا جدار
في الحقيقة هي عيناك التي تَحوّلَ مدارها
يداك التي شاخَ جلدها ولَمسُها
تخال نفسك في حقيقة الأشياء
كما يجب أن تكون لتُعرَف،
ومن دون أن تدري
في كلّ مرة
بهدوء
ينفصل جزءٌ منك
يموت جزءٌ من سماء.
6
لم أخطط يوماً للاستمرار في التواجد
جلّ ما أفعله مراقبة الأشياء وهي تبدّدني
واحياناً أشاركها الحصاد.
7
لم يكن يعنيني ضِيقُ الأماكن المُغلقة
ولا وِسعُ العتمة
ولا تفسّخ الجدران
كنتُ أفكّر في هذه الزاوية
حيث يكتمل ذَرفُ العالم
ومرور العديد من الغرباء
في مكان قَصيّ من الأثر
في نقطة تشبه الألم
وأنا السائر بينهم بلا طريق
بلا مسافة
بلا احتمال.
8
أنتَ أو الموسيقى التي تسمعها الآن من غرفة أخرى
الخريف الذي يتسلّل في الممشى بين القفص
والسماء
صراخ الطفل في داخلك يخاف أن تقتله الحياة
ضِيقُ المساحة المُطَمئِن لكلام لم يَعُد يُقال
بعض أشياء تشي بكَ
تلازمكَ في الأماكن البعيدة
مثل رائحة ورقٍ أصفر
وببطء تجعلكَ تضيق في اتّساع بلا جدوى
في كلّ مرّة.
9
تفتحُ بابك المطلّ على أرضٍ ثقيلة
الأرض التي ستلينُ عند ابتعادك
وتترك كل شيء
بعد قليل تُصبح أقلّ حضوراً، كما دائماً
تتفقّد وردة كاملة
الوردة التي اكتملت من نظرتك،
يظهر العالم بحركة واحدة
كما هو
وبحركة واحدة تهرم.
10
هكذا
من دون حبّ ولا قسوة
خلف ملامح كل شيء
في وسط العالم
لا نهر ولا ضفّة
هناك تجاهُلُ ما يمكنه إيلامك
لا يمكنك أن تعود ولا يمكنك أن ترحل
تبقى عالقاً هناك
في الوسط
حيث لا شيء يؤلمك فعلاً
أكثر من هذا الموت.
11
في ذاكرة الخشب
قصّة قديمة
منسيّة تحت كرسي
قديم أيضاً
لكلَ انسان شجرة مشابهة
12
أنظرُ الى الخارج، شمسٌ عادية، سماءٌ خالية
لا تُنبئ بشيء
لاشيء، مثل طعم الفطر
هذا الصفاء الهشّ كم أمقته
أخشى أن يتكاثر في الداخل
على عكس أهل الشمال أنا لا أحب الشمس
الشمس العادية في سماء خالية
لا تنبئ بشيء
لها طعم الفطر وتسبّب صفاء هشّاً
يُغريني سربٌ مهاجر الى الجنوب
الى حيث العصف ومواسم الغرق
أحتاجُ غيمة للتوازن.
13
هو ليس موتاً كلّ ما يتحرّك في هذا القعر ولا
ينتهي،
حياة بالكاد ...
14
لم أعد أتمنى سوى التوقّف برهة
في هذا الظل الذي يتفتّت
كأني بعد الليل أحمل أصابع من خشب
أغلق بها الأبواب التي لم أغلقها من قبل
ألوّح لأحباء لم ألقَهم
في أماكن لم أزرها
أمسح آلاماً لم أشفَ منها ،
أصابعي الخشبية
غير قادرة على قلب الصفحات الفارغة
تلك الاحتمالات تموت مثلي
قليلاً بعد كل خيبة.
15
مثل غيابك، هذا الأبيض
ورائحة الشتاء القادم،
تلك السادية متشابهة
وهذا الموت الذي يعود كل ليلة
موتٌ هادئ
أكثر ما يؤلم
وهناك في الخارج
كلّ شيء يجري
نهر يديك يكتب المنافي
التي أنا منها ،
صدرك الذي يغريني بالبكاء
بالكاد يحمل ألمه.
16
في هذا الجزء من العالم
ماذا لَو لم تكن حقاً أنت
رأسك الآن خالٍ من أية فكرة
من كلّ ما يؤلم الحياة
يكفيك سراب الأشياء لكي تكون
الأشياء التي تكذب على الوقت
وعلى الموت
أوهامٌ في زمن لانهائي لتُكمل الزوال
تتظاهر أنك تعرف
في هذه اللحظة لا تعرف أين أنت
تجري الأمور كأنك تفهم
انت لا تفهم شيئاً
سوى أنك تسمع طرقاً في مكان ما
حيث الحياة هشّة
وأنت لا تجرؤ على الالتفات.
17
كانت تبدو هكذا
مثل خيوطٍ من صوت
حيث تكون الأشياء على حافة التلاشي
تلك الحركة الضئيلة من العالم
التي يُحدثها فمك على سرّتي
وتسقط منها روحي.