المسلكيات في الثقافة الذاتية والحركية- أهمية التواضع في النجاح التنظيمي- ح(17)
في المسلكيات الحركية يقال أن العضو الناجح هو العضو المتواضع البعيد عن الغرور و الكِبْر والعنجهية والفوقية، وكذلك المسؤول، ومن أروع ما في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أن الأعضاء يتساوون في أن لكل منهم حقوق وواجبات.
التواضع ليست كلمة خالية المضمون، ومن يمارس عكس هذه الصفة والمسلكية، فسوف يكتشف متأخرا أنه خالياً من المضمون، وأنه سوف يذوب كالثلج ويتساقط قطرات حتى يتلاشى وينتهي، وكأنه لم يكن.
إن الواقع التنظيمي لا يستجدي التواضع، بل يفرضه، وكل من يريد أن يكون فاعلاً عليه أن يتقرب من الجماهير وأن يخلص في أداء مهمته وأن يكسب ثقة العاملين معه، وألا ينفرهم أو ينفر منهم، وبالتالي فالعمل التنظيمي هو احتراف للسمات الشخصية وتسخيرها في خدمة الجماعة والإطار والهيكل ككل، وبالتواضع يمكن أن نواجه الخلل في العمل، وفي البناء، ولدى الآخرين، وتكون المعالجة هادئة ومقبولة ومستحسنة النتائج.
إن التواضع يعني الاعتراف للآخرين بالقدرة على الانجاز، وتوظيف وتهيئة البيئة السليمة للإبداع، وقبول النقد والمعارضة الايجابية ووجهات النظر المختلفة، وطرح الحلول والبدائل والمعيقات، ووصولا إلى تنفيذ القرارات وفق المنهجية التنظيمية.
إن العضو المغرور كما المسؤول وكما القائد المغرور سيفقد الدعم المطلوب حين يعمل بشكل نخبوي أو فردي من دون الحصول على دعم الزملاء خاصة في الإطار والجماهير عامة في الحركة ، واحتكار الموقع أو القرار أو التسهيلات والإمكانيات، يعتبر وسيلة إفشال للجهود وهدم لمفهوم الهيكل والعمل التنظيمي، وفي نفس الوقت يجب العمل على أن لكل مجتهد نصيب واكتشاف النخب والقدرات مهمة العاملين، وبالتالي فلا يوجد تعارض بين أن يكون المبدع والمجتهد والمثابر والملتزم في الصدارة، فهذا حق أمام واجب قدمه، وهذا حافز يؤسس لفعل وبناء قيادي سليم.
إن التواضع هو سبب الرفعة في الدنيا والآخرة، وهو سبَب العدلِ والأُلفة وترسيخ أسس المحبّة في المجتمع وفي البناء التنظيمي المرتبط ارتباطا وثيقا بالمجتمع .
حكمة / "تربَّعَ الثلجُ على قمّةِ الجبل، وألقى نظرةً إلى الأراضي الواطئة، ثم ضحكَ مغروراً، وقال:أنا فوق الجميع .. ومع اشراقة الحقيقة كان متبخرا فوق الأرض الواطئة ."
الى اللقاء في الحلقة القادمة