المسلكيات في الثقافة الذاتية والحركية-دور ثقافة العضو في تحديد أولويات المهام الحركية- ( الحلقة 18)
تصرفاتك في كافة الأمور هي الطريقة التي تكشف مستوى ثقافتك أمام الآخرين والمقصود بالطريقة أي نوعية السلوك أو المسلكيات،أما تصرفاتك فهي تنعكس على شخصيتك، بحيث تُسجَل في عقول وقناعات وانطباعات الآخرين، وأيضا فإن الطريقة والتصرفات تحدد مسارك تجاه توجهك نحو العمل الجماعي أو الفردي، والمتوقع منك إنجازه لمهامك.
إن سلسلة التصرفات والمواقف والآراء والقرارات وردود الأفعال هي ثقافة سلوكية، تعَرَّف بأنها وسيلة اتصال وتواصل وتغذية فكرية ومعلوماتية، بما يشكل الرسالة الكاملة، بحيث تكون أنت المرسل لتصرفاتك والآخرين هم المستقبلون لها، والانعكاس التلقائي يحدث واضحا بحيث تصبح أنت المستقبل لردود أفعال الآخرين وانطباعاتهم حين يرسلون ذلك عبر ما قدمته أنت من تلك التغذية الفكرية والتصرفات الشخصية "السلوكية" لهم .
ان العادات والطقوس والأعراف والتقاليد والشعائر والخرافات والأساطير واللغة والأوهام والمعارف المكتسبة والمعتقدات والقيم والفلسفة، وغيرها من المؤثرات البيئية والموروثات المجتمعية، تعمل على تشكيل الثقافة الشخصية، ويعتبر ذلك من عناصر القياس لهذه الشخصية، ومدخلا رئيسيا لكي يتم تعويض النقص فيها، ومعالجة السلبيات، وتعزيز الايجابي منها، والتدريب على ولادة شخصية قادرة أن تتناسب مع المهام والمواقع والمسؤولية سواء الإدارية أو القيادية .
هذه الثقافة السلوكية الإيجابية، نابعة من كافة المسلكيات الحركية والثورية التي تعتبر ذات قيمة عظيمة في مسارات حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".
من بعض المسلكيات الهامة في حياتنا الحركية، مسألة تعاملنا السلوكي وتصرفاتنا الشخصية مع ( الأولويات)، فهناك بعض الأشياء أهم من أشياء أخرى ، وهناك بعض العوامل أهم من عوامل أخرى ، كما أن هناك بعض الأهداف أهم من غيرها ، وبعض النتائج أهم من غيرها ، في التفكير حول موقف ما ، وبعد أن تكون قد جمعت عدداً من الأفكار ، عليك أن تقرر أياً من هذه الأفكار يعتبر أكثر أهمية بحيث تستطيع عمل شيء ما لهذه الأفكار (قم باختيار الأولويات المهمة من بينها)، ولكي تتضح الصورة أكثر، ونتعرف على التباينات الشخصية في تناول هذه الأولويات، نقول أن الذي تعتقد أنه أكثر أهمية في نظرك فإن شخصاً آخر قد يسقطه من أولوياته، فالناس المختلفون ربما يكون لديهم أولويات مختلفة في التعامل مع الموقف الواحد، لهذا ومن هذا المبدأ على كل حامل مهمة حركية أن يعرف بالضبط لماذا أخذت شيئاً ما كأولوية، ولكي يتم إنجاز أو تنفيذ المهمة بنجاح يتوجب عدم اعتبار الأفكار التي تظهر أمامك هامة من خلال النظرة الأولى، بل من الضروري جداً الحصول على أكبر عدد من الأفكار أولاً ، ومن ثم البدء باختيار الأولويات من بينها، كما يجب أن تعرف بالضبط لماذا اخترت شيئاً ما كأولوية، ولكي لا تصبح المهمة الحركية عائق أمام تقدمك وانجاز المطلوب في الوقت المناسب، و إذا كان من الصعب اختيار أهم الأشياء المرتبطة بتنفيذ المهمة فحاول النظر إليها من الجانب الآخر واترك "أهمل" الأولويات الأقل أهمية وتعرف على ما تبقى لديك من الأولويات، ولكي لا تبدو الأمور مترهلة لديك في نهاية إنجاز المهمة ولتبقى كافة الجوانب سليمة يجب عدم تجاهل الأفكار التي لم يتم اختيارها كأولويات فسوف يتم أخذها بعين الاعتبار ولكن بعد الأولويات .
هذه المهام والتصرفات واختيار الأولويات جميعها ترتبط بنوعية الشخصية التي يتحلى بها العضو، وكذلك تلك المسلكيات التي يتصرف من خلالها بقصد أو بغير قصد وبتوجيه او بتلقائية وبثقافة أو بجهل، وهذا كله يساعدنا في اختيار العضو المناسب للمهمة المناسبة ويوصلنا إلى تحقيق البناء الشخصي والاستنهاض الحركي والتثقيف السلوكي والذاتي .