يوميات قرية عين حجلة .. 7 أيام لخصت صمود وارادة شعب لا يهزم - - بكر عبد الحق- ح 3
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
الجميلات هنّ الثائرات ..
كان من المفترض أن أبدأ حديثي اليوم عن ديانا الزير وزميلاتها لما وأشيرا .. ولكن يبدو بأن حكاية عين حجلة لن يكتب لها النهاية .. وأنا اهمُ بكتابة تفاصيل الحلقة الثالثة من يوميات القرية جائني نبأ اعتقال وزير الأمن الداخلي في قرية عين حجلة المناضل سامي أبو غالي من منزله في العيزرية .. وهذا حتم علي اليوم أن أبدأ حلقتي بالحديث ولو ببضع كلمات عن هذا الرجل .. سأكتفي بالقليل عنه هنا لأنني أرغب أن اخصص حلقة كاملة عنه لأنه بكل ثقة يستحق أن نتحدث عنه لحلقات .. لأن هذا النشمي البدوي الملامح فلسطيني الهوى والروح استطاع ان يأسر قلوبنا جميعا .. فلطالما استغربت من التفاف أصدقائي في جامعة القدس حوله ومحبتهم له .. ولكن هذا الاستغراب ما لبث أن زال بمجرد أن احتككت بهذا الرجل .. للحديث بقية عن أبو عمر في حلقة خاصة عن "الدوريات" .. تمنياتي لك بالفرج العاجل أخي ورفيقي أبو عمر ,,,
اندلعت حرائق كبيرة في انحاء مختلفة من القرية ومن بين عشرات الشبان الذين تجمهروا لاخماد الحريق كانت ديانا تبذل اقصى جهودها فعلا وقولا لأخماد الحريق الى جانب هؤلاء الشبان .. وكان خوفها كبيرا من أن يمتد الحريق ليأتي على المكان بأكمله .. بعد ان تمكننا من اخماد الحريق الأول اندلع حريق اخر في الجهة الغربية من القرية فكانت ديانا اول الواصلين الى الموقع لأخماد الحريق .. وصلت انا وصديقي حمزة الى الموقع ولكن كنا متعبين جدا نتيجة الجهد الكبير الذي بذلناه في اخماد الحريق الأول .. ولكن هذه الفتاة جعلتنا نخجل من انقف مكتوفي الايدي من الحريق الثاني حين رأيناها تبذل جهودا جبارة للسيطرة على الحريق .. فاضطررنا هنا للمساهمة في اخماد الحريق الثاني رغم التعب الشديد الذي تملكنا .. ما ان اخمدنا الحريق الثاني وإذ بحريق أضخم بكثر من الحريقين السابقين يندلع في الجهة الشرقية من القرية لدرجة أدى الى اشعال عدد من أشجار النخيل .. هنا تأكدت شكوكنا حول يد خفية هي من تقف وراء النيران بغرض انهاكنا وتشتيت جهودنا منذ الليلة الأولى ..
ذهبت انا وأبو عمر وحمزة ويزن وأبو الخطيب والهاشمين ومحمد الى مكان الحريق رغم ما نشعر به من تعب فوجدت ديانا مرة أخرى هي من تبادر لاخماد الحريق رغم هوله .. وهذا ما شكل دافعا لنا للمرة الثانية لاخماد الحريق الكبير .. هنا انا اذكر بأنني انفعلت كثيرا وبدأت اصرخ بصوت عالي مطالبا بتشكيل لجنة امنية لكشف الفاعل ورفع الغطاء التنظيمي عنه ومحاسبته ..
من هنا بدأت معرفتنا بديانا ورفيقاتها ولا اخفي عليكم بأنه في بادئ الأمر لم نكن نثق بهن بسبب الصورة التي لدينا حول مؤسسات الانجي اوز في فلسطين وارتباطاتها الخارجية .. ولكن ديانا ولما واشيرا جعلونا نعيد حساباتنا حول هذا التصور .. فعلى مدار أسبوع كامل اثبتن هؤلاء الجميلات الثائرات بأنهن أصحاب فعل وقول ولديهن انتماء اصيل لهذه الأرض .. وهذا تجلى في استبسالهن في الدفاع عن قريتنا امام بربرية الاحتلال وهمجيته ..
كثيرة هي المواقف التي تجعلنا سعداء بهذه الصداقة الجديدة مع الثائرات ولكن سأجعل الحديث عنها في اطار التسلسل الزمني لاحداث قرية عين حجلة ..
عدنا الى موقعنا على الحدود الغربية للقرية المحاذية لشارع 90 ونحن منهكين جدا من التعب كانت الساعة ما تقارب الحادية عشر والنصف .. وكنا نتضور جوعا معظمنا لم يتناول طعام الغداء مع العائلة لأننا آثرنا أن نلتزم بتوقيت الفعالية .. وكما ذكرت سلفا بأن الليلة الأولى تكون صعبة لشح الإمكانيات .. استطاع يزن وعبد ان يحصلوا على بعض الطعام بضعة ارغفة خبز من مجموعة النبي صالح وعلبة حمص من مجموعة المبادرة الوطنية كما استطاعوا ان يحصلوا على خيمتين صغيرتين لأغراض النوم وتجمع الجميع حول هذه المائدة التي تبدو بانها بسيطة الا انها كانت توازي وليمة ضخمة بالنسبة لنا في تلك الليلة .. تقاسمنا لقمة العيش وكنا مجموعة كبيرة الأخ عمر شلبي فادي الشواهين ومحمد ونيبال وعبد والهاشمين ويزن وأبو الخطيب وتيلخ وحسن وحمزة ..
ولكن الأكل لم يكفي على الاطلاق ليسد رمق جوعنا فتسلل الأخ محمد وجواد زواهرة بواسطة سيارة حسن خزنة الى مدينة اريحا فجرا من خلال طريق التفافية وعرة للغاية وتمكنوا من امدادنا بعشاء فاخر جدا عبارة عن نقانق ومرتديلا وحمص ... وهنا أتذكر بانني استيقظت من غفوتي على رائحة شواء النقانق التي كان مذاقها رائع جدا .. كيف لا يكون كذلك ونحن نتضور جوعا وتعبا ..
حاولت جاهدا ان انام في الليلة الأولى ولكن برودة الجو كانت قاسية جدا ولا بد لي أن اصف لكم مشاهد شباب القرية وهم مستلقيين ارضا بجانب موائد النار في صورة تعيد بنا الذاكرة سنوات طويلة الى هجرة شعبنا في العام 1948 فيما نام أصدقائي هاشم قناديلو ومحمد جمعة ومنتصر تيلخ ودفئوا بعضهم ببعض في خيمة حجمها متر مربع اما صديقي محمد فاتكأ على جذع نخلة واسترسل في النوم .. لا يمكن أنسى أطفال عائلة التميمي الذين لم تسعف الاغطية التي عليهم في ان تقيهم برد الليلة الأولى .. وامام هذه الأجواء الباردة آثرت انا وأصدقائي حمزة ويزن البقاء متيقظين حتى صباح اليوم التالي .. وقمنا بجولة تعارفية على بقية سكان القرية ..
يتبع ..