18 عاما على أوسلو
تصادف اليوم الثلاثاء، الذكرى 18 لتوقيع اتفاق أوسلو، الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993.
وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في عام 1991 أفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد.
وتعتبر اتفاقية أوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس، وإسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريس.
ورغم أن التفاوض بشأن الاتفاقية تم في أوسلو، إلا أن التوقيع تم في واشنطن، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
وتنص الاتفاقية على إقامة سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية (أصبحت تعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية)، ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة، لفترة انتقالية لإتمامها في أقرب وقت ممكن، بما لا يتعدى بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية.
ونصت الاتفاقية كذلك، على أن هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية، بما فيها القدس، اللاجئين، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين.
ولحفظ الأمن في الأراضي الخاضعة للسلطة الوطنية، نصت الاتفاقية على إنشاء قوة شرطة فلسطينية قوية، من أجل ضمان النظام العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما تستمر إسرائيل في الاضطلاع بمسؤولية الدفاع ضد التهديدات الخارجية.
ويذكر إن إسرائيل زادت من وتيرة الاعتداءات ومصادرة الأراضي خلال هذه الفترة ما يعني تنصلها من أغلبية بنود هذا الاتفاق بما فيها تزايد حجم الاستيطان وتضييق الخناق على مدينة القدس وعدم الاعتراف بحق عودة اللاجئين.
وفي مطلع عام 1995 أعلن المتحدث باسم بلدية الاحتلال في القدس، أن مجلس البلدية وافق على خطة لبناء مستوطنة جديدة تستوعب خمسة وعشرين ألف مستوطن في جبل أبو غنيم، ما أثار ردود فعل فلسطينية حادة، ما أدى بإسرائيل إلى محاولة امتصاص الغضب الفلسطيني بالإعلان عن النية ببناء ألف وخمسمائة مسكن للمقدسيين، ولكن تم رفض هذه التسوية التي اعتبرت محاولة للتغطية على استكمال تطويق القدس عبر بناء المستوطنة الجديدة.
وفي عام 1996 خاض الشعب الفلسطيني ما سمي بـ" انتفاضة النفق" ردا قيام إسرائيل بافتتاح نفق تحت أساسات المسجد الأقصى انتفاضة فلسطينية عارمة، بدأت في القدس وامتدت لتشمل كل أنحاء فلسطين. قدم الشعب الفلسطيني خلالها نحو تسعين شهيداً وتمكن المنتفضون من قتل ثلاثة عشر جنديا إسرائيليا.
وعقب فشل قمة "كامب ديفيد" عام 2000 بسبب الخلاف حول قضية القدس رغم تسوية بقية قضايا الحل الدائم، وكانت القمة قد عقدت بمنتجع كامب ديفد بولاية ميريلاند بالولايات المتحدة يوم 11 يوليو/ تموز 2000 لإيجاد حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وجمعت بين الرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون، ورئيس السلطة الوطنية الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك.
وعلى اثر فشل محادثات كامب ديفيد، اندلعت انتفاضة ثانية في الأرض الفلسطينية وسميت انتفاضة الأقصى، والتي كان سببها المباشر دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي "السابق" أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول أعمال العنف في هذه الانتفاضة، ومرت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلالها بعدّة اجتياحات إسرائيلية منها عملية الدرع الواقي وأمطار الصيف.
وفي يوم 11/ تشرين أول عام 2004 ودع الشعب الفلسطيني الرئيس الراحل ياسر عرفات بعد تعرضه لازمة صحية حادة أودت بحياته، بعد تعرضه لتسمم حسب التقارير الأولية عن سبب وفاته.
وفي عام 2005 انتخب الرئيس محمود عباس رئيسا للسلطة الوطنية، ورئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي اتخذ برنامجا في توفير الأمن والأمان للمواطن وبناء المؤسسات وإنهاء الاحتلال.
وعقب رحيل الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عن سدة الحكم عام 2008 وانتخاب الرئيس الأميركي الحالي باراك اوباما، تأمل الفلسطينيون بتغيير الحقبة التاريخية حسب ما قدمه اوباما من وعود بحل الأزمة في الشرق الأوسط وإنهاء الصراع الدائم حيث انه وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2009، عبر عن أمنيته أن يرى مندوب الدولة الفلسطينية جنباً إلى جنب مع مندوبي باقي الدول في الدورة القادمة في أيلول 2011 .
وفي أيلول 2010 أطلق الفلسطينيون والإسرائيليون حقبة جديدة من المفاوضات برعاية أميركية، إلا أن هذه المحادثات اصطدمت بإصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو على المضي في الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري ورفضه العودة إلى التفاوض على أساس الرابع من حزيران عام 1967، وبناء عليه رفض الفلسطينيون استئناف هذه المحادثات حتى الاستجابة لمطالبهم.
وعليه أصرت القيادة الفلسطينية على ضرورة التوجه إلى الأمم المتحدة، وعقب خطاب اوباما عام 2009 لنيل الحقوق التي نص عليها القانون الدولي، وحسب قرارات الشرعية الدولية، ومن اجل إنهاء الاحتلال بنيل الاعتراف بالدولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
وبناء عليه، ترى السلطة الفلسطينية أن أيلول 2011 سيشكل موعداً مفصلياً، يعلن فيه انتهاء الشوط التفاوضي مع الإسرائيليين، والعودة إلى المنظمة الدولية للأمم المتحدة لتتخذ قرارها بشأن مصير الدولة الفلسطينية، وتتحمل مسؤوليتها في تحرير هذه الدولة من براثن الاحتلال الإسرائيلي.