يوميات قرية عين حجلة .. 7 أيام لخصت صمود وارادة شعب لا يهزم - ح7 - بكر عبد الحق
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
اول اسير محرر في قرية عين حجله ..
تجمع سكان القرية حول الدكتور صائب عريقات للاستماع الى اسرار المفاوضات التي خاضها الوفد الفلسطيني المفاوض .. وفي كل واحد منا سؤال يجول في عقله .. ماذا بعد المفاوضات ؟؟
أجوبة الدكتور صائب على هذا السؤال كانت جلها مقلقة الى حد كبير ولا تبشر بخير مستقبلا .. ما أكده الدكتور صائب بأن المفاوضات ستتوقف في شهر نيسان 2014 .. سيتبعها توجه فلسطين الى المؤسسات الدولية أكثر من 63 مؤسسة دولية ستقدم فلسطين طلب الانضمام لها .. يعني هذا بأن السلطة الوطنية بانتظارها حصار سياسي ومالي خانق بعد ذلك التاريخ .. هنا انا همست في اذن الدكتور صائب عريقات سائلا إياه "دكتور في عندنا 800 الف مستوطن في الضفة الغربية كيف بدنا نخرجهم من ارضنا .؟؟؟!!" اجابني الدكتور "بالكندرة رح يخرجوا" ووجهت له سؤال اخر "دكتور ما رح نروح لانتفاضة مسلحة او حتى شعبية سلمية؟ " أجاب :" اطلاقا هذا ليس في مصلحتنا" .. حتى هذه اللحظة لم استوعب كيف يمكن لنا اخراج المستوطنين من ارضنا وديارنا "بالكندرة" طالما ان خيار المقاومة السلمي والشعبي غير وارد لدى قيادتنا الفلسطينية .. اذن رهان الدكتور صائب ينصب نحو المقاومة الديبلوماسية .. مع انه لدي قناعة تامة بأن المعركة الديبلوماسية التفاوضية بحاجة لمقاومة شعبية على الأرض تشكل داعما لها في معركتها مع الاحتلال ..
انتهت جلستنا مع الدكتور صائب وانطلق الدكتور صائب برفقة الزميل الياس كرام لاجراء حوار معه على قناة الجزيرة فيما نحن انطلقنا كل من في القرية الى شارع 90 بعد ان وصلتنا معلومات بتفيد بأن الاحتلال أوقف مجموعة من الصحفيين حاولوا الوصول الى القرية وصادروا بطاقاتهم الصحفية وهناك وقعت مناوشات جديدة مع الاحتلال .. واتت تعزيزات كبيرة لجنود الاحتلال بسيارات خاصة من المعسكر المحاذي لقريتنا واشتعل السجال مع جنود الاحتلال وتعالت الأصوات وكانت الكلمات هنا سيدة الموقف .. أبو سمرة ومنذر عميرة تصدروا عملية التفاوض مع الاحتلال انطلاقا من اتقانهم اللغة العبرية بطلاقة فيما نحن اكتفينا بالهتاف ضد الاحتلال ولفلسطين .. وعلت هتافاتنا اكثر وأكثر والاحتلال بدى مرتبكا للغاية حتى استجاب لمطالبنا وتم اخلاء سبيل الصحفيين وإعادة البطاقات لهم .. هنا لا انسى على الاطلاق كيف توجه لنا الصحفي بكل ثقة شاكيا جنود الاحتلال بأنهم صادروا بطاقته الصحفية وهذا دليل على حجم ثقة التي تولدت لدى الصحفي بمجرد ما شاهدنا نهب من كل انحاء القرية دفاعا عنه ..
احد الاخوة أراد ان يرفع علم فلسطين على جيب الاحتلال فقام الجندي بمصادرة العلم وهنا تجددت المناوشات واصبح مطلبنا الجديد إعادة العلم .. ضابط الاحتلال ونتيجة ضغطنا عليه أعاد العلم لنا تفاديا لأية مناوشات جديدة في هذه اللحظة ونحن نهم بالعودة الى القرية ركض جنود الاحتلال جنوبا باتجاه احد المتضامنين كان قد وصل القرية للتو .. واعتقلوه واقتادوه الى الالية .. هنا عاد الجميع الى الشارع وبدأت مناوشات شديدة واشتباك كلامي حاد مع جنود الاحتلال وكل منا تصدر موقف مع الجنود .. هنا اخطلت الأمور من جديد الاحتلال اشترط عودتنا الى القرية للافراج عن المتضامن فيما نحن رفضنا العودة الا برفقة المتضامن .. وهنا وقع اشكال بيني وبين الأخ منذر عميرة وانا استشط غضبا منه لانه وجه إهانة لي امام جنود الاحتلال فانسحبت انا ومجموعتي من الموقف وتصدر الموقف معي أبو الخطيب .. وبدأ بالتصعيد مهددا بالانسحاب من القرية نحن وجميع افراد مجموعتنا .. هذا يعني بأن خط الدفاع الأول عن القرية سينهار لأننا نحن من لعبنا هذا الدور على مدار أسبوع كامل من تواجدنا في القرية ..
ولكن سرعان ما تراجع الخطيب عن تهديداته وهدأ تماما بمجرد ان تحدث معه ديانا الزير .. فانا هنا تحدثت الى مجموعتنا ممازحا إياهم .. "يا اخوة لقد باع الخطيب القضية" ..
بالعودة الى المتضامن الأجنبي مفاوضات الأخ منذر أتت اكلها بالفعل بعد ساعة من التفاوض مع الاحتلال استطاع منذر ومن معه من فريق التفاوض الافراج عن المتضامن الأجنبي وعاد المتضامن الى القرية محمولا على الاكتاف وكان هذا اول اسير محرر في قريتنا عين حجلة ..
في المساء جاء الاخوين حسن فرج وثائر انيس وصديقي محمد قناديلو لتهدئة الموقف .. حيث كان الغضب لا زال يتملكنا حتى هذه اللحظة .. السبب ليس الأخ منذر .. وانما الظروف التي كنا نعيشها في القرية بدأت تأثر قليلا على المعنويات حيث اننا عشنا حالة تذبذب تارة تكون معنوياتنا مرتفعة ومع ساعات المساء وامام البرد القارص تبدأ المعنويات بالانهيار شيئا فشيئا .. ولكن ما فاجئني اكثر في موقف الأخ منذر الذي يكبرني سنا ومكانة وطنية انه جاء وقدم لي اعتذار .. هذا جعلني اكن له الاحترام .. وتحولت كل مشاعر الاستياء تجاهه الى مشاعر حب وفخر وتوطدت العلاقة معه بشكل كبير في الأيام الأخيرة في القرية ..
عند الثانية عشر من فجر يوم الأربعاء كان قد عاد الأخ سامي أبو غالي من بلدة العيزرية برفقة مجموعة من الاخوة من مدينة القدس احدهم يدعى نضال غزال وهو من اصل نابلس صاحب مطعم الغزال في العيزرية لبيع الحمص والفول جلب معه حمص وفلافل لسكان القرية كمساهمة منه في دعم صمودنا هناك .... وحين التقى بالاخ عمر شلبي اخذوا يتذكرون أيام الخوالي أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى .. ومن حديث الى حديث فتح معه حمزة موضوع سعر الحمص والفول وطلب منه ان يخصص سعرا خاصا بطلاب جامعة القدس واعدا إياه باعطاءه ركنا في الجامعة ليبيع بها منتاجاته ,, نظرت الى صديقي محمد وغمزته ممازحا "حاسس انه حمزة سيري نسيبة بمون على الجامعة .. خليه يخلي شوية وسعة من عنده" ..
في وقت سابق كنت قد طلبت من الأخ سامي احضار نصف كيلة لحمة معه بغرض اعداد "قلاية بندورة" ولكن هذه المرة مع لحمة .. طبعا على إيقاع الأناشيد الفدائية والثورية التي صدحت بها حنجرة الأخ عمر شلبي امين سر حركة فتح في القدس الشريف .. اعددنا طعام العشاء واثبت أبو اياد بأنه صاحب نفس طيب في اعداد الطعام .. وهنا أذكر اثناء اعداد الطعام كان برفقتنا متضامن اجنبي من كندا تبدالنا اطراف الحديث معه حدثنا عن طقس كندا واجمل مناطقها السياحية .. في حين أبو الخطيب لم يضيع فرصة المزاح مع المتضامن تارة يطلب منه ان يعلن اسلامه وتارة أخرى يجعله يغني الأغاني البدوية .. واذكر هنا اغنية "الذبابة" كما جعله يردد من وراءه " كركريني كركريني بنتعش .. مثل ديك الحبش بنتعش .. حبك في قلبي متل دبيك البغال .. " وغيرها من العبارات البدوية صعبة النطق ,, وهنا لم نتوقف عن الضحك لساعة كاملة .,.
في كل مرة كان الخطيب يمازح بها المتضامنين الأجانب كانت تحصل لديه مصيبة في المرة الأولى أصيب بعينه وفي المرة الثانية شعرت يده وتعرضت احدى اضلع قفصه الصدري للكسر .. وهنا نصحناه بأن يتوقف عن المزح معهم حفاظا على صحته !!
تناولنا العشاء وانا في هذا اليوم كنت جدا مرهق ومتعب للغاية جسديا ومعنويا .. فطلبت من الأخ أبو حسن ان يفتح لي الباص لأنام فيه ,. نمت حتى الصباح وهذه الليلة الأولى التي اتذوق بها طعم النوم .. كان الجو في الخارج بارد كما وهطلت الامطار في تلك الليلة .. عند الصباح بهمة عالية كما العادة بدأ أبو حسن بتنظيف المكان وجمع النفايات المتناثرة في القرية .. وبعد انهاء المهمة غادرت معه الى مدينة اريحا ومنها الى مدينة نابلس ,.
استراحة مقاتل ..
كنت بحاجة الى يوم استراحة لسببين حالة الإرهاق التي وصلت اليها حيث تراكم علي التعب على مدار أيام تواجدي في القرية .. والسبب الثاني كان لدي ارتباطات بمدينة نابلس كان لزاما علي ان اعود لانهاءها .. وصلت نابلس صباحا .. وبمجرد وصولي المدينة بدأت أفتقد للقرية واجواء القرية ودب الحنين لدي تجاهها.. فآثرت ان تأتي عودتي لنابلس بالفائدة على القرية حتى وان غبت عنها .. توجهت الى بلدية نابلس والتقيت برئيس البلدية المحامي غسان الشكعة وعضو المجلس البلدي المهندس حسان جابر وطلبت منهم بعض الاحتياجات للقرية .. بلا تردد وافق الأخ أبو الوليد على ما طلبته من احتياجات كما انه خصص لنا سيارتين دفع رباعي لنقل الاحتياجات التي طلبتها للقرية وهنا تطوع الاخوين حسان جابر وحسني كلبونة لمرافقتنا وايصال هذه التقدمة الى القرية في اليوم التالي ,,
عدت ادراجي الى منزلي حيث الفراش الدافئ والمريح .. وهنا اذكر بأنني خجلت من نفسي حينما تذكرت أصدقائي وجيراني في قرية عين حجلة وظروف النوم لديهم فلم استطيع النوم في تلك الليلة على سريري فآثر النوم على كنبة في صالون بيتنا كنوع من الشعور معهم وهو اضعف الايمان ..
فلافل عين حجلة ...
يوم الأربعاء غبت عن القرية واحداثها ,, ولكن استطيع ان اتذكر جيدا ما وصفه لي أصدقائي من احداث في هذا اليوم .. حيث عج المكان بعدد كبير من الزوار والوافدين .. منهم المطران حنا عطا الله وممثل عن الاتحاد الاوروبي .. ومتضامنين من منظمة ISM واطباء من اجل فلسطين .. بالاضافة الى عدد كبير من وكلاء الصحافة العالمية والمحلية .. شهد هذا اليوم افتتاح مطعم القرية والذي تولى مسؤوليته الشيف أبو السمير ,. وقام بتزويد المطعم بكافة مقتنياته الأخ نضال غزال ,, واعد في هذا اليوم فلافل عين حجلة .. وأصبحت هناك وجبات منظمة توزع على جميع المقيمين في القرية منذ هذا اليوم ,, في هذا اليوم اندهش الزوار الأجانب من الحياة التي تعيشها القرية بالرغم من قصر عمرها ,, اذن الفلسطيني يثبت من جديد بأنه جدير بالحياة على هذه الأرض .. لأن ارتباطه عميق بها فهو ليس بغريب عنها وهي ليست بغريبة عنه ,, كما الام تعرف ابناءها من بين آلاف البشر ,, ,
يتبع ,,,