اريحا:"الاسمنت المسلح"يزحف على"الشعشاعة"جدار المزارعين الأخير!
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عبدالرحمن يونس – طوال قرابة 40 عاما مضت، والمزارع اسحق الشيش يعمل في مزرعة "الشعشاعة" وسط مدينة اريحا، متنقلا بين حقولها الخضراء ومعتاشا من خيراتها مع عائلته التي يقارب افرادها 130.
أما اليوم، فتواجه المزرعة التي تقدر مساحتها بـ 176 دونما، خطر غياب اللون الأخضر عنها بعد أن قررت الحكومة الفلسطينية استرداد أراضي المزرعة من مستأجريها (المزراعين) واقامة بعض المشاريع الانشائية والسكنية عليها وابعاد المزارعين عنها.
لا ينكر المزارع الشيش حق الحكومة الفلسطينية في استرجاع اراضي المزرعة والتي هي في الاصل تعود ملكيتها لخزينة الدولة الفلسطينية تم استأجارها من الحكومة الاردنية قبل عام 1967 بهدف زراعتها وفلاحتها، غير أنه يحذر من ضياع وقتل الاراضي الزراعية في مدينة القمر لصالح التوسع العمراني.
وأكد اسحق لـ القدس دوت كوم، "استأجرت الأرض عائلة المزارع جودت شعشاعة من الحكومة الاردنية وتم تجديد عقد الايجار مع قدوم السلطة الفلسطينية واستمر هذا الحال لغاية عام 2008 حين رفضت السلطة استلام قيمة الايجار واخطرت المزارعين بضرورة اخلاء الارض الزراعية بهدف اقامة بعض المشاريع الانشائية عليها.
واشار الشيش إلى وجود مخططات عدة لانشاء عدة مشاريع وتحويل اراضي المزرعة إلى أملاك خاصة الأمر الذي يهدد حياة أكثر من 14 عائلة تعمل في المزرعة، مؤكدا "لدينا تفويض مكتوب من العائلة المستأجرة للأرض لأحد المزارعين بالاستمرار في زراعة والعمل في الأرض".
وتابع "ليس لدينا أي مشكلة في الدخول بحوار مع الحكومة من أجل حل هذه الاشكالية على أساس عدم خلق مشكلة كبيرة للمزارعين والمناطق الزراعية في مدينة اريحا".
ويعمل المزارعون في حقول حاصرتها التجمعات السكنية والاسوار الاستنادية، ناهيك عن انحسار فرص العمل في القطاع الزراعي وارتفاع نسبة البطالة في صفوف المواطنين أمام تراجع مفهوم الثروة الغذائية التي التي طالما كانت محافظة اريحا والاغوار عنوانا لها.
وفي هذا الجانب أكد المزارع محمد الشيش (42 عاما) لـ القدس دوت كوم، أن المزرعة تعد مصدر الرزق الوحيد لقرابة 14 عائلة تعمل في الارض، متابعا "في حال تم اخراجنا من الارض فنحن أمام أمرين أحلهما مُرّ، إما أن نترك الأرض ونذهب للعمل في المستوطنات الاسرائيلية أو أن نجلس في البيوت ونضاف إلى قائمة العاطلين عن العمل".
وتابع محمد متسائلا "هذه ارض زراعية وخصبة ومنتجة لماذا تحولها إلى مجمعات سكنية وأملاك خاصة يمكن بناؤها في مناطق اخرى حتى تبقى هذه الارض المتنفس الوحيد والمتبقي لاهالي مدينة اريحا والوافدين اليها".
واضاف "نحن العائلات المزارعة نستحق ان نعيش حياة كريمة، ونناشد السيد الرئيس وجميع المسؤولين والجهات المختصة التدخل من أجل انصاف المزارعين الذين حافظوا على مهنة الزراعة وعلى الاراضي الزراعية الخضراء، بان تبقى هذه الارض خضراء سواء بقيت العائلات العاملة فيها أم رحلت".
في موازاة ذلك، يفضل المزارعون تسمية مزرعة "الشعشاعة" بالبقعة الخضراء" باعتبارها واحدة من أكبر المناطق الزراعية وسط مدينة اريحا بعد الامتداد العمراني الذي اعدم العديد من الاراضي الزراعية الخصبة والصالحة للزراعة.
وعلاوة على ذلك، تعد المزرعة سلة غذائية مهمة ورئيسية كونها لا تنقطع فيها الزراعة خلال العام، وتغذي مدينة أريحا والمدن الفلسطينية الاخرى بمختلف الخضار مثل البندورة والخيار والفلفل والفصولياء والباذنجان والكوسا وغيرها من الخضار، ويقدر دخلها السنوي قرابة (700 ألف شيكل) حسب ما قاله المزارعون.
من جانبه قال محافظ اريحا والاغوار ماجد الفتياني لـ القدس دوت كوم، إن "قضية مزرعة الشعشاعة هي الآن أمام القضاء الفلسطيني للنظر في انهاء هذه القضية والاشكالية، لكننا في محافظة اريحا نحاول أن نحافظ على ما بتقى من اراضي زراعية قدر الامكان بعد انحصار التمدد العمراني داخل المناطق الزراعية والمصنفة (أ) الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية".
وأوضح الفتياني أن هناك مناشدة للسيد الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد الله بضرورة انصاف المزارعين واعطائهم أولوية الاستفادة من الاراضي الارزاعية حتى ولو تم تخصيص جزء من اراضي المزرعة مقابل ثمن مقطوع لصالح الدولة.
وحسب العديد من مراكز الابحاث الفلسطينية، فإن الأراضي الزراعية في مدينة اريحا تتقلص لصالح التمدد العمراني واتساع رقعة البقع الصحروية بسبب شح المياه وعدم وجود مشاريع لإعادة تأهيل الاراضي الجرداء، سيؤثر سلبا على حياة سكان وأهالي مدينة اريحا على المدى الطويل خاصة من ناحية تدهور النظام البيئي والطبيعي للمدينة وتغيير طبيعتها من أراض زراعية خضراء إلى اراض صحروية لاسيما مع الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة والعزوف عن الزراعة بسبب ارتفاع تكاليفها.
في الاثناء تؤكد مراكز الابحاث الفلسطينية وجود مساحات شاسعة غير زراعية تحيط بمدينة اريحا من الممكن الاستفادة منها بإعادة ترميمها واحيائها بإقامة مشاريع سكنية وسياحية تساعد في الحد من نسبة البطالة المرتفعة وتعزز صمود المواطن الفلسطيني على ارضه.