فتح تنعاه ... الموت يغيب شاعر الثورة أبو عرب " محدث"
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
غيب الموت، مساء اليوم الأحد، شاعر الثورة الفلسطينية إبراهيم محمد صالح الملقب 'أبو عرب'، عن عمر يناهز (83 عاما) في مدينة حمص السورية، بعد صراع مع المرض.
وقال أمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم إسماعيل التلاوي، لـ'وفا'، 'إن وفاة الشاعر الكبير أبو عرب تعتبر خسارة كبيرة لشعبنا، هذا الفنان الذي يعتبر ذاكرة كبيرة لشعبنا، حيث بدأ بالغناء منذ النكبة عام 1948، وبقي شامخا عملاقا بصوته العذب، وكلماته التي اعتبرت مكتب تعبئة وتنظيم متنقل، حيث كان يسكن بداخله الوطن بأكمله، فغنى للحجر والشجر والحسون...، لم يترك شيئا بفلسطين إلا وغنى له، فالحنين والشوق وانتمائه لوطنه جعلته فنانا مرهفا بأحاسيسه ومشاعره تجاه وطنه'.
وأضاف 'أن أمنية الشاعر أبو عرب كانت أن يعود لفلسطين، وقد حققت له اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم هذا الحلم، من خلال مشاركته في الملتقى الثقافي التربوي الفلسطيني الخامس والسادس، على أرض الوطن، حيث حضر إلى فلسطين بعد غياب استمر أكثر من 64 عاما.
وأشار التلاوي إلى أن 'أبو عرب' تمكن خلال زيارته فلسطين، من زيارة مسقط رأسه قرية الشجرة في الجليل الأعلى، وعندما عاد لحمص سأله الصحفيون السوريون، 'خرجت من فلسطين وعمرك 17 عاما، ماذا يقول الفنان الكبير الآن؟، فأجاب عدت إلى عمري 17 عاما'.
وأوضح التلاوي أن جثمان الشاعر الكبير سيشيع غدا بعد صلاة الظهر في مخيم حمص، بمشاركة الآلاف من أبناء شعبنا في سوريا.
وأبو عرب من مواليد عام 1931 في قرية الشجرة المهجرة في الجليل، والواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي الناصرة وطبرية، وبعد تهجير قرية الشجرة لجأ إلى كفر كنا، لينزح بعدها إلى عرابة البطوف ومكث فيها مدة شهرين، وتوجه بعدها إلى لبنان، ثم إلى سوريا.
هو 'شاعر الثورة الفلسطينية' و'شاعر المخيمات'، و'الذاكرة الحية للتراث الغنائي الفلسطيني'، و'صوت الثورة'، جمعته مسيرته بعدد كبير من الزعماء والقادة والمفكرين والكتاب والشعراء، بينهم ياسر عرفات، وخليل الوزير، وصلاح خلف، وفاروق القدومي، وشفيق الحوت، وسعد صايل، وغسان كنفاني، وناجي العلي، ومظفر النواب، وجمال عبد الناصر، وجورج حبش، وأحمد فؤاد نجم، وأحمد مطر، ويوسف الخطيب، ونديم محمد، وعبد الرحمن الأبنودي، ورشاد أبو شاور.
وأول أغنية غناها أبو عرب بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية والمد الجماهيري المؤيد للثورة وانضمام الشباب الفلسطيني إلى صفوف الفدائيين كانت في عام 1966، كما أعاد توزيع مجموعة من أغاني التراث الفلسطيني بعد تغيير مفرداتها لتتلاءم مع الواقع الجديد، مثل أغنية 'يا ظريف الطول' وهي من أغاني الأعراس التي تحولت على يده لأنشودة تتغنى بالفدائي الفلسطيني وعملياته الجريئة، ومن ثم أغنية 'شيلوا شهيد الوطن'.
بدأ أبو عرب لأول مرة حياته الفنية بشكل مكثف ومنتظم عام 1978 حين استدعاه عضو اللجنة المركزية في حركة 'فتح' الشهيد ماجد أبو شرار، وطلب منه العمل في إذاعة 'صوت فلسطين' وتسجيل الأغاني والأهازيج الوطنية، وسجل في الإذاعة أكثر من 16 شريطا تحتوي على أكثر من 140 أغنية استمر تسجيلها حتى عام 1982.
وأصبح أبو عرب مسؤولا عن الغناء الشعبي في إذاعة 'صوت فلسطين'، وأسس عام 1980 فرقته الأولى التي عرفت باسم 'فرقة فلسطين للتراث الشعبي'، وفي حينه تألفت الفرقة من 14 عازفا، حيث غنى أبو عرب أكثر من 300 أغنية منذ سبعينيات من القرن الماضي
فتح تنعي شاعر الثورة
ونعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الى جماهير شعبنا الفلسطيني والى امتنا العربية واحرار العالم شاعر الثورة الفلسطينية وصوتها الهادر المناضل الكبير ابو عرب الذي رحل عنا مساء هذا اليوم
وقال احمد عساف المتحدث باسم الحركة ان رحيل ابو عرب الذي امضى حياته مناضلا حاملا لهموم شعبه ومعبرا بكلماته الصادقة عن واقع المأساة يشكل خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية
واضاف عساف ان ابو عرب الذي سجل تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة بمواويله واغانيه التي ستبقى محفورة في عقول وقلوب ابناء شعبنا الى الابد استطاع ان يوصل صوت الشعب الفلسطيني الى العالم اجمع
وشدد عساف على ان ابناء شعبنا سيبقوا اوفياء لهذا المناضل الكبير الذي شكل صورة مشرقة مشرفة للفن الهادف صاحب الرسالة الوطنية الصادقة
واكد عساف ان صوت ابو عرب لن يغيب لان اغانيه ستصدح من حناجر الاحرار من ابناء شعبنا وامتنا وستبقى كما كانت محرضا ضد الاحتلال
الاعلام تنعاه
ونعت وزارة الإعلام 'أيقونة فلسطين وشاعر ثورتها ومنشدها الفنان أبو عرب'، وقالت، في بيان صحفي، مساء اليوم، إن 'أبو عرب' شكل نموذجا استثنائيا ليس لفلسطين فحسب، وإنما لكل الحالمين بالحرية والمدافعين عنها في كل مكان على وجه الأرض.
واعتبرت الوزارة غياب شاعر الثورة، 'غياب لهرم ثقافي وخسارة موجعة لكل من عرفه وسمعه وآمن برسالته، فهو العلامة الفارقة لشعرنا وتراثنا وأهازيج ثورتنا وفرحنا وأملنا، مثلما كان بوصلة العودة، وأنشودة الحياة والمقاومة'.
وقالت 'إن حالة الترحال التي عاشها أبو عرب منذ ولادته في قرية الشجرة بجوار طبريا عام 1931، وحتى وصل لبنان وسوريا وتونس ومخيمات الشتاء في أصقاع الأرض، كانت بمثابة رسالة الحرية والأمل بالخلاص من المحتل، بالرغم من قسوتها ومركبات وجعها'.
وأكدت وزارة الإعلام أن غياب أبو عرب سيترك فراغا كبيرا في مشهدنا الثقافي، وفضاء إبداعنا، لكنه سيكون حافزا في الوقت ذاته لنكمل مسيرته حتى تحقيق ما آمن به شاعرنا ومنشدنا'.