في بغداد- سركون بولص*
ضريحُ الوليّ تنقصه ُ بضعُ آجرّات
من بلاطٍ أزرق وأحمر ، جدارهُ الدائريّ تغطـّيه
حتـّى قـُبـّته آلافُ الخِرَق من ثياب ِ مَن جئن َ هنا
جيلاً بعد َ جيل ٍ من العواقر
يلتمسن َ البرَكات !
حبّاتُ الكهرمان في سُبـّـحة المُقرئ الأعمى
عُقَـدٌ مدمّـاة ٌ لِكَـم قلب ٍ
كان َ يخفقُ في أزمور ذات َ زمن !
والعرّافة ُ الأريبة، طارفة ً بعينها الخضراء
لتطردَ سرّا ً غيرَ مرغوب ٍ رفرفَ من يدي المفتوحة
هاربا ً مثلَ غُراب ٍ الى البعيد، تهزّ الثمرة
في أعلى أغصان الزمن ، حجرا ً
له ُ سيماءُ الذهب...
إنـّها لا تُخبرني
عمّـا إذا كانت تعرفُ كلّ هذا
أم لا، فنحنُ لا نتكلـّم ُ، لا نقول ُ شيئا ً
أو نـُفصحُ عمّـا لا يُقالُ في حضرة الأبد .
***
لو رأتها
لو رأتها، تلك المرأة
الجانحة مع الريح
وفي عينيها علائم زوبعة قادمة
وشعرها، منذ الآن، ينتفش في دواماتها،
لا
تترددْ
وخبّرني، فهي قد تكون ضالتي
قد تكون من ذهبتُ أبحث عنها في القرى
والأرياف البعيدة
حالماً أن أجدها في زقاق
مقفر، ذات يوم، تحمل طفلا بين
ذراعيها أو تطل من نافذة
أو حتى أن أعرف أنها هي
في ثمّة صوت، في ثمة أغنية على
الراديو
أغنية تقول أشياء جميلة
عن الحزن
أو الهجرة
وقد لا تراها
سوى في جناحي فراشة
ترفرف لازقة في قار الطريق
عينيها الملطختين بمكحلة التاريخ العابثة
نهديها المثقلين يأنداء حزن أمة
وفاكهتها اليتيمة
كبضعة أحجار في سلة
تعود بها من سوق أقفلت دكاكينها تصفر في أخشابها الريح
على أطراف بلدة
ولدنا فيها، وحلمنا أحلامنا الصغيرة
ثم هجرناها.
*شاعر عراقي