صور- العوجا .. حين يعطش النبع !
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عبد الرحمن يونس - في "ارض الماء" التي كان يلذ للزائر النظر لقنواتها الطافحة سمكًا، لم تعد المياه سيدة المنظر الطبيعي الخلاب بعد ان امتصت المستوطنات غالبيتها وحولت الارض لأطلال، والقنوات الى "مقابر سمك" ومكبات نفايات.
على بعد 12 كيلومترا شمال شرق محافظة اريحا، تقع قرية العوجا صاحبة أكبر واشهر ينابيع في فلسطين. وتقدر طاقة ينابيعها الانتاجية بــ 1800 إلى 2000 لتر مكعب في الساعة، لكنها اليوم تضخ أقل من 5% من المياه التي تتبخر قبل ان تصل للمحاصيل الزراعية.
العوجا أو "أرض الماء" كما كان يفضل المزارعون والزوار تسميتها بسبب المياه الجارية من اول القرية حتى آخر بيت فيها؛ تغيرت فيها المعادلة الطبيعية بفعل سيطرة سلطات الاحتلال على المياه وتحويلها إلى المستوطنات التي تحاصر القرية من جهاتها الاربع.
والان، تظهر للعيان قنوات مائية جافة هي اشبه ما تكون بمقبرة للاسماك الصغيرة والحيوانات المائية الأخرى ومكب للنفايات والحيوانات النافقة، في حين ان النباتات بتلك المنطقة تفتقر لماء يقيمها على سوقها.
يقول ممثل مركز العوجا البيئي مهند صعايدة: تاريخيا يعتبر نبع العوجا من أكبر الينابيع في فلسطين، وهي مياه صالحة للشرب، بالاضافة إلى ذلك كان النبع يروي أكثر من 30 ألف دونم زراعي، لكن حاليا لا تتوفر في النبع أقل من 5% من نسبة المياه التي ينتجها النبع ولا تصل الى الاراضي الزراعية إنما تتبخر داخل القنوات المائية.
ويؤكد صعايدة، في حديث لـ القدس دوت كوم، أن السبب في ذلك يعود لسيطرة الاحتلال على معظم الموارد المائية للنبع، مشيرا إلى ان بجانب نبع العوجا 8 آبار ارتوازية يسيطر الاحتلال على 6 منها، بينما تسيطر السلطة على البئرين الباقيتين لتغذية مدينة رام الله والقرى المجاورة لها لكن حتى السيطرة السلطة مقيدة ولا يسمح لها بتطوير شبكات المياه أو زيادة نسبة المياه المستخرجة.
ويوضح صعايدة أن انحسار وانخفاض كمية المياه في قرية العوجا أدى إلى انخفاض نسبة الاراضي المزروعة بحيث لا تتجاوز نسبة الاراضي المزروعة 12% من أصل 30 ألف دونم زراعي، في حين اصاب الجفاف باقي الاراضي وصارت غير صالحة للزراعة.
ويرى الزائر عدة مضخات للمياه مقامة على جنبات الينبوع تغذي 8 مستوطنات وبؤر تحاصر قرية العوجا من جميع الاتجاهات، كذلك يستطيع الزائر أن يميز بين المزارع الفلسطينية التي يغلب عليها اللون الصفر ومزارع المستوطنات الخضراء بسبب وفرة المياه.
وحسب التقديرات، فإن 90% من أهالي العوجا الذين يتجاوز عددهم 4000 نسمة، كانوا يعملون في القطاع الزراعي، في حين ان 15% من السكان يعملون في الزراعة فقط على ان بعض هؤلاء يعمل في المزارع الخاصة التي تقع تحت سيطرة المستوطنين.
وعلاوةً على ذلك، منع الاحتلال المزارعين الفلسطينيين من حفر أي بئر أو ترميم الآبار الزراعية الموجودة.
ويقول عضو مجلس بلدي العوجا حسين عطيات ان هناك 7 آبار صغيرة يمتلكها المزارعون في قرية العوجا لكن المياه الموجودة فيها لا تكفي لريّ جميع المحاصيل الزراعية فضلا عن أنها لا تصلح لجميع المزروعات كونها شديدة الملوحة، مبينا أن سلطات الاحتلال تجري مراقبة دورية عليها حتى لا يتم ترميمها.
ويحذر عطيات من خطر حصول تصحر، حيث ان المصادرة تهدد أكثر من ثلثي الاراضي الزراعية في العوجا في حال لم يتم دعم المزارعين وتثبيهم في أراضيهم، مقرا بوجود تقصير من الجهات الحكومية والمؤسسات ذات العلاقة.
وتبلغ مساحة اراضي العوجا 120 الف دونم من ضمنها 20 الف دونم تخضع لسيطرة جيش الاحتلال لوقوعها ضمن ما يعرف بـ "الخط الأمني"، و25 ألف دونما تقع ضمن مناطق المصنفة "ج"، أما الباقي فهو موزع بين اراض زراعية خاصة وأراض مقامة عليها البؤر والمستوطنات.
من جهته، يؤكد محافظ اريحا والأغوار ماجد الفتياني أن الأغوار وتحديدا العوجا اصبحت بشكل عام اراضي متصحرة بسبب سيطرة الاحتلال على مساحات شاسعة منها وتحويل اغلبها إلى مناطق للتدريب العسكري علاوة على شح الامطار وتحويل مياه الينابيع والآبار الارتوازية للمستوطنات والبؤر الاستيطانية.
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.801888796506582.1073743254.307190499309750&type=3&uploaded=6