المسلكيات في الثقافة الذاتية والحركية - المسلكيات الشخصية والانضباط الحركي ح (21)
بقلم د.مازن صافي
تتكون العواطف الإنسانية نتيجة التعامل مع الحياة والتفاعل مع البيئة التي يوجد فيها الإنسان، فعاطفة الحب نحو إنسان ما تتكون عن طريق الملائمة بين الإنسان (أنا) وبين ذلك الشخص (هو)، فإذا كان الشخص لا يتعارض سلوكه مع ميولي (أنا) النفسية الطبيعية والمكتسبة كانت عاطفتي نحوه عاطفة حب وتتوقف درجات ذلك الحب في قوته وشدته على مدى الملاءمة بين ذلك الشخص وبين ميولي النفسية.
والعواطف عموما إما مادية أو معنوية، والعواطف المادية تتجه نحو الأشياء والأشخاص، وأما العواطف المعنوية فتكون نحو القيم الأخلاقية والمثل العليا ( المسلكيات) كالفضيلة وحب العدل وكره الظلم و الكذب والخيانة وإفشاء الأسرار، والجهر بالسوء ، وحب الشرف والحق والواجب والتعاون والتسامح والأخوة والإيثار .
وهناك عاطفة حب الفرد لذاته أي حبه لنفسه، فهو سعيدا جدا إن وجد نفسه سيد من حوله، وهو مغتبط تمام الاغتباط إن أحس بتعظيم من حوله له ، وهو راضي تمام الرضا إن سمع منهم مدحاً فيه، وهو كاره كل الكره لمن يتعرض له بنقد، أو تعريض، وهو غاضب أكبر الغضب ممن لم يظهر الاستحسان لكلامه والتقدير لأرائه، وهو يسعى تمام السعي لكي تظهر صورته في مجله أو اسمه في جريده أو صورته في موقع، ونجده يثقل على الناس بالحديث عن نفسه وعن قدرته وعن مكانته وعن شخصيته أو نجده يخرج على الناس بالتفاهات والترهات وهو من أجل ذلك يضحى بالكثير من اجل ذلك، ودائما يتصل حب الذات هذا بمركب النقص في أحيان كثيرة، وهو بذلك يلجا إلى التعويض والتبرير والإسقاط ومن هنا نستطيع تفسير سلوكياته ومسلكياته أمام ومع الناس.
هنا يجب أن نفرق بين حب الذات واحترام الذات، فحب الذات يعني الأنانية، أما احترام الذات فمطلوب لأنه يفسر المسلكيات الايجابية، وعدم رضا من يحترمون أنفسهم عن الأمور والتصرفات السلبية والغريبة والمرفوضة من الغير.
وحين يدور صراع بين الأفراد في مجموعة ما أو مجتمع ما أو حركة ما، فهذا يفسر وجود ( الأنانية) وصراع نفسي بين الأفراد، وتحويل المناخ العام إلى مسرح تشتعل فوقه هذه التناقضات والنفس المتشاحنة والبعيدة عن أي من المسلكيات السليمة، فيحدث التنافر وتشيع الفُرقة والهروب من المسؤولية، وتتفشى الأسرار، وتستخدم الوسائل التي تغذي صراع الأنفس المريضة بالأنا .
ما سبق يدعونا إلى الدخول في قاعدة أو مسلكية (الانضباط الحركي)، حيث توجد ظواهر عدم الانضباط، وهنا نحن لا نقول أن القاعدة غير منضبطة، أيضا هناك مسئولين وقيادات وأصحاب قرار غير منضبطين، و لربما عدم الانضباط يعود على حب الذات، وليس نكرانا للنظام، وحين تجتمع صفة حب الذات والتعالي على النظام فإن هذا يدخل في اللالتزام، بحيث يكون الخروج عن الخط التنظيمي والسياسي للحركة.
إن قاعدة الانضباط تحتاج إلى الحزم والمرونة والوعي ، حزم ومرونة قيادية، بحيث يكون هناك تفعيل للعقاب والثواب، وأيضا على مستوى العضو بتغذيته بالثقافة الحركية والوعي الفردي والجماعي والمراقبة الحركية ، وبقدر ما نقول عقاب نقول مرونة، فمن الجميل ألا يكون العمل بالانضباط تفاديا للعقاب، والأجمل أن يكون الانضباط فهما لطبيعة الحركة والبيئة والمناخ الموجود والمؤثرات والمتغيرات والتحديات التي لا تتوقف سواء محليا أو إقليميا أو دوليا، ونحن لازلنا جميعا تحت الاحتلال .
إن العضو (في القواعد والقيادة) الذي يمتاز بالاعتزاز بذاته تجده أكثر انضباطا وتفاعلا و مبادرةً وتسامحا ومؤمناً بالعمل الجماعي وقدسية الأطر الحركية، واحترام قاعدة المركزية الديمقراطية