في ضوء خسارة الكثير منذ الإطاحة بـ «إخوان» مصر... «حماس» ترابط في خندقها الأخير
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية - عبد الله ريان
باتت حركة «حماس» ترابط في خندقها الأخير قبل أن تفقد سيطرتها على قطاع غزة بعد أن خسرت في مواجهات سياسية عديدة ومتواصلة منذ الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر، نتيجة ارتباطها الوثيق بأجندات التنظيم التي فشل في تحقيقها، رغم محاولاتها استقطاب الرأي العام الداخلي والخارجي بكسب تعاطف ضد التصعيد العسكري الإسرائيلي على القطاع.
وخسرت «حماس» الحصانة المعنوية والأخلاقية والسياسية كحركة فلسطينية مقاومة ضد إسرائيل، واهتزت الصورة التي حافظت عليها قيادات الحركة لمدة طويلة قبل أن تواجه الطعن في حقيقتها مصرياً وعربياً على المستويين الرسمي والشعبي، في ظل الاتهامات الموجهة إليها بالمشاركة في مؤامرة إخوانية على المنطقة العربية، والتدخل الواضح في شؤون وسيادة دول، وخصوصاً مصر التي أصدرت محكمة الأمور المستعجلة فيها قراراً يقضي بحظر نشاطات الحركة، والتحفظ على مكاتبها وأموالها وتقييد حركة أعضائها.
في حين صنّف الشارع المصري الحركة، بعد سنوات من تأييده ودعمه لها، «منظمة إرهابية» نتيجة ممارسات عام كامل من سيطرة الاخوان المسلمين على الحكم في مصر، وما أعقبه من إطلاق يد «حماس» في الساحة المصرية على اعتبار أنها أضحت ملعبها الخاص، تصول وتجول فيه كيفما تشاء، بحسب بعض المراقبين.
ويرى المحلل السياسي عبدالله البوم في حديث إلى «البيان» أن تداعيات القرار المصري ستكون كبيرة على «حماس»، التي تواجه مصيراً مماثلاً للإخوان، كونها الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين.
ويضيف البوم: «لهذا السبب من الطبيعي جداً أن مصير حماس يتأثر إيجاباً وسلباً، بمصير جماعة الإخوان الأم، فكما استفادت حماس من الدعم الذي تتلقاه من الإخوان، عليها الآن دفع فواتير الخطايا التي اقترفها الاخوان بحق الشعب العربي في كل مكان»، حسب قوله.
ويشير المحلل الفلسطيني إلى أن هذا الثمن يأتي نتيجة أن «قيادة حماس استكبرت بعد ان وصلت إلى ما وصلت إليه، ونسيت أن الحصانة العربية ضرورية لأي حركة فلسطينية مهما علا شأنها، وأن هذه الحصانة مشروطة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأقطار العربية أولاً، وصدق انتمائها الوطني والقومي العربي الفلسطيني ثانياً».
ويوضح البوم أن «حركة الإخوان المسلمين وحماس ليست ببعيدة عن الحظر العربي والخليجي على التنظيم الإرهابي، وبذلك لم يبقَ من المحور الإقليمي الداعم لحماس سوى قطر وتركيا، اللتين كال لهم القيادي في حماس خليل الحية الثناء في المسيرة التي نظمتها حركته قبالة السفارة المصرية في غزة، رداً على قرار المحكمة المصرية باعتبار حماس منظمة محظورة إرهابية».
خندق أخير
ويرى مراقبون أن «حماس» تحارب الآن بصمت في خندقها الأخير، الذي تظهر فيه توجها نحو المصالحة الفلسطينية، وتظهر فيه أيضا أنها وقطاع غزة ضحية حصار إسرائيلي وتضييق مصري، في وقت تراهن على فشل المفاوضات ورؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس للحل وفق العملية السلمية، وبالتالي محاولة الخروج من مأزقها في ظل المستجدات التي ستفرضها مرحلة المواجهة الجديدة في حال فشلت المفاوضات، أو تفجير الساحة في غزة بتصعيد مع اسرائيل يقلب الطاولة ويخلط الأوراق، ويفرض معادلة فلسطينية وعربية جديدة ولو مؤقتة في التعامل بإيجابية مع غزة وسيطرة «حماس» عليها.
تهديد إسرائيلي
واصلت إسرائيل تهديداتها بشن عملية عسكرية على قطاع غزة، متوعدة حركة «حماس» برد قاسٍ. ونقلت اذاعة جيش الاحتلال عن مصادر عسكرية في قيادة المنطقة الجنوبية قولها إن القوة الصاروخية لمقاتلي الجهاد الإسلامي تشكل خطراً كبيراً على إسرائيل، مشيرة إلى أن «حماس ستدفع ثمناً باهظاً في أي عمليات عسكرية وهجوم على البلدات الجنوبية، بصفتها القوة الحاكمة حالياً في غزة». فيما قال المحلل السياسي عاموس هاريئيل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو «لا يريد التورط في غزة، حيث الكمائن والانفاق والمناطق المأهولة لاعتقاده بأن عملية برية واسعة في غزة لن تحصل على تأييد الجمهور في إسرائيل».