محلل اسرائيلي: قبل ان يعترف عباس بـ"الدولة اليهودية" يجب على اسرائيل ان تقدم تعريفاً لها
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اليوم الخميس مقالاً للكاتب بيتر بينارت يتساءل فيه "هل دولة نتنياهو وليبرمان اليهودية هي التي تثير نفور مواطنيها العرب، ام دولة اسحاق رابين اليهودية الشاملة التي كرست نفسها، لفترة وجيزة، للمساواة الحقة؟ وفي ما يأتي نص المقال:
"عندي اقتراح لـ(الرئيس) محمود عباس. في المرة التالية التي يطالب فيها (رئيس الوزراء الاسرائيلي) بنيامين نتنياهو بان تعترف باسرائيل كـ"دولة يهودية"، قل له انك ستوافق بشرط واحد. يجب ان يتفق مجلس الوزراء الاسرائيلي اوَلاً على ما تعنيه "دولة يهودية". ان هذا سيريحك لفترة طويلة.
لم تكن اسرائيل قادرة قط على تعريف مصطلح "دولة يهودية". وهذا جزء من سبب افتقارها لدستور. ويساورني شعور بان قادة هليل لا يستطيعون ذلك ايضاً، مع انهم يحضون الفروع المحلية على جعل تأييد "دولة يهودية" الاختبار الحاسم للمتكلمين المحتملين.
وفي الحقيقة هناك عدد من التعريفات لـ"دولة يهودية" يساوي عدد التعريفات لكلمة "يهودي". ومن اجل التبسيط، فلنصف تعريفين ونتصور كيف قد يرد عباس اذا ما قام نتنياهو فعلاً بتعريف المفهوم الذي يطالب الرئيس الفلسطيني بالموافقة عليه.
الدولة اليهودية رقم واحد تستند الى القناعة القائلة بانه بالنظر الى التاريخ اليهودي، فان اليهود يحتاجون الى دولة تحمي الحياة اليهودية. ولضمان تمسك الدولة بهذه المهمة، يجب ان يحتفظ اليهود بالسلطة السياسية. والحفاظ على السلطة السياسية اليهودية يفوق في اهميته كل ما عداه.
ان دولة كهذه تعمل بعدوانية لابقاء سكانها غير اليهود في مرتبة دنيا وضعفاء سياسياً. وهي ترفض اعطاء الجنسية حتى للاجئين غير اليهود الفارين من الاضطهاد. ولمنع سكانها الفلسطينيين من النمو، فانها تحرم من الجنسية فلسطينيي الضفة الغربية المتزوجين من مواطنات اسرائيليات. وهي تسر بالسياسات التي تقلص نسبة التكاثر في اوساط الفلسطنيين المواطنين في اسرائيل، كما فعل نتنياهو في 2007 عندما قال، بصفته وزيراً للمالية آنذاك، ان التخفيضات في دفعات رفاه الاطفال كان لها تأثير "ايجابي" اذ اسفرت عن "انخفاض دراماتيكي في نسبة المواليد" في اوساط الجمهور "غير اليهودي". ودولة كهذه تدرس جدياً اعادة ترسيم حدود اسرائيل كي تضع مواطني اسرائيل الفلسطينيين خارج الدولة من دون موافقتهم، كما قال وزير الخارجية افيغدور ليبرمان في اقتراحه الشهير. وهي، بالطبع، تحرم اي فلسطيني غادر اسرائيل خلال حرب استقلالها (النكبة) من القدرة على العودة.
وبالاضافة الى الحد من سكان اسرائيل غير اليهود عددياً، فان الدولة اليهودية رقم واحد تحد من نفوذهم السياسي. وعلى اساس ايديولوجي، تسعى الى منع الاحزاب الفلسطينية الاسرائيلية من تقديم مرشحين لعضوية الكنيست، كما فعل اتباع ليبرمان. وهي تصر على ان الائتلافات الحاكمة يجب، كي تكون شرعية، ان تتمتع بغالبية برلمانية يهودية.
وبالنظر الى افعاله، وافعال حلفائه السياسيين، فان من الواضح بجلاء ان هذا هو نوع الدولة اليهودية الذي يريده نتنياهو. انها دولة يشعر مواطنو اسرائيل الفلسطينيون بالنفور منها بصورة يمكن تفهمها. وهي دولة تسخر من الوعد الوارد في اعلان الاستقلال بـ"المساواة اتلتامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية...بغض النظر عن الدين، او العرق او الجنس".
لو كنت انا محمود عباس، لقلت المرة تلو المرة ان لليهود ارتباطاً كبيراً بالارض ما بين نهر الاردن والبحر المتوسط والحق في العيش بامان في اي جزء منها. ولكن اذا طلب مني نتنياهو ان اوافق على الدولة اليهودية رقم واحد، فسأقول له ان يدفع بها الى حيث لا تصل اشعة الشمس.
ثم هناك الدولة اليهودية رقم اثنان. وهي تبدأ من الاقتناع نفسه: اي انه بالنظر الى التاريخ اليهودي، فان اليهود يحتاجون دولة تحمي الحياة اليهودية. وهي ايضاً تقر بقيمة السلطة السياسية اليهودية، بل وتوافق على اجراءات غير قهرية، مثل تشجيع الهجرة اليهودية (الى اسرائيل)، وهي ما يعزز اعداد اليهود. ولكن بالنظر الى انها تعتبر الطبيعة الديمواقراطية للدولة مهمةً بدرجة مساوية لطبيعتها اليهودية، فانها ترفض اي اجراءات تقوض حقوق وكرامة مواطني اسرائيل غير اليهود.
وعندما تواجه (الدولة اليهودية رقم اثنان) طالبي لجوء تعرضوا لمعاملة وحشية، او فلسطينيين من الضفة الغربية يسعون للعيش داخل اسرائيل مع زوجاتهم، فانها تعطي الاولوية ليس للديموغرافية اليهودية، وانما للياقة الانسانية. وهي تفتخر بميلاد اي مواطن اسرائيلي، سواء كان اسمه يوسف (بكسر السين) او يوسف (بضم السين)، وتسعى لاعطائه فرصة متكافئة في الحياة. وهي ترفض قطعياً تجريد الفلسطينيين في اسرائيل من مواطنيتهم. وهي تملك ثقة بالنفس للاعتراف علناً بان خلق دولة اسرائيل - مثل خلق الولايات المتحدة – كان بركة كبيرة لبعض الناس ومأساة تاريخية لأناس آخرين.
الدولة اليهودية رقم واحد تقوم بمهمة افضل في الحفاظ على الغالبية اليهودية الكبيرة في اسرائيل. لكن الدولة اليهودية رقم اثنان تقوم بمهمة افضل في خلق هوية وطنية شاملة بما يكفي للبقاء بالرغم من غالبية يهودية مضمحلة. الدولة اليهودية رقم واحد هي من صنع ايدي بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان. رئيس الوزراء الاسرائيلي الاكثر دعماً للدولة اليهودية رقم اثنان كان اسحاق رابين الذي ضاعف، بين 1992 و1995، الانفاق على تعليم مواطني اسرائيل الفلسطينيين، وانهى الاختلاف بين المبلغ الذي تدفعه اسرائيل للعائلات اليهودية والفلسطينية عن كل طفل، واعتمد اجراءات عملية لزيادة عدد المواطنين الفلسطينيين في سلك الخدمة المدنية في اسرائيل واعطى الاحزاب الفلسطينية الاسرائيلية دوراً غير رسمي في الحكومة. وشرح عضو الكنيست الفلسطيني عبد الوهاب دراوشة ان موت رابين "كان المرة الاولى التي حزن فيها عرب لموت زعيم صهيوني" لأن رابين كان القيادي (الصهيوني) الاول والوحيد الذي اعترف بمظالم الماضي وعمل في الواقع لاصلاحها...لم يكن هناك اي رئيس وزراء (آخر) نظر الى الساسة العرب مثلما فعل هو، وجهاً لوجه. كان لذلك اثر على الشارع العربي برمته".
ماذا سيحصل اذا طُلِبَ من عباس الاعتراف بالدولة اليهودية رقم اثنان؟ لا ادري. لكنني اود ان اصدق انه لو اوضح قادة اسرائيل، اتباعاً لدرب رابين، ليس بالكلمات وحسب وانما بالافعال، ان بامكان دولة يهودية ان تحمي الشعب اليهودي بينما تكرس نفسها في الوقت نفسه للمساواة التامة والكرامة لشعبها باجمعه، فان معارضة عباس قد تلين.
وايا يكن الامر، فان الشيء المهم ليس ما 1ذا كان غير الاسرائيليين يؤيدون فكرة دولة يهودية. انه يتعلق بما اذا كان الاسرائيليون سيوجدون دولة يهودية تستحق الدعم. الن يكون امرا طيبا اذا ما كرس بنيامين نتنياهو بعض الجهد لذلك؟".
haنشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اليوم الخميس مقالاً للكاتب بيتر بينارت يتساءل فيه "هل دولة نتنياهو وليبرمان اليهودية هي التي تثير نفور مواطنيها العرب، ام دولة اسحاق رابين اليهودية الشاملة التي كرست نفسها، لفترة وجيزة، للمساواة الحقة؟ وفي ما يأتي نص المقال:
"عندي اقتراح لـ(الرئيس) محمود عباس. في المرة التالية التي يطالب فيها (رئيس الوزراء الاسرائيلي) بنيامين نتنياهو بان تعترف باسرائيل كـ"دولة يهودية"، قل له انك ستوافق بشرط واحد. يجب ان يتفق مجلس الوزراء الاسرائيلي اوَلاً على ما تعنيه "دولة يهودية". ان هذا سيريحك لفترة طويلة.
لم تكن اسرائيل قادرة قط على تعريف مصطلح "دولة يهودية". وهذا جزء من سبب افتقارها لدستور. ويساورني شعور بان قادة هليل لا يستطيعون ذلك ايضاً، مع انهم يحضون الفروع المحلية على جعل تأييد "دولة يهودية" الاختبار الحاسم للمتكلمين المحتملين.
وفي الحقيقة هناك عدد من التعريفات لـ"دولة يهودية" يساوي عدد التعريفات لكلمة "يهودي". ومن اجل التبسيط، فلنصف تعريفين ونتصور كيف قد يرد عباس اذا ما قام نتنياهو فعلاً بتعريف المفهوم الذي يطالب الرئيس الفلسطيني بالموافقة عليه.
الدولة اليهودية رقم واحد تستند الى القناعة القائلة بانه بالنظر الى التاريخ اليهودي، فان اليهود يحتاجون الى دولة تحمي الحياة اليهودية. ولضمان تمسك الدولة بهذه المهمة، يجب ان يحتفظ اليهود بالسلطة السياسية. والحفاظ على السلطة السياسية اليهودية يفوق في اهميته كل ما عداه.
ان دولة كهذه تعمل بعدوانية لابقاء سكانها غير اليهود في مرتبة دنيا وضعفاء سياسياً. وهي ترفض اعطاء الجنسية حتى للاجئين غير اليهود الفارين من الاضطهاد. ولمنع سكانها الفلسطينيين من النمو، فانها تحرم من الجنسية فلسطينيي الضفة الغربية المتزوجين من مواطنات اسرائيليات. وهي تسر بالسياسات التي تقلص نسبة التكاثر في اوساط الفلسطنيين المواطنين في اسرائيل، كما فعل نتنياهو في 2007 عندما قال، بصفته وزيراً للمالية آنذاك، ان التخفيضات في دفعات رفاه الاطفال كان لها تأثير "ايجابي" اذ اسفرت عن "انخفاض دراماتيكي في نسبة المواليد" في اوساط الجمهور "غير اليهودي". ودولة كهذه تدرس جدياً اعادة ترسيم حدود اسرائيل كي تضع مواطني اسرائيل الفلسطينيين خارج الدولة من دون موافقتهم، كما قال وزير الخارجية افيغدور ليبرمان في اقتراحه الشهير. وهي، بالطبع، تحرم اي فلسطيني غادر اسرائيل خلال حرب استقلالها (النكبة) من القدرة على العودة.
وبالاضافة الى الحد من سكان اسرائيل غير اليهود عددياً، فان الدولة اليهودية رقم واحد تحد من نفوذهم السياسي. وعلى اساس ايديولوجي، تسعى الى منع الاحزاب الفلسطينية الاسرائيلية من تقديم مرشحين لعضوية الكنيست، كما فعل اتباع ليبرمان. وهي تصر على ان الائتلافات الحاكمة يجب، كي تكون شرعية، ان تتمتع بغالبية برلمانية يهودية.
وبالنظر الى افعاله، وافعال حلفائه السياسيين، فان من الواضح بجلاء ان هذا هو نوع الدولة اليهودية الذي يريده نتنياهو. انها دولة يشعر مواطنو اسرائيل الفلسطينيون بالنفور منها بصورة يمكن تفهمها. وهي دولة تسخر من الوعد الوارد في اعلان الاستقلال بـ"المساواة اتلتامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية...بغض النظر عن الدين، او العرق او الجنس".
لو كنت انا محمود عباس، لقلت المرة تلو المرة ان لليهود ارتباطاً كبيراً بالارض ما بين نهر الاردن والبحر المتوسط والحق في العيش بامان في اي جزء منها. ولكن اذا طلب مني نتنياهو ان اوافق على الدولة اليهودية رقم واحد، فسأقول له ان يدفع بها الى حيث لا تصل اشعة الشمس.
ثم هناك الدولة اليهودية رقم اثنان. وهي تبدأ من الاقتناع نفسه: اي انه بالنظر الى التاريخ اليهودي، فان اليهود يحتاجون دولة تحمي الحياة اليهودية. وهي ايضاً تقر بقيمة السلطة السياسية اليهودية، بل وتوافق على اجراءات غير قهرية، مثل تشجيع الهجرة اليهودية (الى اسرائيل)، وهي ما يعزز اعداد اليهود. ولكن بالنظر الى انها تعتبر الطبيعة الديمواقراطية للدولة مهمةً بدرجة مساوية لطبيعتها اليهودية، فانها ترفض اي اجراءات تقوض حقوق وكرامة مواطني اسرائيل غير اليهود.
وعندما تواجه (الدولة اليهودية رقم اثنان) طالبي لجوء تعرضوا لمعاملة وحشية، او فلسطينيين من الضفة الغربية يسعون للعيش داخل اسرائيل مع زوجاتهم، فانها تعطي الاولوية ليس للديموغرافية اليهودية، وانما للياقة الانسانية. وهي تفتخر بميلاد اي مواطن اسرائيلي، سواء كان اسمه يوسف (بكسر السين) او يوسف (بضم السين)، وتسعى لاعطائه فرصة متكافئة في الحياة. وهي ترفض قطعياً تجريد الفلسطينيين في اسرائيل من مواطنيتهم. وهي تملك ثقة بالنفس للاعتراف علناً بان خلق دولة اسرائيل - مثل خلق الولايات المتحدة – كان بركة كبيرة لبعض الناس ومأساة تاريخية لأناس آخرين.
الدولة اليهودية رقم واحد تقوم بمهمة افضل في الحفاظ على الغالبية اليهودية الكبيرة في اسرائيل. لكن الدولة اليهودية رقم اثنان تقوم بمهمة افضل في خلق هوية وطنية شاملة بما يكفي للبقاء بالرغم من غالبية يهودية مضمحلة. الدولة اليهودية رقم واحد هي من صنع ايدي بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان. رئيس الوزراء الاسرائيلي الاكثر دعماً للدولة اليهودية رقم اثنان كان اسحاق رابين الذي ضاعف، بين 1992 و1995، الانفاق على تعليم مواطني اسرائيل الفلسطينيين، وانهى الاختلاف بين المبلغ الذي تدفعه اسرائيل للعائلات اليهودية والفلسطينية عن كل طفل، واعتمد اجراءات عملية لزيادة عدد المواطنين الفلسطينيين في سلك الخدمة المدنية في اسرائيل واعطى الاحزاب الفلسطينية الاسرائيلية دوراً غير رسمي في الحكومة. وشرح عضو الكنيست الفلسطيني عبد الوهاب دراوشة ان موت رابين "كان المرة الاولى التي حزن فيها عرب لموت زعيم صهيوني" لأن رابين كان القيادي (الصهيوني) الاول والوحيد الذي اعترف بمظالم الماضي وعمل في الواقع لاصلاحها...لم يكن هناك اي رئيس وزراء (آخر) نظر الى الساسة العرب مثلما فعل هو، وجهاً لوجه. كان لذلك اثر على الشارع العربي برمته".
ماذا سيحصل اذا طُلِبَ من عباس الاعتراف بالدولة اليهودية رقم اثنان؟ لا ادري. لكنني اود ان اصدق انه لو اوضح قادة اسرائيل، اتباعاً لدرب رابين، ليس بالكلمات وحسب وانما بالافعال، ان بامكان دولة يهودية ان تحمي الشعب اليهودي بينما تكرس نفسها في الوقت نفسه للمساواة التامة والكرامة لشعبها باجمعه، فان معارضة عباس قد تلين.
وايا يكن الامر، فان الشيء المهم ليس ما 1ذا كان غير الاسرائيليين يؤيدون فكرة دولة يهودية. انه يتعلق بما اذا كان الاسرائيليون سيوجدون دولة يهودية تستحق الدعم. الن يكون امرا طيبا اذا ما كرس بنيامين نتنياهو بعض الجهد لذلك؟".