"صبرا وشاتيلا": جرح مفتوح وذاكرة مُهددة!
محافظات -ألف - عبد الباسط خلف:
تختزن الذاكرة الفلسطينية فظائع خمسة أيام بالغة الأسى، بدأت في الخامس عشر من أيلول 1982، واستمرت حتى التاسع عشر منه. وقتها "تلذذت" ميليشيات لبنانية حاقدة، وتحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي اجتاح العاصمة بيروت، في استباحة الدم الفلسطيني والتنكيل بالعزل والضعفاء.
يفتح"ألف" بعد 29 سنة سؤالاً مصابًا بالوجع حول الذكرى، فيسأل عينة من جيل الشباب عن الذي يعرفونه عن "صبرا وشاتيلا"، ويطلب منهم أن لا يعودوا إلى مراجع التاريخ، ولا يستعينوا –كما اعتادوا- بخدمات " السيد جوجل"؛ للتعرف على مدى حضور الجرح في ذاكرتنا.
بالنسبة لقصي محمد طالب، المولود عام 1991 في مخيم جنين، فإن "صبرا وشاتيلا" مخيمان فلسطينيان في لبنان، تعرضا عام 1982لمجزرة من العصابات الصهيونية، وسقط فيها نحو700 شهيد." يقول: لم نقرأ في المدرسة عن المخيمين، وشاهدت أفلامًا وثائقية تتحدث حول المجزرة في قناة الجزيرة الوثائقية. ويضيف: المشكلة أن الشباب مثلي والذين ولدوا بعد المجزرة، لم تتح لهم الظروف كي يعرفوا الكثير عن الحدث الأليم، ولو كنا في سن نتذكر فيه ما نراه وقت المذبحة لاحتفظنا بالحدث ونقلناه لأولادنا، وما كنا نسينا تفاصيله.
ويرى الشاب مؤمن عباهرة، الذي يعمل قصابًا في جنين بأن كلمة صبرا وشاتيلا تعني له"مجزرة نفذها شارون في قريتين فلسطينيتين بلبنان." لكنه لا يعرف تاريخ وقوعها، ولا عدد الشهداء الذين سقطوا فيها. ويؤكد: أنا من مواليد عام 1993، ولم أسمع في المدرسة ولم أقرأ في الكتب المدرسية عن المذبحة، وهذا تقصير من الكبار والصغار، ويجب أن نحافظ على تاريخنا ولا ننساه.
وتعتقد الشابة رولا حلايقة، التي درست الصحافة والإعلام في جامعة الخليل، بأن صبرا وشاتيلا مذبحة جرت على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في لبنان عام 1982، وقتلت فيها أعداد كبيرة من النساء والأطفال والشيوخ، وقادها السفاح شارون. وتعرف من خلال متابعاتها في المدرسة والجامعة أن المذبحة شهدت العديد من الفظائع والانتهاكات والتنكيل وحالات الاغتصاب والقتل الجماعي، حتى أن المليشيات لم توفر أجساد الشهداء الذين أظن أن عددهم لم يُحصر بشكل دقيق، وكان يتراوح بين 2500 و3000 شهيد، ومن بينها اسر بأكملها.
فيما يقول مهندس الكمبيوتر عمرو شريم الذي رأى النور بعد سنتين من ظلام المجزرة، إن صبرا وشاتيلا تعرضا لقسوة اجتياح حاقد بالتزامن واحتلال بيروت. وفيهما تعاونت الكتائب اللبنانية والاحتلال الإسرائيلي في سحق أكثر من 250 من الأبرياء. وقرأت في المدرسة والجامعة عن المذبحة، وشاهدت أفلامًا تلفزيونية عن فظائعها، لكنني أعترف بأن الحدث الأليم لا يعيش في ذاكرة الكثير من الجيل الجديد.
وتظن المتطوعة في مركز شارك الشبابي بجنين منى ارشيد بأن كلمة "صبرا وشاتيلا" تُذكرها بمجزرة قام بها الإسرائيليون في لبنان أثناء عدوانهم الغاشم على لبنان، وأوقعت عدداً كبيراً من الشهداء في صفوف المدنيين الأبرياء."
تقول: لست متعمقة في الموضوع، وأعرف أنها وقعت سنة 1982، لكن لا علم لي بعدد الشهداء لأنني ولدت بعد ثماني سنوات من وقوعها، وقد قرأت عنها في المدرسة وتألمت كثيرًا.
ويميل سليم علي، وهو شاب يعمل بائعًا متجولاً في نابلس القديمة، إلى الاعتقاد بأن عبارة صبرا وشاتيلا تعني أسماء لمكانين، ويظن أن الأسماء مأخوذة من نبات الصبار والشتيلا. نساعد سليم في إمساك طرف خيط للحدث بالإشارة لسلسلة من المجازر كدير ياسين ونحالين وكفر قاسم وقبية وعيون قارة والحرم الإبراهيمي ومخيم جنين ونابلس، فيقول: تذكرت الآن هي مجزرة قالت لي جدتي مرة قصتها. ويتابع: لو أنني لم أترك المدرسة من الصف الرابع، لعرفت الكثير عن هذه المجزرة.
ويخلط الشاب سامر عبد الفتاح، وهو سائق سيارة أجرة يعمل في رام الله، بين حقيقة وقوع المجزرة وطريقة تنفيذها. ويقول: "هي مجزرة، وأظن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد وجّه قصفا بالطائرات، مثلما فعلوا في قانا خلال الحرب الأخيرة على لبنان."