المسلكيات في الثقافة الذاتية والحركية – الجمهور : أنواعه وطرق إقناعه .. ح 22
يكتبها/ د.مازن صافي
لا تتوقع أن تكون مؤثرا على غالبية الجمهور المستمع لك، حتى وان كنت بليغا في الإلقاء، على اعتبار أن القدرة على الإلقاء تعني القدرة على الإقناع.
يقسم الجمهور إلى عدة أنواع رئيسية، منهم الجمهور المحايد وهذا الجمهور لا يؤيدك ولا يعارضك، ولكنه يفهم ما تعرضه وبحاجة دائمة إلى التوجيه والإرشاد، وهنا يتوجب لإقناعه أن تذكر المزايا في اقتراحاتك وأفكارك مقرونة بالفوائد التي تعود على الجمهور، وعليك تنبيههم وتحذرهم من النقاط السلبية التي قد يغرقهم بها الآخرون، وفي نفس الوقت اعترف بأن لهم وجهات نظر يمكن الأخذ بها، وهذه مسليكات حوارية ملزمة وليست اختيارية .
وهناك الجمهور غير المهتم هو جمهور لا يبالي كثيرا ويحتاج إلى جهود مضاعفة لإقناعه وإزالة أسباب الملل التي قد تكون مسيطرة عليه، وهنا عليك أن تركز معه على عوامل تنشيطه وتفعيله وجذب انتباهه واهتمامه بالمواضيع التي تطرحها عليه.
وهناك نوع من الجمهور تنقصه المعلومات ولا يدري كيف يتصرف لذا فهو بحاجة إلى التعليم وتقديم ما يلزم لتثقيفه وتوعيته وهذا الجمهور يتوجب ألا تغرقه بالتفاصيل بل تكون مصداقيتك وخبراتك هي الطريق إلى إقناعه ويتوجب عدم إرباكه أو إدخاله في قضايا شائكة أو معقدة مثيرة للشك.
الجمهور المعارض هو جمهور غير مقتنع بك وبالتالي لا يثق بك ويعارض أرائك وأفكارك وربما يشعرك بأنه أعلى منك شأنا أو معرفة ولا يلزمه ما تقدمه له .
هنا يجب أن تبدأ معه بالألفة وبنقاط الاتفاق قبل الاختلاف ومحاولة بذل أقصى درجات الاستيعاب والمرونة معه وان يكون عنوان المصداقية معه تتمثل في الدلائل والبراهين، لأنها سلاحك القوي مع أهمية بالغة بتجنب المبالغة او التسفيه له، فان استطعت تحييده وتخفيض مستوى معارضته فهذا يعتبر نجاح .
الجمهور المؤازر لك هو جمهورك الحقيقي و يحتاج "فقط" إلى إعادة شحنه وقراءة مدة التزامه بخطة العمل، وهنا تلزم الخطب المفعمة بالحيوية ولا يتطلب الأمر شرح أو براهين موسعة، وأكثر ما يمكنك أن تقدمه له هو تحصينه من قدرة المعارضين على إرهاقه "بالمعلومات" أو الدخول إلى "قناعاته وثقته" ويلزم هنا تفنيد حجج المعارضين او الخصوم لكي يبقى جمهورك ناقلا لوجهة نظرك على الدوام .
وأخيرا يوجد الجمهور المختلط وهو الأنواع السابقة مجتمعة، وهنا يجب أن تركز على المجموعة التي تهمك وليس على التي تعارضك و يلزم ان يكون لديك خطط وقدرات مبتكرة وليست تقليدية، واحذر تقديم الوعود المجانية والجماعية للمجموع كله لأن عدم القدرة على التفنيذ يعني تحويل الجمهور المختلط إما لجمهور معارض او حيادي .
ولنتذكر أنه بقدر ما ترغب في إقناع الآخر يجب أن يكون لديك الدافعية للاستماع والإنصات له، "أنصت إلى الآخرين بنفس القدر الذي تود أن ينصتوا به إليك"، و لربما من الأهمية أن تعلم ان هناك نوعية من الناس يصنفوا بأنهم مستمعون جيدون لا تثير الكلمات الانفعالية في ثباتهم وقدرتهم على التركيز فيما يقال وفيما بين السطور وفي إيحاء الكلمات والإشارات، وبالتالي قد لا تؤثر فيهم عاطفة الألفاظ، لأنهم مدربون جيدا على منح أنفسهم فرصة جيدة للتفكير بعمق في كل ما يعرض عليهم سواء ايجابي او سلبي، هذا النوع من الناس يجب ألا تتعامل معهم "كمعارضين" .
ان قدرتك على تحييد المعارضين يعتبر انجاز يحسب لك، وبالمقابل إن إقناعك للنخبة من الجمهور ولو بالخطوط العريضة لأفكارك وإدخالهم في المحتوى وكسب تفاعلهم ومشاركتهم يعتبر إنجار يحسب لك ايضا، وتذكر دائما أن طاقة الانسان ليست خارقة، والقدرة على كسب كل الناس تعتبر مستحيلة، لذا ولكي تنجح في مهمتك عليك باعداد أهداف واقعية ويمكن انجازها واذا اردت تحقيق تغيير جذري فعليك بإعداد سلسلة من التغييرات تبعا لمبدأ التغيير التدريجي خطوة بخطوة .