فيديو - ريشة البخاري ...
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
معن ياسين
تدنو الساعة من العاشرة مساء. كل شيء في هذا المرسم المتواضع يبعث على السكينة. أينما أدرت وجهك سترى لوحات فنية، منها ما رحل مبدعوها، وأخرى مازالت ريشة أصاحبها تبدع بإخراج أخرى، لتومض فناً يعكس اليوميات الاجتماعية والسياسية، بنقد إيجابي أو سلبي للقضايا، التي يحاكيها فن الكاريكاتير ورسامه المقدسي بهاء الدين البخاري.
البخاري من أوائل الفلسطينيين الذين تبنوا فكرة إيصال رسالة فن الكاريكاتير بكل جوانبه، باعتباره 'فناً يؤشر لأشياء كثيرة، كالحريات، والتطور الفكري والفني، ويعكس صورة عن الأحداث العالمية والعربية'.
كما هي معظم البدايات الفلسطينية، كانت بداية البخاري مع فن الكاريكاتير خارج الوطن، عندما نشر أول لوحة كاريكاتير في جريدة الأيام الدمشقية عام 1962، بعد أن اكتشف والده الملكة الفنية لديه، ليأخذ بيده.
يقول: 'أذكر في ذلك العام كيف تحمس والدي للمواضيع التي أتناولها من خلال لوحاتي، فقام باصطحابي إلى جريدة الأيام الدمشقية. حينها كنت قد بدأت بالرسم متأثرآ بالحالة السياسيه العامة'.
من سوريا إلى الكويت ارتحل البخاري وعائلته، لتفتح أمامه المزيد من الآفاق المتعلقة بفن 'الكاريكاتير'. مبتسما يحدثنا: 'الانتقال إلى الكويت كان خطوة وحافزاً للمزيد من الإنتاج الفني، والانفتاح العام على كافة قضايا المجتمع المدني والسياسي بكافة الدول العربية بثقافاتها المختلفة'.
رافق البخاري في رحلته مع 'الكاريكاتير' منذ بداياتها رواد هذا الفن، خاصة الشهيد ناجي العلي، الذي كان أبرز متابعي لوحات بهاء الدين ومعارضه. يستذكره بكثير من الشوق حين يقول: 'ناجي العلي أتذكر جيداً بداية هذا الفنان، الذي كان رائداً في فنه وأخلاقه العظيمه، حيث كان نموذجا للفنان الفلسطيني الحر'.
رسومات البخاري بما أبدعت ريشته على مدى السنين، استحوذت على اهتمام الكثير من متابعي الصحف اليومية، كما أغضبت البعض الآخر، فكان ورسوماته سببا رئيسيا في إغلاق العديد من الصحف، بسبب نقده لبعض مواقف أصحاب النفوذ.
'لقد كنت وراء إغلاق عدد من الصحف في الكويت وسوريا. الأسباب في الغالب رسومات ساخرة سياسية أو اجتماعية. أذكر حادثة انهيار بناء ضخم قيد الإنشاء في الكويت، رسمت حينها لوحة ناقدة، وكان مقاول ذلك البناء ذي نفوذ، فأغلق الصحيفة حيث كنت أعمل'.
لم يكن البخاري صدفة فنية، فما أرّثه البخاري من إنجازات وإن كانت مغيبة عن السيرة الشخصية لهذا المقدسي؛ فلا يمكن إهمالها عند الحديث عن 'الكاريكاتير' الفلسطيني والعربي. وما لا يعرفه الكثيرون أن 'نعمان' و'ملسون' أبطال مسلسل الأطفال التربوي الشهير 'إفتح يا سمسم' هم من صنع خيال البخاري.
وهنا يقول: 'افتح يا سمسم كانت تجربه رائعة. مثلت لي فرصة للعمل مع عمالقة الفن والرسم على مستوى العالم آنذلك. وما يزيدني فخراً أن نعمان وملسون كانا الشخصيتان العربيتان الوحيدتان اللاتي تم ضمهما لذات العمل بنسخته الإنجليزية'.
فن 'الكاريكاتير' أصبح جزءا من هوية بهاء الدين البخاري وشخصيته، وما زال يحاول أن يعكس بريشته وألوانه هم الشارع وصوته، ما يجبر في كثير من الأحيان قارئ صحيفة الأيام الفلسطينية على البدء بالصفحة الأخيرة، ليشاهد ماذا سيقول البخاري.