نبيل عمرو: من صوت العاصفة الى صوت فلسطين - احمد دحبور
كان لا بد لهذه الشهادة النادرة من ان ترى النور، وكان لا بد للقائمين عليها، او واحد منهم على الاقل، ان يكتبها، فكان نبيل عمرو هو هذا الواحد، ذلك انه دخل تجربة الاذاعة الفلسطينية منذ بواكيرها، وكما يتذكر الاديب رهبته من محاولة النشر الاولى، يتذكر نبيل طلعته الاولى على الهواء، فيسند الفضل الى صاحب الفضل، فؤاد ياسين استاذ نبيل الاول في الاذاعة، واستاذي الكبير في المدرسة، اذ انه كان مدير مدرسة «الشجرة» التي تلقيت فيها دروسي الابتدائية الاولى. وكان صارما الى حد ان التلاميذ، الذين كنت احدهم، كانوا يهربون من الشارع الذي يظهر فيه.. حتى اذا اشتد عودي وامكن ان اراه بعين موضوعية، وقعت على الاستاذ المعلم الذي لا ادري ما كنت سأصير اليه لو لم اتلق دروسي الاولى في كنف ادارته النوعية.
يشير نبيل الى رهبته الاولى من مواجهة مكبر صوت الاذاعة والى تعاليم فؤاد ياسين - وهو ابو صخر، كما يناديه تلامذته وحواريوه - والى التجربة العملية التي جعلت من بضعة شبان فلسطينيين في طليعة الاذاعيين او العاملين في حقل الاذاعة من العرب. وكان ابو صخر قد وضع تعليمات اصبحت شبه قوانين بالنسبة الى المذيعين الشباب، الذين كان بينهم رسمي ابو علي والطيب عبد الرحيم وانضم اليهم مريد البرغوثي وعبد المجيد فرعوني ويحيى العمري الذي تألق بصورة خاصة من خلال صوته القوي ونبراته الواثقة.. وكان هناك غيرهم بالتأكيد، ممن عودوا الاذن العربية على السماع المبكر لصوت العاصفة.. صوت الثورة الفلسطينية. والطريف ان الاذاعة الشابة التي اقترحت اداء جديدا على الجمهور العربي بعامة، والفلسطيني بخاصة، هي اذاعة انجبتها الظروف الموضوعية بدعم من سياسة جمال عبد الناصر، القائد التاريخي الذي وصف التجربة الفلسطينية بأنها انبل ظاهرة في تاريخ العرب المعاصر. الا ان الامور لم تكن دائما سمنا على عسل..
الاسرة الدافئة
اول ما يلفت في شهادة نبيل عمرو على تجربة الاذاعة الفلسطينية، هو ذلك الجو الحميم الذي اوجده الاستاذ فؤاد، ابو صخر، بين العاملين فيها، فقد كانوا مجموعة شبان متعلمين، سبق لهم ان التحقوا بالثورة الفلسطينية التي حولتهم الى الاذاعة في القاهرة، وكان رئيسهم ومدبر شؤونهم، فؤاد ياسين، اكبر منهم بزهاء العشرين عاما، ما منحه بينهم وضع الاب، او الاخ الكبير، بالنسبة الى الشباب الاكبر سنا بينهم. ويذكر ابو طارق - نبيل عمرو، انه مرض ذات يوم، فعاده العاملون في الاذاعة جميعا، من ابي صخر - فؤاد الى حسن ابي علي، الفني المصري الذي كان رفيقهم واخاهم المعنوي في هذه البيئة التي يسودها طابع الاسرة المتضامنة.
وقد نجحت الاذاعة المعبرة عن صوت فلسطين، في اثارة حمية الجمهور الفلسطيني وحماسته، بعد ان اكتسبت صدقية لا يضيرها بعض الاخطاء كالمبالغة في خسائر العدو، او التحريض الجائر على العمال الفلسطينيين الذين يكسبون رزقهم لدى مؤسسة الاحتلال، حتى ان هؤلاء العمال اوفدوا بعضهم الى النافذين في الاذاعة، ليقولوا: وفروا لنا عملا شريفا ونحن سنترك العمل في هذه المؤسسات.
ويسهب نبيل ببيانه المشوق، في وصف كفاءة الاستاذ فؤاد ياسين في ادارة الاذاعة، وحرصها على مناوبة خلاقة تتيح لكل من العاملين دورا في قيادة الاذاعة، تمهيدا لليوم الذي يكون لنا فيه اذاعات تبث من اليمن والجزائر وبغداد - واضيف: ومن بيروت فيما بعد - وكانت تلك المناوبة تعد جيلا من الاذاعيين لا لعملهم الفني وحسب، بل ولادارة الاذاعة اذا احتاج الامر الى ذلك.. وقد كان..
وتشير هذه الشهادة الامينة الدقيقة الى دور الاذاعة المعنوي خلال احداث ايلول في الاردن، عندما كانت تبث من موقع متواضع وتأثير كبير تحت اسم: زمزم، وتطورت التجربة الذاتية بعد خروجنا من الاردن، حيث انشئت اذاعة بدائية في مدينة درعا السورية القريبة من الحدود الاردنية، وتوقفت هذه الاذاعة بعد ذلك اثر المصالحة بين النظام الاردني والنظام السوري بقيادته الجديدة التي يتولاها حافظ الاسد.
انها فترة خصبة في تاريخ العمل الاذاعي الفلسطيني، حيث كان يعمل بضعة شباب متعاونين ملتزمين، قادهم وعلمهم فؤاد ياسين، ثم كبر الشباب وتولى بعضهم ادارة الاذاعة في اوقات مختلفة مثل الطيب عبد الرحيم واحمد عبد الرحمن ونبيل عمرو شخصيا.
كانوا يعملون كفريق واحد، وفي بعض الاحيان لم يكونوا يغيرون ثيابهم، اذ انهم - كما قال يحيى العمري - لا يشاهدون احدا حتى يظهروا بمظهر رسمي.
زمن جديد
طرأت ازمة بين منظمة التحرير والرئيس عبد الناصر، اثر موافقته التكتيكية على مشروع روجرز ووقعت احداث ايلول في الاردن التي كان لعبد الناصر دور في اخمادها، ولكن ما ان زاره ياسر عرفات للشكر والمصالحة، حتى فارق الزعيم الكبير دنيانا فجأة، ليتولى السادات مقاليد مصر، ويبدأ عهد جديد. ثم وقعت حرب تشرين.. احداث متسارعة في زمن مختلف وصل الى ايقاف الاذاعة في القاهرة، ليتوجه الركب الاعلامي الفلسطيني الى بيروت فهو زمن جديد..
كانت قدرة الاذاعة في بيروت متواضعة، ولكن لا بد من العمل فيها، وقد اصبح نبيل مسؤولها الاول بعد سفر الطيب عبد الرحيم الى الصين.
والآن تجد الثورة نفسها في العراء، فقد غاب عبد الناصر وتكثفت الحملات على بيروت، واستشهد ابو الوليد سعد صايل، وتنقلت الاذاعة خمس مرات خلال ثلاثة اشهر، فما من مكان آمن حتى ان الجيران كانوا يحاولون الهرب عندما يعرفون ان الاذاعة قريبة منهم، لان طيران الاحتلال سيغير ويضرب. والواقع ان الفصل الخاص في هذا الكتاب عن اثر القصف والوحشية في نفسية القائمين على الاذاعة، يعد في نظري من اجمل الادب السياسي واصدقه واكثره اثارة للحمية، وقد بلغت الاثارة في كلمة الاخ ابي عمار من خلال الاذاعة وفيها يقول: ايها المجد اركع امام ابطال بيروت.. كان حصار بيروت فصلا مجيدا في حياة الشعب الفلسطيني اللبناني المقاوم، وكان هذا الفصل من الكتاب بتسجيله الوقائع، شهادة شامخة عن شعب فذ يعيش مقاومة استثنائية.
على ان الزمن الجديد ليس مجرد مساحة زمانية تضاف الى ما مضى، بل هو طور جديد في المعادلات والظروف وردود الافعال، بمعنى ان التجربة التي يشهد عليها ابو طارق، تكشف عن وعي جمعي نوعي قد اكتسبه اولئك المحاصرون المطوقون، فقد وجدوا انفسهم اكثر قربا بعضهم من بعض، وغدوا بالجملة اقرب الى فلسطين، واكثر فهما لدورهم في التعبير عنها وتقديمها الى العالم بوصفها احد اسئلة العصر الكبرى، وفي هذا السياق نفهم دلالة الوجوه والاسماء التي يستحضرها نبيل في تلك اللحظات المتوهجة، فأبو عمار اكثر من قائد تاريخي، وام بشارة اكثر من ام طيبة كانت تحنو على المحاصرين، ونعم فارس اكثر من فتاة لبنانية جنوبية اكتشفت روحها في عالم المقاومة حتى استشهدت راضية بمصيرها الشخصي الذي التحم بالقضية الوطنية من اساسها.
اعرف اني اكتب بلغة احتفالية، ولا اكتم اني كثيرا ما ضبطت الدموع تنفر من عيني الى ورق هذه الشهادة، لكن اللحظة الوجدانية المكثفة هذه ليست مجرد تزكية عاطفية لواحدة من انبل محطات نضال الشعب الفلسطيني بقدر ما هي لحظة امتلاء بفلسطين تجعلنا فخورين اننا من ابنائها الباقين على العهد.
هذا ما حدث
مئتان وعشرون الف قذيفة تساقطت على بيروت في عشر ساعات، والعالم الذي منح بيغن جائزة نوبل للسلام ما يجري، بهذه العبارات المكثفة يختزل نبيل مشهد الحصار، ويواصل شهادته دليلا على ان الحياة تستمر، وقد اتذكر لهذه المناسبة، خروج شاب لبناني على رأس تظاهرة في احدى عواصم العالم، وهو يهتف: اسرائيل ما بتفوت وام بشارة في بيروت، ليسأله سياسي مصري كبير عن ام بشارة هذه التي تقود صمود الفلسطينيين واللبنانيين، فأجاب الشاب بكل فخر انها والدتي ذات الثمانين عاما.. وبالفعل، كانت بيروت كلها ام بشارة ولهذا صمدت وارتد عن ابوابها الغزاة..
ولامر ما، شعر نبيل ان ذلك اليوم العاصف ذا القصف المكثف، سيكون آخر ايام الحرب حتى ولو كان يوم الذروة في الهول والضرب. مع هذا، كان الشعور اليما، فبيروت وان لم تكن بلد هؤلاء الفلسطينيين المحاصرين، تظل المدينة التي احتشدت فيها اعمق ذكرياتهم واغناها. وان الفلسطيني ليتساءل عما وراء هذه الهجرات المتتابعة، من النكبة الى النكسة الى احداث عمان او اي موقع ملتهب وجد اللاجئ نفسه فيه، ألم ينطق محمود درويش باسم فلسطين كلها حين قال: وحدي ادافع عن جدار ليس لي؟
ويقع نظر على ياسر عرفات فجأة، وهو يتوجه الى احد الافران ليأمر بتوزيع الخبز مجانا على المواطنين، من السادسة صباحا الى السادسة مساء، يسأله احد الشباب عما دفعه الى تلك المخاطرة، فيجيب القائد العام: وهل نحن الا في فرن يصهر الحديد مساحته لا تزيد على اثني عشر كيلو مترا مربعا؟
ولم تكن تلك لمسة القائد الوحيدة، وسيذكر نبيل كما نذكر جميعا، ذلك الرسم الكاريكاتوري البديع للشهيد ناجي العلي وهو يمثل بيروت تذرف دمعة وداع في وداع ابي عمار ومرافقيه..
وصلت ترتيبات الخروج مرحلتها النهائية، وكان آخر نشاط سياسي لابي عمار هو توجيه ثلاث رسائل: الى بريجينيف، والى ميتران، والى الملك السعودي فهد.. فما كان لمثل هذا القائد ان يجعل المناسبة تمر من غير ان يوثقها على طريقته ويجعل زعماء العالم شهودا على الملحمة. اما بيغن فقد كان له تعليق من نوع آخر، ومن طبيعة شخصيته، اذ تم تدمير بناية عكر، في الضائع، تدميرا كاملا وهي بناية عملاقة كانت تضم مئات المسيحيين والمسلمين، وقالت اذاعة الكتائب ان الاسرائيليين دمروا البناية لاشتباههم ان ابا عمار فيهم، وهكذا تكون الجريمة، من وجهة نظر الكتائب عملا عسكريا مشروعا. أكانت تلك «تحية» وداع متقنة من العدو ومن الكتائب، كل بأسلوبه المعادي المقيت؟
الرد الوحيد الممكن..
في لحظة صفاء مع الذات، يعرض ابو طارق مسلسل الهجرات القهرية التي تعرض لها، من الضفة الغربية الى الضفة الشرقية، الى دمشق، الى القاهرة الى بيروت ومنها الى اي مكان في العالم - «لم تكن هجرتي قرارا بالبحث عن الامان في اي مكان، فلقد كان حلمي يحملني الى جهات الارض الاربع» ولم تكن هذه الشقشقة مجرد بوح من مثقف فلسطيني مثقل بتجربة وطنية معقدة، بقدر ما كانت لسان حال جيل بكامله يكاد يؤرخ عمره بعدد الرحلات والهجرات والمنافي، وفيما هو مشغول بهذه المتابعة الوجودية، يلفته الاخ ابو عمار بظهوره المفاجئ امام الفرن المقابل، فقد كان لدى هذا الرجل الاستثنائي وقت ليتفقد حاجات الناس، لا سيما وان ساعة الحقيقة المؤلمة قد ازفت، وحان وقت الرحيل.. ويؤرخ الفنان الكبير - الشهيد فيما بعد - ناجي العلي تلك اللحظات بأحد رسومه الشهيرة، حيث تظهر بيروت صبية جميلة تذرف دمعة كبرياء صعبة في وداع المقاتلين الفلسطينيين الخارجين من بيروت الى اي منفى جديد..
كان الهدوء ثقيلا يضغط على الاعصاب، وهو ما وصفه القائد العام بالهدوء الذي يسبق العاصفة، ومع ذلك فإن الوضع الحذر لم يمنعه من مزاولة نشاطه، فقد راح يكتب ثلاث رسائل عالمية الى الزعيم السوفييتي بريجينيف، والرئيس الفرنسي ميتران، والملك السعودي فهد، فيما كانت بناية الصنايع تتهاوى اثر القصف المركز من صواريخ الاحتلال وطائراته، وقد تلقى القائد العام رسالة من شخصية نافذة في العالم تحذره من ان الاصعب قادم «فاحذروا الايام القادمة ولا تدعو زمام الموقف يفلت من ايديكم» وكيف يكون الحذر وكل ما في المحيط هو خطر او المزيد من الخطر؟
ووجد كادر الاذاعة الفلسطينية نفسه في حالة بحث دائم عن الجديد والمدهش، من الاناشيد والاهازيج المشهورة الى صوت الحادي الشهير يوسف الحسون وارتجالات شاعرنا الشعبي الكبير ابراهيم الصالح، واسمه المعروف لدى العامة هو ابو عرب، فضلا عن الابداعات الشعبية التي كانت تنتجها ظروف هذه الحرب العجيبة، بل ان كادر الاذاعة قد اوجد الحيز المناسب للنشاط الثقافي ضمن برنامجه «ثقافة. ادب. فن» كما تم استحداث نشرة يومية صحفية باسم «المعركة» شارك فيها مختلف المثقفين الفلسطينيين واللبنانيين واشقائهم العرب، مما خلق نكهة جديدة للادب السياسي المطبوع رديفا للنشاط الفذ الذي يبذله القائمون على الاذاعة.. كان كل شيء يحارب. وكما تقول احدى اغاني الثورة: هذا هو الرد.. ثم.. كان لا بد مما ليس منه بد، فقد ازف وقت الرحيل.
النشيد العميق
الى هنا، ويكون كتاب نبيل عمرو «صوت العاصفة» قد انتهى بما هو تدوين ومعلومات وذكريات، ليقترح على المتلقي فضاء آخر، هو خليط من الشعر والاسى والنشوة، بحيث يخلد في الروح ذلك النشيد العميق، النشيد الذي لا حاجة به الى الكلمات، فهو ظلال قانية للوقائع التي سردها الكتاب بكل موضوعية، حتى وعلامات الزهو تنتشر من بين ثناياه. والحق ان هذه التجربة الفذة قد انجزت ادبا وشهادات استثنائية تحولت الى كتب وكراسات واناشيد، ولعلنا نذكر في هذا السياق، كتاب الراحل الكبير محمود درويش «ذاكرة للنسيان» ورائعة المرحوم معين بسيسو التي سماها «القصيدة» وعلى المستوى التسجيلي هناك رشاد ابو شاور وكتابه «آه يا بيروت» الذي محضه ذكريات حميمة بلغة حارة تؤرخ للحدث البيروتي العظيم..
على ان كتاب نبيل عمرو، هو في آخر حساب محاولة لتأريخ اذاعة نادرة، شغلت الوطن العربي زمنا حتى لاذكر دهشة الاستاذ محمد حسنين هيكل وهو يقول: مش معقول ان الشبان دول قلبوا راس العالم وجندوه ضد اسرائيل بامكانيات اقل ما يقال فيها انها مش امكانيات.. ايه ده؟
اذكر اننا كنا نكتب ونقول ان هؤلاء الصهاينة المجانين لا يعرفون انهم كانوا يحاصرون خلاصة العقل العربي الرافض للهزيمة، وبالتالي فإن حصارهم كان محكوما بالخيبة.
لقد ترتب على ذلك العدوان الفاشي الفظ، اخراج الثورة الفلسطينية من لبنان.. هذا صحيح، ولكن الصحيح ايضا ان المقاومة سجلت فضلا نوعيا في درس تاريخي ميداني، ولهؤلاء الذين خرجوا من جحيم الحصار، ولجمهورهم الذي هو الوطن العربي من الماء الى الماء، نردد احدى اغنيات الثورة المبكرة: نقاتل واحنا واقفين، لنحقق النصر المبين..
ذلك هو النشيد العميق الذي يدعونا باستمرار لتجديد كتابته، والذي لا املك الا تحية نبيل عمرو على تدوينه بهذا القدر من المسؤولية، بعيدا عن الحماسة والخطابة، فهو تدوين موضوعي خالص لوجه الحق والحقيقة.
ثم ماذا؟
يقترح كتاب نبيل عمرو علينا افكارا مركبة، تبدأ بحث شهود تلك المرحلة من المبدعين الفلسطينيين على ان يدلوا بشهاداتهم من خلال نتاج ادبي هو استمرار لادب المقاومة في العالم، وتمر بمراجعة التجربة بتفاصيلها المرة والحلوة، ولا تنتهي بمخاطبة العالم في ضوء هذه الذخيرة من المعلومات والشهادات والوثائق. فمعظم ابطال الملحمة على قيد الحياة وهم مدعوون الى الادلاء بشهاداتهم.
الى التقاط حتى الجزئيات الصغيرة لترميم الصورة الكبيرة المنشودة مما لم يعط الفرصة العادلة لتدوين احوال الوضع الثقافي آنذاك صحيح ان المقاومة اصدرت في بيروت نشرة «المعركة» وان الاعلام الفلسطيني خارج بيروت، قد زكى تلك النشرة بنشرة تحمل اسم «صدى المعركة» ولا شك ان مثقفين فلسطينيين وغير فلسطينيين قد اسهموا في تدوين هذا الحدث التاريخي، ولكن يبقى استثمار هذا الفصل النادر من تاريخنا، وقد مر عليه ثلاثة عقود لتسجيله في اطار مركب يجمع الوثيقة الى الصورة الى التاريخ فالنصوص الادبية.. ان بيروت لتستحق ذلك عن جدارة، ولم يفت الوقت على اي كاتب للادلاء بإفادته.. فهل نبدأ؟