شهر أخضر في فلسطين
اختتم فريق مركز التعليم البيئي مشروعه 'شهر أخضر في فلسطين'؛ موصلا رسالة 'تُشجع' المواطنين والمؤسسات وصناع القرار على منح البيئة اهتماماً يوازي حجم ما تتعرض له من تحديات.
ورسم موظفو ومتطوعو المركز ما يشبه 'خريطة طريق خضراء'، توضح المناطق التي شملها الشهر البيئي، انطلاقاً من جنين ومروراً بالأغوار وطوباس ونابلس ورام الله ووصولاً إلى ضواحي القدس ومدينة المهد. ويأملون أن يصلوا في المواسم المقبلة لقلب القدس وغزة وداخل الخط الأخضر؛ لأن البيئة لا تعترف بالسياسة.
وتجاوزت الأرقام التي وصلت إليها أنشطة الفريق لألفي مشارك مباشرة، بجوار آلاف بشكل غير مباشر كالمستمعين للومضات الإذاعية في أربع محطات لشهر كامل: راية، وبيت لحم 200، وصبا، والخليل، عدا عن برنامج أسبوعي يروج للبيئة بالشراكة مع 'صوت النجاح' بنابلس.
المدير التنفيذي للمركز سيمون عوض في لخص فكرة شهر البيئة ونتائجه بصورة مكثفة، بقوله: 'البيئة في بلادنا في ذيل اللائحة، وقد تحتاج لسنوات طويلة من العمل لتغيير واقعها نحو الأحسن، وبكل تأكيد لن نستطيع في شهر واحد أن نُحدث فارقاً كبيراً، لكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، وعلينا أن نُشعل شمعة أمل.'
وأضاف: أطلقنا يوم البيئة في الخامس من آذار، وسيصبح الأمر تقليداً سنوياً، وهو مبادرة لرئيس الاتحاد اللوثري العالمي ورئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، المطران منيب يونان، ورأت النور بالتعاون مع سلطة جودة البيئة في مؤتمر صحافي بمقر مركز الإعلام الحكومي جمع المطران وجميل المطور.
وتابع: نستطيع أن نجهز منذ الآن إلى العام القادم لسلسلة فعاليات أشمل وأكبر، في ثاني تجربة ليوم البيئة، وننتظر أن تدخل أنشطتنا لكل بيت ومدرسة وجامعة، أو على الأقل أن ننقل لفئات المجتمع المختلفة قضية البيئة، لتصبح قلقاً يومياً للناس.
ولا تحظى البيئة بأنصار في المجتمع الفلسطيني، فهي مقارنة بالرياضة كما يقول عوض وفرق المركز، تبدو حزينة، ولم تتحول بعد إلى جزء من قلق الناس، كما يندر الحديث عنها في وسائل الإعلام، ولا تحظى بتدريس مستقل في المناهج المدرسية والجامعية.
وبحسب بيانات المركز، فقد توزعت أنشطة الشهر الأخضر، التي انطلقت في الخامس عشر من آذار الماضي، وامتدت حتى الخامس عشر من نيسان الحالي، على العيزرية ونابلس وجنين وطوباس وأريحا وبيت لحم والخليل ورام الله وبيرزيت، وشملت غرس أشجار، ومسيرات توعية خضراء، وحملات نظافة، وحملات تحجيل ومراقبة للطيور ضمن الأسبوع الوطني الثالث لهذا الغرض في محطتي طاليتا قومي وأريحا بإشراف رئيس منظمة الطيور الأوروبية SEEN البروفيسور البولندي بوسيه، ويوم وطني لعد السمامة الشائعة، وورش رسم، ومسابقات وجولات تعليمية في الطبيعة للأطفال، ومسارات بيئية في وادي القلط وبرية القدس وخربة المخرور وبيت لحم وطوباس، انضم إليها طلبة ومهتمون وباحثون وزوار أجانب.
ووفق القائمون على 'شهر الدفاع عن البيئة'، فقد شهد إطلاق سلسلة منتديات هدفت للبحث عن أنصار يؤمنون بعمل دائم في إطارها، كتنفيذ حملات تطوعية، وتثقيف، وتدريب الأطفال على احترام البيئة، وحث طلبة المدارس والجامعات على تغيير تعاملهم مع قضاياها.
تقول المسؤولة عن متابعة أنشطة المركز ماريانا جعنينة: أسسنا أربعة منتديات لتشجيع الطلبة والنساء والأطفال على تنفيذ أنشطة ميدانية غير موسمية تنطلق من دوافع تطوعية، ولا تنتظر برامج دعم وتمويل.
وتؤكد أن يوم البيئة وفعاليات شهرها ساهما في تغيير الواقع بعض الشيء نحو الأحسن، بدليل انضمام مدارس ومؤسسات ومتطوعين بشكل عفوي للمسيرات والأنشطة وحملات التطوع والنظافة، لكن الأمر يحتاج لمزيد من الصبر.
وكان المركز قد أطلق، خلال شهر واحد، بالشراكة مع مؤسسات وجامعات واتحادات أربعة منتديات شبابية ونسوية ومجتمعية ولطبلة الإعلام، حملت بعضها أسماءً مستوحاة من البيئة كـ'زهر اللوز'، و'ندى'، و'ضياء'.
و'التعليم البيئي' مركز منبثق عن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، تأسس عام 1986 عبر برنامج الوعي والمشاركة بالتعاون مع جامعة بيرزيت، وتحوّل في عام 1992 إلى إطار جديد باسم 'أطفال لأجل حماية الطبيعة في فلسطين'، ثم صار عام2001 مركزاً قائماً بذاته يحمل اسمه الحالي.
ويسعى المركز أن يكون فضاء ً توعوياً تعليميًا ريادياً متخصصًا بالبيئة، يساهم بفاعلية في الحفاظ عليها، وحماية تنوعها الحيوي، والإبقاء عليها أولوية في المجتمع الفلسطيني.
ويؤكد عوض: يهدف المركز إلى رفع الوعي البيئي للمساهمة في الحفاظ على البيئة الطبيعية، وحماية التنوع الحيوي والبيئة. ويسعى إلى تمكين الأفراد والمجموعات من تحمل المسؤولية البيئية، من خلال برامج التعليم المختلفة. ويسعى إلى تعزيز الأفراد لإحداث التغيير المُستدام، ولدعم المجموعات الاجتماعية لفهم العلاقة بين الإنسان والبيئة، ولتعزيز الوعي البيئي المتراجع في فلسطين. ويقود المركز البحث العلمي في مجالات تحجيل الطيور ومراقبتها ودراستها؛ للإسهام في التعريف بالتنوع الحيوي الغني لفلسطين، من خلال الأبحاث والتعليم والتدخل والمشاركة المجتمعية. كما يسعى المركز إلى بناء التواصل وتوفير الفرص لأجل الاهتمام والتعلّم من البيئة الطبيعية العالمية.
فيما يقول باحثو المركز مهد خير، وميشيل فرهود، ورياض أبو سعدى، إن تخصيص حيز من أنشطة الشهر للطيور والتعريف بها ونشر ثقافة إيجابية إزاء عدم التعرض لموائلها، والامتناع عن صيدها، جاء لاعتبارات بيئية خالصة.
ويذكر الباحثون الثلاثة، الذين يعملون بالتناوب على مراقبة سماء محطتي بيت جالا وأريحا، اللتان تعدان الأول من نوعيهما في فلسطين، ومناطق مختلفة أخرى إن دلالات ومراحل عملية مراقبة الطيور وتحجيلها وصلت خلال شهر البيئة إلى المئات من الزائرين والباحثين وأعضاء وفود أجنبية وطلبة مدارس وجامعات.
وللدلالة على أهمية مراقبة الطيور، يسرد الثلاثة حقيقة صغيرة، مفادها أن زوجين من طائر السمامة الشائعة في فلسطين، بمقدوره أن يأكل نحو عشرة آلاف حشرة في اليوم الواحد، ما يعني الاستغناء عن المبيدات الكيماوية.
يختتم المدير التنفيذي للمركز: ننشر دائماً أهدافنا الخضراء، ونتذكر أن تفعيل مفاهيم المحافظة على البيئة والمكونات الطبيعية لها، وزيادة الوعي بالقيم الاقتصادية والعلمية والثقافية للموارد الطبيعية، مسألة صعبة لكنها ليست معجزة.