الرئيس في مقابلة مع 'المصري اليوم': مصر بدأت تستعيد دورها... القدس عاصمة فلسطين ولن نقبل بديلا عنها - جادون في تحقيق المصالحة
جدد رئيس دولة فلسطين محمود عباس اليوم، التأكيد على تمسكه بالثوابت الوطنية وفي مقدمتها القدس الشرقية عاصمة الدولة المستقلة.
كما شدد الرئيس في حوار مع جريدة 'المصري اليوم' المصرية واسعة الانتشار على أنه يبذل كل ما هو ممكن لطي صفحة الانقسام الداخلي.
وحذر الرئيس من مخاطر الاستيطان على مستقبل عملية السلام وعلى حل الدولتين، مضيفا: الجيل الجديد من الشباب يرى أن حل الدولتين أصبح صعبا ولابد من دولة واحدة، وابني نفسه يعارضني فأنا أرى الحياة مع الدولتين، فهذه رؤية واقعية.
وقال الرئيس: ما دمت أنا أحمل المسؤولية وأنا قائد هذا البلد وأنا موجود، فلا بد أن أقول إني مع (الدولتين) وليس مع الدولة الواحدة، وأنا أحترم تفكير جيل الشباب، إسرائيل تبنى كل يوم مستوطنات وتقول هذه أرض مشاع، ولذلك وقعنا على 15 معاهدة دولية لنصبح أعضاء في المجتمع الدولي بشكل رسمي.
وأكد أن الرأي العام الفلسطيني مازال مؤمنا بالسلام، وأنه شعبنا يريد 'الوصول إلى دولة مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في أمن واستقرار'.
وتابع الرئيس: القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 هي عاصمتنا، ولن نرضى عنها بديلا كعاصمة لفلسطين، و'عندنا كنيسة القيامة والمسجد الأقصى لا نتخلى عنهما، وليس عندنا مسلم أو مسيحي فنحن شعب واحد لا فرق'.
وذكر أن المسلم والمسيحي دائما شريكان في القضية والكفاح الوطني، مضيفا: أحيانا يتكفل جارنا المسيحي بتكاليف حج مسلم، هذا هو الشعب الفلسطيني.
وأشار الرئيس إلى أن أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت الاحتلال، وأن الحكومة تدفع للقطاع 56 من مجمل الميزانية، ما بين رواتب ووقود، وصحة وتعليم.
وأضاف الرئيس: أنا أقول لابد من إجراء مصالحة والأمر مختلف عنكم في مصر، أنتم تقولون لا نريد مصالحة وأنتم أحرار ولكن أنا أريد مصالحة، وأدعو لها، وهناك وفد سيذهب إلى غزة ليدفع للمصالحة، ومصر بدأت تأخذ دورها، مصر أم الدنيا هي سندنا.
وقال: الرئيس عدلي منصور والوزير نبيل فهمي قالا بالحرف الواحد: 'نحن مع فلسطين ومع الشرعية الفلسطينية التي تمثلونها ومع قراراتكم ومواقفكم واطلبوا منا ما تريدون'.
وأشار الرئيس إلى أن الاتصالات مع حماس واللقاءات المرتقبة في غزة تهدف إلى معرفة موقف قادة حماس من الانتخابات.
وأردف: سأتكلم مع إسماعيل هنية، وأقول أنت عنوان حماس، هل موافق على الانتخابات، فإذا قال نعم ذهبنا للانتخابات، وإذا قال لا، لنا قرارات، عندنا المجلس المركزي وهو البرلمان الفلسطيني العام ليقول كلمته نهاية نيسان/ إبريل الجاري.
وأضاف الرئيس: سيأتي جيل يسألنا ماذا فعلتم؟ ... لابد من تسليم الراية ثم تأتي استراحة المحارب، ولكن ليس من السهل الآن تسليم الراية، لأن العبء ثقيل والمسؤولية جسيمة، وقد تكون الأخطار أكبر من المكاسب.
وردا على سؤال حول اختلاف منهج عمل الرئيس عن الشهيد الراحل ياسر عرفات فيما يخص عملية السلام والقضية الفلسطينية، أجاب سيادته: صحيح، أنا منهجي يختلف عن الشهيد ياسر عرفات، ولكن أنا لا أبتعد كثيراً عن عرفات، أنا وهو أولاد مدرسة واحدة، وهو أكبر مني وهو مناضل، ولكن لا ننهج نفس المنوال، فالظروف متغيرة. نحن بدأنا الكفاح المسلح، وأطلقنا الدولة الفلسطينية من أجل مبادرة سلام.
وتابع: ذهبنا إلى مدريد ثم ذهبنا إلى أوسلو، وبدأنا مسيرة السلام، ولا يجوز سلام وكفاح مسلح.. 'يا كده يا كده'.
وذكر الرئيس أن هناك قوى ديمقراطية إسرائيلية ترفض الاحتلال وتساند حقوق شعبنا الوطنية الثابتة.
وفيما يلي النص الحرفي للمقابلة:
أبومازن.. رجل وقضية (حوار)
| كتب: مفيد فوزي
كل لحظة في حياة هذا الرجل فارقة. فهو في مهمة طويلة طويلة، ومعقدة ومتشابكة، تنفرج قليلا وتتلبك كثيراً. رجل وقضية متلازمان كل الوقت ولا أظن أنه يعرف (أوقات فراغ). حتى عقله في أوقات الفراغ يحتشد للقادم، والقادم محشو بالمفاجآت. إنه يملك - فيما أتصور - صبر المفاوض وهدوء المجادل، ويكشف خبث الأوراق، ومعنى بتفنيد العبارات المطاطة التي تضلل.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن).
قابلته في قصر الضيافة، مساء يوم، وكان قد انتهى من جلسة طويلة مع رموز الإعلام المصري. وحين دخلت مكتبه وجدت استراحة صغيرة بلا مكتب فخيم، والكراسي متناثرة، ولاحظت أنه مرهق إرهاق الذين يسيرون عكس التيار، فلا يرضون كل الناس. إرهاق «المبحرون في المياه الصعبة» أو الرمال المتحركة. تركته يشعل سيجارة ويرشف شفطة من فنجان قهوة بردت، ويحرك رقبته، ويمسح نظارته، ويطلب لي فنجان «قهوة عربي» وتسلل سؤالي بصوت خفيض ربما يحمل الحنو على ظهر رجل يحمل الكثير. قلت: أبومازن، هل أرهقتك رحلة الكفاح من أجل الكينونة الفلسطينية؟ رد بتلقائية (أي والله). أعتقد أن أبومازن لم يتوقع هذا المدخل ولكنه استراح للبداية. تعلمت في فن الحوار أن أدق على باب الإنسان، فيفتح لي الباب «السياسي»! قلت: إن حماسك لا يفتر.
قال أبومازن: القضية للأجيال وسيأتي جيل يسألنا ماذا فعلتم؟ ثم أضاف أبومازن - الذى كنت قد قرأت أطروحاته عن القضية قبل أن ألقاه: ولكن العمر قد يخذل صاحبه فأنا الآن في التاسعة والسبعين وأزحف نحو الثمانين، جرت الأيام بسرعة، ومرت كالسهم.
أبومازن
1- مدخن منذ وقت طويل (منذ 60 عاما).
2- لا يشعلها بنفسه، ربما يستغنى عنها ساعات.
3- ينفث دخانها وكأنه يتخلص من غبار السياسة.
4- يتخلص منها أثناء حماسه في النقاش.
5- يستأذن ضيفه إن كان الدخان يضايقه ويتحول إلى مدخن سلبى!
6- فنجان القهوة العربي متلازم مع السيجارة وقد يكتفى برشفة!
لا بد من تسليم الراية
قال لي أبومازن: لابد من تسليم الراية ثم تأتى استراحة المحارب، ولكن ليس من السهل الآن تسليم الراية، لأن العبء ثقيل والمسؤولية جسيمة، وقد تكون الأخطار أكبر من المكاسب. ماذا سيكون فعل شعبنا في الداخل والخارج؟ من يؤيد ومن يعارض؟ وماذا سيكتب التاريخ عنا؟ قلت: هذه خواطرك في أسفارك إلى واشنطن التي في يدها كل المفاتيح. رد وهو يهز رأسه: هذا حقيقي ولكن من المهم أن أقول لك إنني لم أكن في يوم من الأيام مع الانتفاضة المسلحة.
قلت: عفوا، حين ذهب أبو عمار إلى الأمم المتحدة قال لهم في يدى غصن زيتون وفى يدى بندقية ثائر، وقال لهم أرجوكم لا تسقطوا غصن الزيتون من يدى، ولكن لأبو مازن منهج آخر. قال الرئيس الفلسطيني: صحيح، أنا منهجي يختلف. أنا لا أبتعد كثيراً عن عرفات، أنا وهو أولاد مدرسة واحدة، وهو أكبر منى وهو مناضل، ولكن لا ننهج نفس المنوال، فالظروف متغيرة. نحن بدأنا الكفاح المسلح، وأطلقنا الدولة الفلسطينية من أجل مبادرة سلام. قلت: من الكفاح المسلح للسلام؟ قال: نعم، إنه المناخ الذى حولنا وبالتالي لابد أن نفكر في هذا السياق أو ذلك الإطار. قلت: كيف كانت الرحلة؟ قال: ذهبنا إلى مدريد ثم ذهبنا إلى أوسلو، وبدأنا مسيرة السلام. قلت: ثم؟ اعترضني، وقال: لا يجوز سلام وكفاح مسلح.. يا كده يا كده؟! قلت: أبومازن، صارحني، هل الرهان على واشنطن لإعادة الحق الفلسطيني وهو على حد وصف أحمد بهاء الدين «السراب بعينه»؟ قال: الولايات المتحدة إن أرادت السلام حلَّا فلن يحققه سواها. قلت: واللجنة الرباعية؟ قال بحماس: اللجنة الرباعية لها وزن وهى روسيا وأوروبا والأمم المتحدة. وجودهم على الطاولة بالغ الأهمية وهم كثيراً ما أخذوا قرارات في صالحنا، وكثيراً ما منعوا قرارات عنا. قلت: إنك في أحد كتبك تعترف (هذه الاتصالات لماذا؟) إن الموقف الأمريكي هو الموقف الإسرائيلي تماما؟ قال: ليس بمعنى الإلحاق السياسي، ولكن بمعنى لو أرادت أمريكا أن تتخذ قراراً تجاه القضية فإنها تملك أدوات الضغط الفعلي على إسرائيل وهى قادرة عليه. قلت مقاطعا: عفوا، متى يتحقق ذلك؟ قال: بفضل كفاحنا الوطني وتطور مساره ووضع مسؤولية أمريكا في إطارها، قلت: هل في داخل إسرائيل (قوى ديمقراطية) تؤيدك؟ أنا لم أقرأ كثيراً عن التضاريس السياسية داخل إسرائيل. قال أبومازن: هناك قوى ديمقراطية إسرائيلية ترفض الاحتلال وتساند حقوق شعبنا الوطنية الثابتة: قلت: وفى المقابل (قوى) كثقوب في الثوب. قال: تقصد حماس!
حماس في نظرته
1- حماس، حركة المقاومة الإسلامية في نظر أبومازن «مجموعة» من العسكريين، ولا تمثل فلسطين، وإنما هي حركة موجودة بنسيج الشعب الفلسطيني.
2- في البداية - والكلام للرئيس الفلسطيني - كان الشعب المصري يقول إذا مسكوا واحد من حماس يقولوا فلسطيني. نبهنا أكثر من مرة أنه (هذا ليس الشعب الفلسطيني) هذا واحد فلسطيني من حركة حماس.
3- المسؤولون المصريون يقولون إن حماس تشارك في أعمال ضد مصر ونحن ضد هذا الكلام.
4- قلت لأبو مازن: الشارع المصري غاضب من تصرفات حماس وكلها تنسب - ربما خطأ - للفلسطينيين، والتمييز هنا يصعب على البسطاء بين فلسطين وحماس التي هي (من نسيج الشعب الفلسطيني).. أشتاق لعبارة واحدة لا تحتمل التأويل، من هي حماس داخل الكيان الفلسطيني..؟
أنا أريد مصالحة!
قلت لأبو مازن: أعتقد أن حماس أداة للإخوان؟ قال: بلا شك هي جزء من الإخوان، ولكن لا أملك أن أعزل أو أقصى جزءاً من الشعب الفلسطيني. قلت: استعراضات كتائب القسام تثير الشعب المصري. قال: هذا يعود للقضاء المصري في حالة اعتداءات، فهو الذى يقول كلمته، لكن من الخطأ أن نحاسب من أخطأ على أنه أهلنا في فلسطين، فهذا التعميم لا يصح. أنا أقول لابد من إجراء مصالحة والأمر مختلف عنكم في مصر، أنتم تقولون لا نريد مصالحة وأنتم أحرار ولكن أنا أريد مصالحة، وأدعو لها، وهناك وفد سيذهب إلى غزة ليدفع للمصالحة. قلت: سيادة الرئيس عباس، عندما تريد المصالحة، وتريد أن تخاطب حماس، من صاحب القرار هناك؟ قال: هذه