" غابو" يرحل في خميس الاسرار المقدس- محمود ابو الهيجاء
مات غابريال غارسيا ماركيز الذي كان ابناء وطنه يحبون ان ينادوه بغابو توددا ومحبة، مات في يوم مقدس للاسرار عند الكولومبيين هو الخميس، وكأنه لا يريد رحيلا خارج فتنة السر وغموضه وواقعيته السحرية التي برع فيها، هو اعظم كولومبي في التاريخ كما قال عنه رئيس كولومبيا "خوان مانويل" وهو ينعيه الى شعبه ومحبيه في العالم ، مات صاحب "مائة عام من العزلة" الرواية التي قطفت له جائزة نوبل، وبيعت منها اكثر من ثلاثين مليون نسخة، بعد ان ترجمت الى خمس وثلاثين لغة، هو واحد من عمالقة السلالة الذهبية، الذي تخطى المألوف واعطى الحب زمنا من الكوليرا، زمن الوباء الذي تجف ماء الحياة فيه عند البشر ما عدا ماء الحب، الذي يظل دافقا وعذبا وباعثا على الحياة حتى الابد، مات الذي جعل من العزلة حدثا تاريخيا، حرك الحجارة وعلب الصفيح بخيالات كادت تكون واقعية وراء " ملكياديس "* الغجري وقال ان لكل الاشياء روحها وما عليك الا ان تعرف كيف تحركها.
بلدته " اركاتاكا " ودعته بالموسيقى والورود، المكسيك التي عاش بها منذ ستينيات القرن الماضي تستعد لاقامة مراسيم تأبين وطنية الاثنين القادم في قصر الثقافة والفنون، الرئيس الروسي "بوتين" ودع الصديق الحميم لروسيا وهو يصفه بالكاتب والمفكر العظيم، والرئيس الفرنسي "هولاند" اعلن حزن فرنسا لرحيل " عملاق الادب الذي اعطى اشعاعا عالميا لخيال قارة باكملها".
سبعة وثمانون حولا عاشها " غابو " ووددنا انه لو يعيش مثلها ثانية ليكتب لنا مائة عام اخرى عن عزلة العالم بأسره هذه المرة، عزلته عن قيم الحب والانسانية مع توحش السلعة في اقتصاد السوق المروع ، غير اننا مع خيالات الواقعية السحرية سنبقي "غابو " حاضرا، ومع ذلك نقول له اليوم وداعا ايها الكولومبي الجميل.
* أحد شخصيات رواية مائة عام من العزلة
ــ