لماذا يصرخ الأولاد حين يلقون القصائد؟- خالد جمعة
كنت في احتفال في مدرسة من مدارس رام الله واضطررت للانسحاب لأكثر من سبب سأذكرها لأنني أعتبر ذلك واجباً أخلاقياً:
أولاً: قامت ناظرة المدرسة بإلقاء خطاب طويل وممل معبأ بالأفكار النمطية مع أخطاء جسيمة ليس في النحو فقط بل في الكلمات نفسها مما يدل على أن أحداً قام بكتابة الخطاب لها، والسؤال هنا، لماذا نعاقب طالباً يكتب له أبوه؟
ثانياً: قامت هذه الناظرة بتكريم عدد ممن تبرعوا للمدرسة، وعندما خرج الشاب لاستلام باقة الورود، مد يده ليصافح الناظرة، فوضعت يدها على صدرها في إشارة إلى أنها لا تصافح الرجال، ولو كنت مديراً للتعليم لأقلت هذه المديرة فوراً لأنها تعطي نموذجاً سيئاً للجيل الجديد، فأكثر ما يحدث عندما تسلم امرأة على رجل هو أن ينقض وضوءها، لا أن تدخل جهنم.
ثالثاً: الضيوف يجلسون تحت الشادر في الظل، وتوزع عليهم زجاجات الماء البارد والقهوة والعصير، بينما يقف الأولاد والبنات في الشمس في درجة حرارة لا تقل عن 35 درجة مئوية، وبعضهم كانت وجوههم تقترب من حالة الإغماء.
رابعاً: انتقاء البنات اللواتي يلقين القصائد والخطابات كان من الواضح أنه خضع لمعايير جمالية، البنات مرتبات جيداً، بيضاوات البشرة، نحيفات الجسد، بينما تقف البنات اللواتي يتمتعن ببشرة داكنة أكثر، أو سمنة أكثر، أو أنف غير قياسي، يقفن في الشمس الحارقة، وهذا أيضاً مدعاة لفصل كل من هو مسؤول عن ذلك.
خامساً: لا أعرف من هو الذي اخترع هذه الطريقة التي يلقي بها كل الأولاد والبنات في المدارس الخطب والقصائد، هذا الصراخ الذي يصم الآذان، هذا الصراخ الذي لا يحترم الكلمات، فسواء كانت الكلمات تعبر عن مضامين ثورية، أو عن مضامين إنسانية رقيقة، الطبقة ذاتها، والصراخ ذاته، وحركة الأيدي ذاتها.
سادساً: إن نظام التعليم في فلسطين، من الواضح أنه يتجه إلى كارثة، ليس فقط بسبب المناهج التي تربي الشيزوفرينيا في نفوس أطفالنا، بل بسبب سلوك المدرسين والمدرسات الذي لا يرتقي حتى إلى مستوى "الكتّاب"، ولا أظن أن أحداً خالٍٍ من المسؤولية، بدءاً من وزير التربية والتعليم، إلى أصغر أم في فلسطين، فالتعليم ليس كارثياً فقط، ولكن الثقافة الوطنية كلها في مهب الريح، ولا أظن أن هناك من هو معنيٌّ بإصلاح هذا النظام، وليكن الله في عون فلسطين وأجيالها الجديدة.