من على متن طائرته: الرئيس يستعيد مراحل حياته في طريقه الى نيويورك
استعاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مجمل مراحل حياته وهو في الطائرة في طريقه الى نيويورك سعيا للحصول على اعتراف كامل بدولة فلسطين، فاستذكر النكبة والشتات والتشرد منذ كان في الـ13 من العمر حتى اليوم وهو يخوض تجربة قد تكون الاهم في مسيرته السياسية الطويلة امام اعلى هيئة دولية في العالم.
وقال عباس لوكالة "فرانس برس" على متن طائرته الرئاسية التي اقلته الى نيويورك ووصل اليها فجر الاثنين: "يشاء التاريخ ان اكون شاهدا على مرحلة اللجوء والتشرد، كما يشاء ان اكون من مؤسسي الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية المعاصرة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا والتي صانت الهوية الفلسطينية وحمتها من الضياع بعد مرحلة اللجوء".
وتابع: "وها انا اليوم جئت لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ولتقديم طلب عضوية دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
ويضيف عباس في استذكار لمراحل حياته: "انني من جيل النكبة الذي ذاق مرارة الشتات والتشرد وعاش مع شعبنا مرحلة الضياع كواحد من الذين شكلوا طوابير اللاجئين، اما اليوم فالمرحلة مختلفة بعد ان نهض شعبنا وبنى مؤسسات دولته وهو يستعد للاستقلال التام".
ومع هذا الامل يفضل عباس الا يسترسل في التفاؤل معتبرا ان "الطريق نحو الدولة مضن وشاق لكن بالارادة الفلسطينية سنحقق حلمنا بقيام دولتنا".
ويعيش حتى الان حوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في مخيمات في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وفي عدد من الدول العربية المجاورة لفلسطين.
واضاف عباس: "بالتاكيد انه شعور يراودني الان، انني انا اللاجئ الفلسطيني الذي طرد مع اهله عام 1948 بهدف تهجيرنا وطمس هويتنا الفلسطينية وتشتيتنا لكي لا يصبح لنا دولة، هو الذي يصل اليوم الى نيويورك ساعيا لكي تكون دولة فلسطين عضوا في الامم المتحدة ولكي يعترف بها العالم اجمع".
وتابع الرئيس الفلسطيني: "انني الان اتذكر لحظات التشرد لاصبح اكثر تصميما على تحقيق هدف قيام دولة فلسطين، وانا مع شعبي وكل من عمل وضحى من اجل فلسطين من اسرى وجرحى ومعتقلين نسعى لتثبيت دولة فلسطين في الجغرافيا وعلى خارطة العالم".
واضاف متسائلا "ان فلسطين تستحق الاستقلال، والى متى يبقى اخر شعب في العالم وهو الشعب الفلسطيني من دون دولة؟".
وقال ايضا: "على العالم ان يعترف بدولة فلسطين، هذا هو شعوري بعد 63 عاما من اللجوء ومن عدم تطبيق قرار اقامة دولة فلسطين من خلال قرار التقسيم الذي دعا الى اقامة دولة اسرائيل التي انشئت حينها، في حين ان دولة فلسطين لم تر النور بعد ونحن في عام 2011".
واراد الرئيس الفلسطيني ان ينهي حديثه بنبرة تفاؤلية فقال: "املنا بعد عشرات السنين ان نحصل على الدولة الفلسطينية، وهو جهد كبير تم الاعداد له والنضال لتحقيقه من كل فلسطيني، لذلك انا مطمئن اننا سنحصل على حقنا الطبيعي وهو دولة فلسطين المعترف بها عالميا".
ولد الرئيس الفلسطيني في مدينة صفد داخل الخط الاخضر عام 1935 ايام الانتداب البريطاني على فلسطين التاريخية، واجبر على تركها عام 1948 وهو طفل لم يتجاوز عمره الـ13 سنة حيث اضطر الى اللجوء الى سوريا مع عائلته مشيا على الاقدام.
ومن سوريا بدات مسيرته في العمل الوطني الفلسطيني واصبح بعدها من ابرز مؤسسي الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة.
دخل اللجنة المركزية لحركة "فتح" في بداياتها عام 1964 وتدرج الى ان اصبح امين سر منظمة التحرير الفلسطينية عام 1996 اي الرجل الثاني في منظمة التحرير بعد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وبعد وفاة عرفات عام 2004 اصبح رئيسا للمنظمة ورئيسا للسلطة الفلسطينية.
وعباس الذي يعرف عنه الاعتدال والواقعية السياسية هو من قاد برنامج اعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988 في المجلس الوطني الفلسطيني الذي ادى الى اعتراف اكثر من 100 دولة بدولة فلسطين، وانتخب عباس رئيسا لدولة فلسطين عام 2008 من قبل المجلس المركزي الفلسطيني الذي يعتبر بمثابة البرلمان المصغر لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
ويقول عباس على موقعه الالكتروني انه "كان يولي اهمية بالغة للاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية لنقلها من الشرعية الثورية الى الشرعية العربية والدولية".
وكان عباس كتب مقالا نشره اخيرا في وسائل اعلام فلسطينية تحت عنوان "طال انتظار إقامة دولة فلسطين..الواجب الآن".
وجاء في هذا المقال "اجبر فتى فلسطيني يبلغ من العمر 13 ربيعا قبل 63 عاما على النزوح من بيته في مدينة صفد في الجليل مع عائلته الى سوريا".
واضاف: "اتخذ هذا الفتى مأوى له في خيمة من الخيام التي وزعت على اللاجئين الذين قدموا من فلسطين. وعلى الرغم من انه وعائلته حلموا على مدى عقود طويلة بالعودة الى بيتهم وارض وطنهم الا انهم حرموا من هذا الحق الذي يعد من ابسط حقوق الانسان الاساسية. ان قصة هذا الفتى كما هو حال الكثير من ابناء الشعب الفلسطيني هي قصتي انا".