صور- متحف التاريخ الطبيعي في بيت جالا خطوة نحو حماية البيئة في فلسطين
عبدالرحمن يونس- بين احضان الطبيعة وعلى سفوح أعلى نقطة جغرافية في محافظة بيت لحم، يحتفظ "متحف التاريخ الطبيعي التابع لمركز التعليم البيئي في بيت جالا بقرابة 2500 عينة من حيوانات عاشت في فلسطين خلال المئة عام الماضية.
ويميز المتحف الموجود داخل مدرسة طاليثا قومي في بيت جالا غرب بيت لحم، باحتفاظه بالعشرات من الطيور والنسور والصقور والثديات والزواحف والبرمائيات والأسماك المحنطة بطريقة جيدة وفريدة من نوعها كونها تجسد بشكل دقيق نوعية وشكل وحجم الحيوانات التي عاشت في فلسطين التاريخية.
وتمثل جدران ورفوف المتحف واحة يمكن من خلالها رؤية بعض الحيوانات الموجود في الطبيعة الفلسطينية أو تلك التي انقرضت مثل طائر "بوم السمك البنية" التي انقرضت ليس فقط من فلسطين بل ومن منطقة الشرق الاوسط، والتي تتميز بضخامة حجمها الذي قد يصل إلى ضعفي حجم البومة العادية.
ويتوسط المتحف طائر العويسق المهدد بالانقراض على المستوى المحلي والعالمي، بالإضافة إلى طيور الغطاس المتوج، والرخنة المصرية، والنسر الاسمر، والنسر الذهبي، المهددة بالانقراض على مستوى الشرق الاوسط.
وبجوار ذلك فان المتحف يضيف بعُداً تاريخياً وحضارياً وبيئياً عن تاريخ فلسطين والمنطقة لعرضه عينات من الاحافير والمتحجرات لحيوانات يتجاوز عمرها ملايين السنين، ومن بين تلك العينات عينة لسمك القرش تم انكشافها في شارع المهد وسط بيت لحم، بالأضافة إلى أسماك متحجرة تم استخراجها من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم.
ويرجع الفضل في جمع عينات المتحف "ذات القيمة العلمية والبحثية الكبيرة" إلى عدة مصادر ولعل من أبرزها العينات التي جمعها العالم البيئي الألماني غرستاف دلمان، الذي قام بجمع عينات للعديد من الحيوانات الموجودة في فلسطين التاريخية، وتحنيطها خلال الفترة ما بين 1990 إلى 1912.
أما المصدر الثاني فهو العالم البيئي الفلسطيني سنا عطا الله، وهو من العلماء الفلسطينيين الذين تميزوا في البحث عن الثديات الموجودة في فلسطين ومنطقة الشرق الاوسط وقام خلال تلك الفترة بتسجيل اكتشاف "الفأر الشوكي الذهبي" الذي سجل باسمه في الطبيعة.
وأكد المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي والمشرف على المتحف سيمون عوض، إن المتحف يحتوي على قرابة 2500 عينة من الطيور والثديات والزواحف والحشرات والنباتات التي تم جمعها من عدة مصادر مختلفة وهي عينات فريدة من نوعها على مستوى فلسطين.
واعتبر عوض أن العينات الموجودة في متحف التاريخ الطبيعي تمثل كنوزاً ودلائل علمية على الطبيعة الجيولوجية والمناخية الفلسطينية وطبيعة التغيرات الجغرافية التي حدثت خلال العصور السابقة، معتبرا أن العينات تفتح المجال أمام الباحثين والدارسين الفلسطينيين للتعرف على مكونات البيئة الفلسطينية.
وقال عوض في حديث لـ القدس دوت كوم: "نحاول من خلال هذا المتحف المساعدة في التوعية البئية وتفعيل مفاهيم المحافظة على البيئة والمكونات الطبيعية لها، وتعريف المواطنين على الكائنات الحية من طيور وزواحف وثديات التي كانت تعيش في فلسطين خلال السنوات الماضية وخاصة الحيوانات التي انقرضت واختفت".
وبين عوض أن "البيئة الحيوانية في فلسطين باتت تفتقر للتنوع الذي كان في السابق، بسبب الصيد الجائر وتغيير الموقع الطبيعي وتدمير الغابات والتمدد العمراني واستخدام المبيدات الحشرية بطريقة عشوئية"، مشيرا إلى أن "العلامة الفارقة التي كان لها الأثر الأكبر في ضعف التنوع الحيواني في فلسطين تعود إلى بناء الجدار الفاصل والتوسع الاستيطاني والمناطق العسكرية الاسرائيلية التي أثرت بشكل كبير على نسبة وكمية الكائنات الحية".
ويسعى القائمون على المتحف إلى اقامة متحف بيئي وطني خلال السنوات المقبلة كما أكد سيمون عوض حيث قال: "نحن نستعد لاقامة متحف بيئي وطني خلال السنوات القادمة بالتعاون مع سلطة جودة البيئة، وننتظر دعما من اليونسكو لهذا المشروع، بالتعاون مع علماء بيئيين فلسطينيين واجانب، لكي يكون هناك متحفا وطنيا كاملا متكاملا لحفظ العينات البيئية الفلسطينية".
وحسب الاحصائيات البيئية، فان فلسطين تعتبر وطنا لقرابة 530 نوعا من الطيور، و117 نوع من الثديات، و30 ألف نوع من الحشرات، و 2900 نوعا من النباتات.
ومن جانبها اعتبرت رئيسة سلطة جودة البيئة الفلسطينية عدالة الأتيرة، أن متحف التاريخ الطبيعي يمثل نواة حقيقية ليكون هناك متحفا وطنياً عن البيئة الحيوانية والنباتية الموجودة في فلسطين ويمكن من خلاله تشكيل هوية وطنية وتسجيل جميع الطيور والحيوانات الفلسطينية.
وقالت الأتيرة: "يحاول الاحتلال الاسرائيلي سرقة أنواع معينة من الحيوانات الفلسطينية والادعاء بأنها حيوانات اسرائيلية، لذلك فإن وجود مثل هذا المتحف البيئي يساعد في تسجيل الحيوانات التي تعيش في فلسطين أو المهاجرة".
للصور اضغط هنا