مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

انطباعات صحفي من عالم مفتوح: عبورا إلى السويد بلا فرح.. بلا امتنان.. بلا جواز سفر

 جميل ضبابات

تلقيت دعوة عبر الصحافية الفلسطينية رزان شوامرة لشرب فنجان قهوة عند الشاب الفلسطيني الأصل عمر جبر، لكن عمر، لم يقل لنا أن القهوة العربية ستكون جاهزة في بلد آخر غير الذي وصلناه.

قبلنا الدعوة، وأخذنا من عمر اسم محطة القطار الذي كان سيقلنا إليه، لكن القطار انطلق من العاصمة الدنماركية حيث كنا نقيم الى جنوب السويد.

هل توفر اسكندنافيا المفاجئة مثلما توفر أيضا قوانين ليبرالية وطبيعة خلابة وطقس بارد؟ نعم. يقول سائق القطار ابو يوسف جبر وهو شقيق عمر المنحدر من عائلة فلسطينية من قلقيلية.

فإذا كنت ستسافر من الدنمارك إلى مالمو ثاني اكبر مدينة في السويد، فلن يحتاج منك الأمر سوى تفكير لدقائق قليلة ومشوار طريق إلى محطة القطارات الرئيسة.

 فإعداد فنجان قهوة لزائر من دولة إلى دولة قد لا يحتاج إلى أكثر من رسالة نصية عبر الفيس بوك؟.

أنت لست في الشرق الأوسط الملتهب بالحروب والقلاقل ولا في إفريقيا الوسطى حيث تذبح مجموعات أثنية بعضها البعض..انت الان تقطع جسر أوريسند، الذي يربط بين الدولتين المتجاورتين. .

اه. الأمر بسيط جدا. فلا حاجة للتفكير أشهر طويلة والخوف من أجهزة الأمن على الحدود.

تحسست جيب المعطف الذي ارتديه فلم أجد جواز سفري، فمنذ وصلت الدنمارك وضعته جانبا، فلا حاجة لبطاقة تعريف..لكن دعوة لفنجان قهوة عربية اوقعتنا بالذهول. قلت لشقيق عمر ان شقيقه لم يخبرنا اننا سنسافر من بلد الى بلد.

 ضحك وقال 'الأمر بسيط. أنت في اسكندنافيا'.

كان القطار قد بدأ يشق طريق الذهول نحو مدينة مالمو جنوب السويد، المدينة التي يسكنها عدد من الفلسطينيين، وهناك مقهى يديره فلسطيني يقدم النرجيله والقهوة العربية، وهو أشبه بنقطة تجمع ليلية للمهاجرين من العرب ومعظمهم من بلاد الشام، خلال فترات الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان والحروب التي لحقتها مثل حرب الخليج الأولى وغيرها.

وانا انظر في وجوه عائلة سورية هاربة من جحيم الحرب، في بلدها، ركبت القطار، للوصول إلى اقرب مركز هجره سويدي قلت في نفسي ماذا لو كان هذا الأفق مفتوح بين البلدان العربية؟ قلت كنا سنرى العالم العربي كله مسافر على متن القطارات.

لكن في محيط محطة القطار الرئيسة في كوبنهاجن التي تنطلق منها القطارات نحو السويد، ترى المتريضين وهم يقطعون الشوارع لاهثي الأنفاس وفنانين يعزفون وعاشقين يرميان الحصى في بركة صغيرة ويشاهدان ما تحدثه من دوامات.

قلت في نفسي هذه بالتأكيد ليست دوامات الحروب في الشرق الأوسط.

ففنجان قهوة في فلسطين قد يكلف المرء حياته، فكم مرة ذكرت وسائل الإعلام، كيف قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيين وهم يحتسون القهوة في منازلهم، وكم مره سقطت صواريخ قتلت عائلات بأكملها وهي تتناول الطعام مشككة في نية احدها فتح نافذة منزله، او اذا اطل برأسه من باب البيت.

قلت في نفسي مره اخرى، ماذا لو دعا صديق من قطر عربي صديق قطر اخر لشرب فنجان قهوة؟ بالتأكيد ستاخذ الموافقة سنوات طويلة، او تصبح مثالا للتندر. لكن في مقصورة القطار من الدنمارك للسويد، لن يطرح السؤال سوى انا وواحد من صحافيين اثنين يرافقاني، كتبا على صفحات الفيس بوك خاصتهم، انهما وقعا ضحية دعوة لشرب فنجان قهوة، ولم تظهر اعدادات الصفحة عند الصحافية شوامره، مكان الداعي بالتحديد.

انه في الحقيقة مقهى ابو صلاح في مالمو، حيث يجلس العديد من الفلسطينين من اجيال مختلفة يشربون القهوة ويعبون دخان النرجيلة. وصل الفلسطينيون الى هنا بكثافة هاربين من نار الحرب الأهلية اللبنانية ومن هجمات إسرائيل على مخيماتهم في لبنان، وما زالوا يصلون الى هنا حتى اليوم هاربين من الحرب في سوريا.

اسأل نفسي مره اخرى، كم حمل هذا الجسر الذي يعبره القطار يوميا كل نصف ساعة نهارا وكل ساعة ليلا من هموم وفرح ومتعبين؟ الكثير بالتاكيد، فالكثير يتنقل بين جانبي البلد، بحثا عن مصلحة ما ووفق ترتيب واضح.

لكن القليلين من عبروه الان هاربين من الحروب طالبين للجوء في السويد، وعدد اقل من اصابع اليد الواحد اعتقدوا انهم في طريقهم الى احد احياء كوبنهاجن فوجدوا انفسهم على قطار يحملهم الى دولة اخرى.

'بالتأكيد جميل. انت عبرت الجسر '. قال الصحافي الفلسطيني خالد عيسى المقيم في السويد. فلا حدود برية بين البلدين.

ويتكون الجسر من 3 أجزاء، أولها من جهة الدنمارك يأتي نفق أوريسند ويبلغ طوله حوالي 3,510 متر، تم إنشاؤه على عمق حوالي 90 قدم لتسهيل حركة مرور السفن، ثم يرتفع النفق تدريجياً حتى يصل إلى جزيرة بيبرهولم الاصطناعية والتي يبلغ طولها حوالي 4,055 متر تنتهي إلى جسر أوريسند وهو جسر مشدود بالكوابل يبلغ طوله 7,845 متر وعرضه حوالي 24 متر، كما يبلغ وزنه حوالي 82,000 طن، اما الجزيرة الواقعة في المنتصف فيبلغ طولها تقريبا 4 كيلومتر.

ماذا تفضل سألت الصحافي الفلسطيني وسام حماد؟ لندن العتيقة المليئة بالمتاحف والمسارح، او باريس المرهفة المليئة بالعطور والروائح ام عبور الجسر بين الدنمارك والسويد، الجسر الذي يذهب فيه القطار سريعا عميقا تحت الماء. انا افضل فلسطين قال حماد. وكتب على صفحة الفيس بوك الخاص به مشيرا الى الجسر الذي يفصل بين فلسطين والاردن ويذهب تحته الماء بطيئا يشح سنه بعد سنه  ' مشقة السفر و الانتقال من مطار لاخر، ومن قارة لاخرى بالتأكيد لا تقارن مع مشقة عبور الجسر الى فلسطين. حيث الفوضى وقلة الانضباط وايضا لا يمكن ان ننسى مهمة البحث عن الامتعة التي تنتقل بين جانبي الحدود بطريقة لا يستوعبها احد، لكنني استطعت ان انقل أمتعتي من مطار كوبنهاغن الى المحطة الأخيرة بمجرد الضغط لمرة واحدة على الشاشة التي لا تتسع مع تعدد الخيارات امام المسافر'.

انه الفرق بين الحاجة لشرب فنجان قهوة في رام الله او مالمو جنوب السويد. في الاولى تعبر الطريق الشاقة بكل فرح وتعب، والثانية تخترق البحر بدون فرح المفاجئة، او الامتنان للتكنولوجيا التي جعلت المستحيل ممكنا في العالم الاول، وايضا بدون جواز سفر قد تطلبه سلطات الهجرة بشكل مفاجيء.

فالعبور في ايار- مايو بدون وثائق على جسر  أوريسند وهو جسر مشدود بالكوابل يفضي الى عالم مفتوح بارد..اما العبور على جسر نهر الاردن يفضي الى الارض الفلسطينية حارة الطقس، العالم المغلق بحكم الاحتلال.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024