صور- عشية ذكرى النكبة .. أبو أسحاق يروي "العائدون الأوائل"
عبدالرحمن يونس - ليست حكاية "العائدون الأوائل"، التي يرويها أبو إسحاق، رواية من نسج خيال أديب، لكنها قصة ابدعها على الارض اهالي وادي فوكين ببيت لحم الذين هجروا إبان النكبة ثم رجعوا إلى قريتهم ليجددوا الامل بانتزاع حق العودة لكافة اللاجئين.
القصة القديمة التي لا تزال حيّة بدأت حين اتخذت عائلة حسن محمد عطية مناصرة (ابو اسحاق) من الكهوف وبيوت الصفيح ملاذا لها عقب مجازر الاحتلال التي لا تزال تدمي الذاكرة الجمعية لشعب باكمله.
فعائلة أبو اسحاق أو "العائدون الأوائل" كما يصفهم أهالي القرية، كان لهم دور بارز في عودة العائلات إلى وادي فوكين حيث استمرت العائلة في زراعة اراضيها وتربية الماشية خلسة وبعيدا عن أعين العصابات الصهيونية.
وحتى الآن، لا يزال الحاج أبو إسحاق (80 عاما) يرابط في نفس المكان ويسكن في غرفة من الصفيح على اطراف القرية من الجهة الغربية للعناية بأرضه التي يحبها، والمحافظة عليها وحمايتها من المصادرة والتوسع الاستيطاني الذي بات يخنق ويحاصر القرية من جميع الاتجاهات.
ويصف ابو اسحاق قريته بعد تهجير اهلها وتدمير جميع بيوتها بانها قرية اشباح وقد كان الوصول إليها بمثابة الذهاب إلى الموت المحتم، "لكنني حرصت على التواصل مع أرضي الزراعية وتربية الماشية وفضلت النوم في الكهوف وفي العراء لتثبيت وجودنا في الارض وحمايتها من المصادرة".
وعلى الرغم من الضعف الذي اصاب جسد الحاج الثمانيني، إلا أن أبو اسحاق يرى بالبقاء في ارضه والنوم على سريره المتهالك تحت ظل صفائح الحديد "راحة ابدية" لأنه بذلك يحافظ على ارضه وبيته.
وتقول الحاجة جميلة (ام اسحق) "تعرضنا للكثير من الاعتداءات والمضايقات واطلاق النار من جيش الاحتلال وتم اخطارنا بالهدم عشرات المرات وفي كل مرة نرحل من مكان إلى آخر لكي نبقى بقرب الارض ولو لم نكن هنا تحت هذه الغرفة العتيقة لضاعت الارض".
رئيس المجلس القروي احمد سكر قال في حديث مع القدس دوت كوم أن الاصرار على اعادة اعمار القرية بعد تدميرها عدة مرات وارتباط المزارعين في اراضيهم من خلال زراعتها والمحافظة عليها وتربية الماشية فيها كان سببا رئيسا في استعادة جزء مهم من أراضي القرية والعودة اليها.
واعتبر سكر اصرار بعض المزارعين على البقاء في أراضيهم "قهرا للمحتل وخاصة عائلة ابو اسحاق كما أن اصرار تلك العائلة شجع الكثير من العائلات للعودة من مخيم الدهيشة إلى القرية بالرغم من المضايقات والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة".
وفي عام 1972 سمحت سلطات الاحتلال لأهالي قرية وادي فوكين بالعودة إليها بعد مفاوضات طويلة، وبعد فترة من عودة اصحاب الارض، قال ضابط إسرائيلي "أن إسرائيل ارتكبت أكبر حماقة بالسماح للسكان بالعودة إلى أراضيهم".
وتقدر مساحة أراضي القرية بأكثر من 12 ألف دونم يقع ما يقارب 85% منها داخل الخط الأخضر ويمنع اصحابها من الوصول إليها، بينما تمت استعادة 3 آلاف دونم لكن سلطات الاحتلال تسمح للعائلات بالبناء فوق 200 دونم فقط.
ووادي فوكين واحدة من بين 25 قرية من قرى العرقوب التي تم تدميرها عام 1948 وتقع على "خط الهدنة" بينما تحاصر القرية اليوم أكثر من 5 مستوطنات هي "بيتار عيليت" و"موفي بيتار" و"صور هداسا" بالإضافة إلى "هدار بيتار".
للصور اضغط هنا