صور- عبد العال: على الثقافة تقع مهمة إعادة إعمار المجتمع، وترميم الثقافة وجمع حطامها المبعثرة
تقديرا لعطائهم، وايمانا منه بقيمة الأدب والفن، قدم نادي يافا جائزة حميد عبد العال للإبداع لأدباء وشعراء من مخيم نهر البارد، وهم: الكاتب والمؤلف الأستاذ حسين أبوالعلي اللوباني، الأديب والكاتب والفنان التشكيلي، مروان عبد العال، والشاعر مروان الخطيب، والشاعر شحادة الخطيب. في حفل حاشد، أقيم بقاعة نادي يافا، في مخيم نهر البارد، وذلك بحضور حشد من مثقفين وفصائل وشخصيات، وفاعليات، وقد قدمت دروع تكريمية للشعراء، والأدباء، كما ألقى المحتفى بهم كلمات تقدير وثناء لهذه اللفتة من نادي يافا. وقد كان للأديب مروان عبد العال كلمة، افتتحها بتقديم التحية للحفل الكريم، مشيراً إلى أن الحفل جاءت دلالة الزمان فيه في النكبة الأم من العام 48، والنكبة الصغرى جرح البارد 2007، وتأتي أصالة في المكان الذي هو المخيم، مهبط الحلم و مسقط الرأس، و القلم والسطر، والصف والأبجدية والكتاب، ذاكراً بأنه يشرفه أن يتسلم جائزة المربي والكشفي والصديق، الأستاذ حميد عبد العال طيب ذكراه، وفي مكتبة تحمل اسمه، وتخلد ذكراه أيضا، ومؤسسة يافا الكشفية والثقافية والرياضية التي أسسها هي تأكيد منها بأنها على طريق حلم حميد عبد العال ، فالتكريم الحقيقي للثقافة الوطنية، والتي تأبى أيضا أن يحتفى بها كمناسبة، بل التعاطي معها باعتبارها رؤية ومرشدة، وأسلوب حياة وتمكينها لتصير بحق مكونا رئيسيا من مكونات هويتنا الوطنية، فاستعادة الحياة، تعني استعادة كل شيء، لكنها تكون منقوصة من دون الحياة الثقافية، وعندما نتباهى بالمخيم لسوق تجاري للمحيط ، فهو أيضا مركز ثقافي وتربوي وإبداعي، ما زلنا بحاجة للعمل على استعادة المثقف، كي يظل ساهرا فوق الذكريات القديمة، يحفظها للأجيال الجديدة، حتى لا يأكلها الصدأ، حارسا فوق نبع الحلم كي لا يجف، نحسن فعل الحرية كي نقاوم الظلم ، " في سفر أيوب، التهمت الأفعى البلبل الصغير الذي لم يتعلم الطيران جيدا، أمضى سنوات عمره في قفص، ولم يتقن فعل الحرية، لذلك كانت مقاومته للثعبان أضعف " لقد ابتلعتنا الأفعى لأننا لا نجيد فعل الحرية، إن جهد بناء الحجر لا يكتمل إلا بجهاد بناء البشر.
وقد أشار إلى أنه على الثقافة تقع مهمة إعادة إعمار المجتمع، وترميم الثقافة وجمع حطامها المبعثرة، فمن صنع النكبة وأبدعها بكل ما فيها من اقتلاع وقهر وظلم غير التخلف والجهل واللاثقافة أبشع أنواع القتل هو بلغة مزيفة، وقلم فاسد، أو بلسان كاذب وعدسة مزورة حتى لا نسقط ضحية الصورة المشوهة من أجل استلاب الهوية و تمهيش الإنسان، وسلخ المكان وقلب المعادلة بين القاتل والمقتول، تمهيدا لتغيير القيم و كسر الإرادة، افلمخيم كان وسيبقى مقلع الحكايات، لأن حاراته تكتب بأسماء بلدات فلسطين الحقيقية، لذلك أجده كأنه رواية غير مكتوبة، والذين مضوا بقيت خيوطهم بشكل أصوات وكلمات وأحلام حية منها استمد النسيج الروائي، وشخصيات روايتي عموما ملتبسة كأنها ضائعة في زاروب مخيم، لكنها من خيال شعبي سخي ومتدفق باستمرار، فالشخصيات بمعظمها لا تمتلك أوراق تعريف ولكن لها هوية وانتماء، حيث أقدم الشكر للبطل الجماعي، فكلما كنت أنتهي من كتابة رواية، رحت أبدأ البحث عن اسم للبطل، مشقة البحث عن لغز الاسم الذي يختزل الجماعة ، البطولة الجماعية التي أعشقها دائما في زمن هزمت فيه البطولات الفردية ،والبطل الجماعي هو الحقيقي حتى لو اخترت له اسما حركيا وإشكاليا في الوقت ذاته، ليس لأن الأبطال مثلنا هربوا من أسمائهم الصغرى للكبرى ،شكرا للنصف الآخر لكل بطل كتبته، للانفصام المريع بين فرح وحزن وكابوس وحلم، بين منفى قديم ومنفى جديد ، تناقض غريب حين يبقى نصف بطل ، دائما يشعر أنه فقد نصفه الآخر، يريد وطنا كسائر البشر، على صورة الحلم الذي قد لا يكتمل إلا بالحقيقة، فأنا أحلم إذن أنا موجود، أنا أكتب يعني أنا موجود، لكن أحسدهم على قدرتهم السفر من دون استئذان أحد، حتى اني خلقتهم ونسيتهم ، لذا عبروا قبلي إلى أمكنة بعيدة و وتعرفوا على أناس يعرفونني ولا أعرفهم .
شكرا للمخيم المثقف الذي يغدق علينا حبر الشغف، وليكتب هو حكاية أسطورية من أمل متواصل، وإلى شراع الكتابة وممرها الآمن الذي انقذني من طوفان العبث، وأستعيد سحر الطفولة من بين أنياب الواقع المرير والمحفوف بكل أنواع البشاعة.