حفاظاً على الأرض وتأمين لقمة العيش.... فلاح فلسطيني يقاوم الاحتلال بالزعتر
طولكرم ـــ عبد الله ريان
يواصل الفلاح الفلسطيني رحلة صمود مجبولة بالمعاناة والإذلال، في سبيل الحفاظ على ما تبقى من الأرض الواقعة خلف جدار الفصل العنصري، التي صادرها الاحتلال، يبتدع أشكالاً وألوانا من العمل لتثبيت نفسه ،وتحصيل لقمة عيشه، متنقلاً بين محصول زراعي وآخر، للالتفاف على سياسات الكيان العنصرية التي تستهدف القضاء عليه وبقية زملائه من المزارعين وتجريف أراضيهم، وإحكام قبضته.
والتجارب التي يخوضها الفلاح أحمد عبد القادر من كفر جمال في طولكرم، بعد تخريب أرضه بعد أن عزلها الجدار، ودمرت بيارات"مزارع" جيرانه التي كانت تثمر الحمضيات، فاستبدلت بالزعتر، محافظاً على 150 دونماً دمرت مع مساحات أخرى، أثناء بناء الجدار عام 2002.
فأعاد إليها الحياة عبر تخضيرها بالزعتر، ومصراً على التواجد في أرضه بشكل يومي، حتى وصلت رائحة الزعتر للمستوطنات المجاورة لتؤكد أن المنطقة فلسطينية، فأجبر الاحتلال أن يقف عاجزاً حيال إصراره.
يروي عبد القادر لـ« عواصم» قصته بالتحول من زراعة الحمضيات من برتقال وليمون وفواكه أخرى كالفروالة إلى الزعتر، «مشكلتنا مع الجدار مشكلة، أنا وكل الناس يلي راحت أرضهم بعد ما أخدتها إسرائيل عنوة، صرنا نعاني فالبيارات خربت، وإعادتها بدووقت وجهد كبير وتواجد دائم، وما بيوفرها لينا حداً.
لانوصرنا بحاجة لتصاريح حتى نفوت أرضنا، ما ظل في ايدينا خيار، أقولك فش خيار، كنا نمشي نص كيلوحتى نوصل الأرض، صرنا نمشي الآن 7 كيلو، كنا نبيع مزروعتانا في الداخل بالقرى العربية داخل 48، وطبعاً منعنا من الوصول لهاي المناطق، ونقطعت وسيلة رزقنا».
فكرة وتنفيذ
وحول فكرة زراعة الزعتر يقول « فكرنا شوممكن نشتغل، ما دام إحنا مش قادرين نخدم الحمضيات، وإعادة زراعتها بدووقت كبير لحتى نحصل عل ثمر، وإحنا ما بنقدر نصرف على حالنا طوال هالوقت، طبعاً لوتركها المستوطنون تنمووتكبر أصلاً، ففكرنا بالزعتر، بلشنا بدنمين خارج الجدار كتجربة، بدنا نعيش يازلمة، بدنا نستر حالنا، ولما تأكدنا انوزراعة الزعتر مجدية، رجعنا نزرع خلف الجدار ونعيد تخضير الأراضي داخل الجدار إلى صحابها هجروها بعد هدم البيارات فيها».
وأصبحت مساحة 150 دونماً من الأرض مخضرة بالزعتر الذي يقاوم مع زارعه، حفاظاً على الأرض، بقدرته على الصمود إذا منعت الإجراءات المزارعين من العمل، نتيجة تأخر حصولهم على تصاريح الدخول إلى مواقعهم داخل الجدار العنصري.
فالصعوبات التي تواجه عبد القادر في الوصول لأرضه تنم عن بهدلة وإذلال على بوابات الدخول ،«إحنا مش حرين ندخل ونخرج على كيفنا، ولا نطلع البضاعة وندخل البضاعة بكيفنا، وأحياناً يحجزونا ساعات طويلة، بحجة أن نظرة فلان أوتطليعة علان من المزارعين مش عاجبة الجندي الإسرائيلي على البوابة.
واحيانا بيتم تنزيل الحمل وتفتيشه وجزء منه بيتم تخريبه، الجنود بيحاولوا دائماً يهينونا ويبهدلونا وما بهتموفي شيبة ولا في مرأة، هدفهم تعطيل مصالحنا وإفشال مشاريعنا» كلمات قالها الحاج أحمد بأسى.
تصاريح
يقول الفلاح أحمد عبدالقادر:«عندي 8 شباب وإحنا علينا منع من مخابرات إسرائيل، يعني بنعاني لنطلع التصاريح، وبنتظر شهروشهرين ليوصلنا، بس إحنا أخبث منهم قالها ضاحكاً، إحنا موزعين حالنا، بنقدم في مواعيد معينة بالترتيب، حتى نضمن انوكل شهرين بيجينا تصريحين، ثلاثة، قبل ما التصاريح يلي مع بعضنا تكون خالصة.
ويلي بيجيه التصريح بيكون دوره يعتني في الزعتر، بننقطعش عن الأرض يعني موزعين الأدوار لانوبدنا نكون أخبث منهم، ولا ما بنقدر نشتغل وبعدين إحنا بدنا نظل صامدين ونزرعها غصب عنهم، ومصاري المشروع بتساعدنا في ثباتنا، لانو دونم الأرض من الزعتر بعمل حوالي 1000 دينار في السنة«.