تحليل إخباري: نتنياهو تلقى الصفعة تلو الأخرى
فايز عباس
اعتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتحريضه ضد القيادة الفلسطينية بعد اتفاق المصالحة أن بإمكانه تغيير الرأي العام الدولي، معتمدا على أن حماس معرفة دوليا على أنها 'منظمة إرهابية ' وأن الاتفاق معها ستكون بمثابة ضربة قاضية للرئيس محمود عباس على المستوى الدولي. لكن نتنياهو تلقى الصفعة تلو الأخرى من جميع دول العالم حتى من الولايات المتحدة، ووجد نفسه وحيدا يعاني من العزلة الدولية ولم يبق له سوى التهديد بفرض عقوبات على الفلسطينيين، لكنه فشل أيضا حتى داخل مجلسه الأمني المصغر.
قراءة سريعة في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الثلاثاء بعد يوم واحد من تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، تشير إلى أن نتنياهو فشل فشلا ذريعا وغير مسبوق، ويبدو أن العد التنازلي لحكومته قد بدأا مع تشكيل الحكومة الفلسطينية، لأن الإعلام الإسرائيلي الذي دعم نتنياهو خلال سنوات طويلة وتبنى مواقفه بكل ما يتعلق بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني، بدأ يتحول واعترف بأن نتنياهو لا يملك خطة سياسية أو برنامجا بكل ما يتعلق بمواجهة الجانب الفلسطيني على المستويين الدولي والمحلي.
شمعون شيفر المحلل السياسي في صحيفة 'يديعوت أحرونوت' كتب أنه بعد انتخابات الكونغرس الأميركي خلال أشهر قليلة، لا أحد عندها سيذكر حكومة فتح وحماس. سيعود الأميركيون إلى ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وربما سيفرضون عقوبات على إسرائيل المسؤولة عن فشل المفاوضات.. عندها سيتذكرون في إسرائيل تلك الأيام التي احتضرت فيها عملية السلام، وكيف حدث هذا الأمر. سيكتشفون كيف أن الشرق الأوسط قد تغير أمام أعين الإسرائيليين وأن نتنياهو وقف أمام إمكانية تاريخية للتفاوض مع الرئيس محمود عباس الذي يحظى بتأييد حماس، وبدل ذلك اختار تركيز جهوده في محاولات لمنع انتخاب روبي ريبلين لرئاسة إسرائيل.
وتابع شيفر أن الولايات المتحدة اتهمت نتنياهو بإفشال المفاوضات، وهو يتكلم كثيرا لكن لا يفعل شيئا، والآن يهدد بفرض عقوبات على الفلسطينيين، لكن خطوته لم تعجب الأميركيين الذين سارعوا بالإعلان عن تعاونهم مع الحكومة الفلسطينية ومواصلة تقديم الدعم المالي للفلسطينيين. إسرائيل بدأت بتوجيه الاتهامات للولايات المتحدة، لكنها هزمت وستدفع ثمن الهزيمة.
حيمي شلف مراسل صحيفة 'هآرتس' في الولايات المتحدة كتب أن حكومة إسرائيل لا تفوت الفرصة للفشل الإعلامي، لأن تغطية تشكيل الحكومة الفلسطينية في الإعلام الدولي تمحورت حول الرفض الإسرائيلي والتهديدات من قبل حكومة إسرائيل.
دقائق قليلة بعد إعلان المجلس الوزاري الأمني سارع قادة الحزب الجمهوري بشن هجوم مطالبين بوقف المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية، لكن الرد من البيت الأبيض سيكون بالرفض الكامل وسارع إلى الإعلان عن التعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة.
وتحت عنوان 'المُنجرّ الحذر' كتب براك ربيد في صحيفة 'هآرتس' واصفا الفرق بين تصريحات نتنياهو النارية وقراراته 'المعتدلة' بكل ما يتعلق بتشكيل الحكومة. وقال نتنياهو يخشى من التصعيد في الضفة، والأهم بالنسبة له عدم انهيار السلطة الفلسطينية لأنه عندها سيتعرض إلى ضغوط دولية.
مواقف نتنياهو من تشكيل الحكومة الفلسطينية كشفت أنه لا يملك إستراتيجية أو خطة بكل ما يتعلق بالفلسطينيين، وأنه يرد فقط على الخطوات الفلسطينية ويبقي مصير إسرائيل بيد الرئيس محمود عباس. الحملة الإعلامية التي يقودها نتنياهو ضد الرئيس عباس لا تعفيه من السؤال: ما العمل؟
الصحف الإسرائيلية وعلى غير عادتها أبرزت خطاب الرئيس عباس بعد تشكيل الحكومة بأنه ملتزم بعملية السلام على أساس إقامة الدولتين والاعتراف بإسرائيل، كما أبرزت الخلافات الحادة بين واشنطن وتل أبيب واتهمت نتنياهو بإفشال عملية المفاوضات.