أطفال أريحا يهربون من الفراغ إلى الموسيقى
عبد الرحمن القاسم
'الموسيقى تعطي المجال للهروب من الحياة من ناحية ولتفهم الحياة بشكل أعمق من ناحية أخرى'. هذه هي كلمات الراحل الأديب والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد. وفي أريحا والمخيمات الموسيقية يأتي الأطفال والفتية للتعلم والتدرب على الآلات الموسيقية ويهربون من فراغ العطلة الصيفية و'ليفهموا الحياة بشكل أعمق' في المخيم الصيفي الذي يقيمه 'معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى'.
وقال ممثل المعهد ومدير المخيم الصيفي بمحافظة أريحا والأغوار رمضان خطاب، إن المخيم الصيفي خصّص للطلبة والأطفال من السن السادسة وحتى الثانية عشرة من كلا الجنسين، ويضم عددا من الطلبة الذين يتدربون في فرع المعهد بأريحا، ومنهم من يأتي لأول مرة لتنمية الحس والثقافة الموسيقية لدى النشء لما للموسيقي الراقية من تأثير على صقل النفس وتشذيب الروح والسلوك وتشجيع وصقل المواهب، وأن يكون الطفل جزءا مكملا للمجموع في حالة العزف الجماعي، وأن يعبر عن إحساسه وإبداعه في العزف المنفرد، حيث تتم مساعدة الطفل على حسن اختيار الآلة الموسيقية التي يرغب التعلم عليها.
وأضاف رمضان أن المخيم لا يعتمد أسلوب التعليم التقليدي، بل الرسم والغناء والتدرب على الآلات الإيقاعية والوترية، ما بين العود والكمان والفيولا والتشيلو والكونترا باص والفلوت، مشيرا إلى أن إدارة المعهد عملت على توفيرها بين أيدي الطلبة وتوفير الطاقم المؤهل للتدريب.
ويؤكد العديد من خبراء علم الاجتماع والباحثين في الموسيقى أن الإنسان منذ فجر التاريخ ولد وسط موسيقي تعزفها الطيور وحركة الرياح وقرقرة المياه وحفيف الأشجار، وأن هذا الفن هو سيد الفنون وأكثرها علاقة وارتباطا بالمفردات الحياتية الأخرى، فهو وطيد الصلة بالشعر والغناء والطرب والرقص والسحر والطب النفسي والتربية والتذوق الرفيع والخلق السامي، ولذا تعتبر الموسيقى هذا الفن الإنساني العظيم لغة عالمية انتشرت بين البشر وهي وسيلة ولغة عالمية لا يقف أمامها عائق من حيث التأثير والانتشار نظرا لقدرتها علي إذابة الحدود بين الدول والفوارق بين البشر.
ولا يجد طلبة المخيم صعوبة في التدرب والتعلم من مدرسين ومتطوعين وطلبة المعهد من دول أوروبية صديقة يتكلمون الانجليزية أو الفرنسية أو الايطالية أو بعض الجمل العربية بلكنة أجنبية ينطقونها أثناء التدريب، ومنهم فليمون، وباستيا، وليز.
وقالت الطالبة جمانة القاسم التي تتدرب على آلة الفلوت وإحدى طالبات المعهد في أريحا، إنها لا تجد مشكلة باللغة أثناء التدرب على أيدي المدرب القادم من فرنسا.
وتشعر الطالبة الجامعية المتطوعة حنين الرجوب بأنها محظوظة لأنها كانت إحدى طالبات المعهد في البدايات بأريحا، وواصلت التدريب في المعهد بمدينة رام الله ووصلت مراحل متقدمة وهي حاليا تساعد بالتدريب وتزداد خبرة.
وتشاطرها الشعور ذاته زميلتها الطالبة القادمة من مدينة رام الله ليان نجم، والتي تساعد في تدريب المشاركين بالمخيم.
وقال رمضان إن حدود هذا المخيم لن تقف عند الموعد المحدد لاختتامه في السادس والعشرين من الشهر الجاري، فلدى إدارة المعهد النية والعزم ليكون هؤلاء الطلبة والمستفيدون من برنامج المعهد لتعليم الموسيقي بأريحا والأغوار الفلسطينية نواة لمدرسة موسيقية تضم ما بين 30 إلى 60 طالبا.
وثمن رمضان الدعم والتعاون والمتابعة من قبل محافظة بأريحا والأغوار وبلدية أريحا، وكذلك إدارة ومدرسة وروضة التيراسنطة بالمحافظة التي وفرت قاعات للمتدربين طوال العام، واحتضنت فعاليات المخيم الصيفي.
وأعرب عن أمله باستمرار وزيادة التعاون لافتتاح وإنجاح تجربة المدرسة الموسيقية للآلات الوترية المتوقع مع بداية العام الدراسي، وتعاون الدوائر المعنية ومؤسسات المجتمع المدني لخدمة الطلبة وهواة الموسيقية وخلق فضاء لتدريب وصقل المواهب الموسيقية بأريحا والأغوار.