شاعر يهدي نفسه ديوان " ولكننا واحدان"
صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي كتاب "ولكننا واحدان" للشاعر عبد الله أبو بكر الذي أتى مميزاً في الإهداء حيث أهداه الشاعر لنفسه "إلى عبد الله أبو بكر" لنكون بالتالي أمام عنوان جميل وإهداء جميل وفكرة متميزة، ويقع الكتاب في 105 صفحات متضمناً العديد من القصائد الغزلية التي تحمل لغة شعرية عالية ممزوجة بالشوق والحب والحنين، منها "وجه الصراخ، جدائل، الشاعر، أمي، لعيونها، خمس قصائد، كنمر جاءه، خذني بعيداً عنك، وغيرها من القصائد".
قدم للكتاب الشاعر يوسف أبو لوز فقال: "بلدة الشاعر قلبه، هو وحده سيد مرآته وصانعها من ذلك النسغ الذي يتشكل من اللغة، وقبل ذلك من الحياة الكامنة قبل اللغة، الشاعر مولود مكتمل البناء، ولكنه من ماء، إنه بطريقة ما صياد، فارس وقديس وحكيم، ولا بأس إن كان قرصاناً وأحياناً طاغية ولكن بلا متاع حرب وبلا طقوس حمراء".
وأضاف أبو لوز" لغته شابة، وصوره متدفقة وخالية من الإنشاء الشعري الذي يرهق القصيدة ويدفعها مبكراً إلى الشيخوخة، لا يقول شاعر في مثل تجربة عبد الله أبو بكر الشابة والحيوية "هناك/ أنا والحبيبة/ ما اثنان نحن/ ولكننا../ واحدان"، إلاّ أنه مسكون منذ البداية باقتراحات شعرية جديدة وجريئة، والأهم من ذلك أنها اقتراحات تمتلك غرورها الداخلي إن جاز القول، والغرور هنا ليس فيضاً لغوياً أو شعرياً، بل هو فيض قلب الشاعر ودقة ملاحظته وبداهته، وقفزه من قناة الماء الآسن إلى حدود الغيم، ثم لا يقول شاعر في مثل تجربة عبد الله أبو بكر:" حتى إذا اقتربت خطاه/ تعثرت فيه الطريق/ ونام حياً/ في عداد الميتين".
كما أن عبد الله أبو بكر لا يستعين بالتداعيات والبلاغة والمجاز كثيراً، يلتقط صورة عابرة وحتى الصورة أو المشهد الجامد ويبث في شريانه الدم، ثم يتحول بسرعة إلى مشهد آخر، مرة أخرى بحيوية شعرية لافتة.
إذاً نحن في هذا الكتاب الشعري أمام تجربة شابة واعدة بالكثير من الشعرية العالية واللغة المتقنة، هي سوريالية صياغة الشاعر للعالم من جديد بروح من المستقبل ضمن فوضى لا تحتاج إلى تنظيم، فهو يتناول هذه السوريالية بشكل أقرب الى الوضوح. كما أن قصائده تحاول كسر التركيبة الشعرية العربية التقليدية بذات غرائبية ربما تأتي من دون قصد أو وعي كبير منه بما فيه من غرابة في التركيب النحوي والصرفي للعبارة، وقد يكون في الآن نفسه واعياً لها بقصد ووعي مسبق كي يضمنها سياق العبارة الشعرية التقليدية.
ويعيد عبدالله أبو بكر كتابة النص الشعري ممسرحاً، متاثراً بتقنيات عالية مستجدة على مشهدية الشعر، يستعيرها من ملامح الأوديو/ فيديو واستعمالات الضوء والظل في المشهد الممسرح والمكتوب شعراً، فها هو يخلق شخصيات مسرحه في نصه الشعري، ويتبادل معها أدوار البطولة ليؤكد حضورها حيناً، أو يلغيها أحياناً أخرى، بل ليعرض لنا مشهديات الشعر بأشكال حداثية جديدة، إذ يجعل من الجدران إطاره للوحة تتشكل على مهل، يقول في قصيدته "قال الرصيف":
خيبة...
خيبة
كنت أمشي
إلى أين قال الرصيف
وقلت انتظر
لست أعرف
ها نحن مع بعضنا
ربما أكمل السير فوقك
أو انت
تكمل سيرك تحتي..."