الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

لماذا بكى اعضاء الوفد الفلسطيني ؟

على طاولة العشاء كان يجلس نبيل شعث ورياض منصور ومجدي الخالدي ، دبلوماسية فرنسية تقدمّت منا وقالت ممازحة : ماذا تفعلون ؟ هل هذا هو العشاء الاخير ؟ ولان الدكتور نبيل شعث يتمتع بالخبرة وروح الدعابة رد عليها بابتسامة عريضة " نعم هو العشاء الاخير في امريكا لكن لن تكون نفس النتيجة انشاء الله " ويقصد ان ايهوذا الاسخريوطي لن يخون السيد المسيح ويسعى الاعداء الى صلبه .

ادّعى الجميع انه ذاهب للنوم لان الجمعة سيكون يوم اللحظة التاريخية ، وتركنا الرئيس ليرتاح قليلا بعد ان انهى 20 اجتماعا متواصلا ، وكانت مسؤولة الخارجية في الاتحاد الاوروبي اشتون طلبت لقاءه ، فيما حسين حسين يحاول جاهدا ترتيب برنامج الرئيس المكتظ .

وفي منتصف الليل بتوقيت امريكا ، الثامنة صباحا بتوقيت القدس . كان جميع اعضاء الوفد يقظين ولم يتمكنوا من النوم ، خجلنا نسأل سعيد اللحام اذا كان الرئيس يقظا ام لا ؟ ولكننا وجدنا الاخ شحادة وهو مرافق الرئيس منذ 32 عاما وجلسنا نفكر في الجمعة وخطاب الرئيس والفيتو ، فاللحظة تاريخية والخطاب يجري تعديله كل ساعة .

في الصباح افاق الجميع باكرا ، وكان مقر الرئاسة اشبه بخلية نحل ، وقبل الخطاب اصر رئيس وزراء البرتغال على لقاء الرئيس ، وانشغل الامن ، وتوجهنا مبكرا الى الامم المتحدة ، اوقفنا الحراس ومنعونا من الدخول لان مسؤول كبير يمر من الشارع ، وبعدها عرفنا انه وزير خارجيتنا د. رياض المالكي ، وهنا يمشي وزير الخارجية مع 7 حراس ومرافقة امنية مشددة ، على البوابات حراسة مشددة ورجال امن لا يتساهلون ابدا ،تمثال لمسدس محطم ، وتمثال اخر لقنبلة يدوية مفتوحة ، في اشارة الى حرمة السلاح واعتماد السلام كلغة تخاطب بين الشعوب والجماعات . خضعنا للتفتيش الدقيق وولجنا ، لم نشعر بعد بالامر ، وبدا مثل اي يوم اعتيادي .

هي ذاتها الامم المتحدة ، بنايات صماء ، جدران خرساء ، مقاعد زرقاء ، ورجال ونساء باشكال مختلفة يمثلون جميع شعوب الارض يسيرون بسرعة هنا وهناك ، وفي داخل الامم المتحدة لن تشعر بالفرق بين الوزيرة وبين السكرتيرة ، بين الرئيس وبين المشتكي أو الموظف . صوت صراخ ، حراس الرئيس اردوغان تشاجروا مع رجال الامن بالداخل ، ووجدنا انفسنا في نفس المصعد مع الرئيس اردوغان ، لم يتغير ولن يتغير ، رجل عبوس وصارم ، صاحب مبدأ وكرامة وطنية تشعرك بالفخر .

احد القادة نسي "باج "الدخول ، ومهما حاول لن يسمح له رجال الامن بالدخول ، نصحناه ان يعود للفندق بسرعة ويحضر "باج" الدخول ، فقبل النصيحة ، فرجال الامن هنا من جميع الجنسيات ومن الصعب عليهم ان يفرقوا بين الرئيس عباس وبين رئيس مصر ، بين الاردن والسعودية او بين احمدي نجاد او أي معارض ايراني ، هم يتعاملون مع بطاقات تعريف وتصاريخ دخول .

على البوابة الشمالية تظاهرة فلسطينية تصرخ ضد الاحتلال الاسرائيلي ، حجزنا مقاعدنا على مقاعد المنظمة الاسلامية ، فقال لنا رجال من افريقيا ( السلامو عليكمو ) ورددنا السلام بالسلام فجلسوا وجلسنا متجهمين ننتظر دخول الرئيس عباس .
كلمة رئيس السودان ، ثم ارمينا ولا تزال نصف المقاعد غير مشغولة ، وقبل دقائق من خطاب الرئيس ، دبّت الحياة في القاعة التي كان فيها عرفات قبل 37 عاما ، لان القاعات امتلأت وحتى المقاعد الاضافية وفي جميع الطوابق ، ودخل الرئيس ، فوقفنا ووقف الجميع 3 دقائق بتصفيق متواصل ، نسينا اننا صحافيين وارتدينا الكوفيات الفلسطينية وصرنا نشيح بوجوهنا عن بعضنا البعض حتى نخفي دموعنا .

نظرنا الى وجه د.محمد اشتيه واذا به يبكي ، وصار اعضاء الوفد القيادي يحاولون اخفاء الدموع عن بعضهم حتى سألت اشتيه بصوت عال : هل انت تبكي ؟ فاعترف وقال نعم انا ابكي . فكدنا نختنق جميعا من اللحظة ، فخر وفجر وفلسطين التي طالما عشنا فيها من اجل هذه اللحظة . الى يسارنا كان هناك رجال ونساء من امريكا اللاتينية والكاريبي وافريقيا ، وجميعم صفقوا بحرارة وصافحونا بحنان .

الاخ محمد دعاجنة الحارس الشخصي للرئيس ، دخل التاريخ اليوم لانه اول من صافح الرئيس وقبله بعد الخطاب ، ولحق به حسين حسين ثم لم نتمكن من الوصول اليه من كثرة المصافحات من الزعماء والسفراء فصرخنا مبروك فلسطين يا سيادة الرئيس ، وابتسم مثل اب ينظر الى اولاده .

انها قصة كرامة شعب ، ليست قصة فصيل او عشيرة او مدينة ، انها قضية مقدسة وامانة في اعناق الجميع ، وبعد ذلك دخل جميع اعضاء الوفد الى غرفة الرئيس حتى لم يعد مقاعد ، وجلس البعض على اطراف النوافذ ، وفجاة هطلت امطار شديدة جدا على نيويورك ووصلتنا اخبار الوطن والساحات والمسيرات ، ولم تسكت الهواتف النقالة ، على الخط الاخر كان الصديق ناصر مرزوق وهو اسير وشقيق لشهيد قال لي : ابلغ الرئيس اننا الان نشعر بالكرامة والفخر ونشعر ان دماء الشهداء لن تذهب هدرا . ولا أخفي ان الجميع هنا امتعض حين قرأ تعقيب حماس على الخطاب ومواصلة الانتقادات في هذه اللحظة ، فقد كان الوفد يعتقد ان حماس ستنتقد خطاب نتانياهو وليس خطاب الرئيس . من جانبه الدكتور ناصر الشاعر طلب مني ان انقل تحياته للرئيس وان اقول له " انت لست وحدك وكلنا معك " فتحسن المزاج قليلا .

وفجأة تذكرنا وسألنا : وماذا بعد سيدي الرئيس ؟سأقول انني لم نحصل على اجابة ، لكنني "اعتقد" انه بعد سبتمبر :

اولا : مؤتمر دولي لرعاية دولية بدل الامريكية ومواصلة عزل اسرائيل في العالم ومقاطعتها مثل عنزة جرباء .
ثانيا : مقاومة شعبية سلمية لا تتوقف ، والتأكيد هنا على سلمية لان اية عمليات سيستغلها الاحتلال ضدنا .
ثالثا : انجاز الوحدة الوطنية في الاسابيع القادمة والكف عن اللهو السياسي بقضية شعب مجروح يطلب الكرامة والحرية ويحترم قياداته لكن قياداته تسخر من الامه عن طريق تأجيل الاتفاق .

ناصر اللحام

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025