رصاصة "إم 16" لضرب الوفاق الوطني وخلط الأوراق الفلسطينية- وائل البرغوثي
بات من الواضح ان العدوان الذي تشنه قوات الاحتلال منذ عشرة أيام وبشكل متصاعد، على المواطنين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، ليس بهدف البحث عن مفقودين او مخطوفين، وإنما بهدف بث الفوضى والارتباك في صفوف الشعب الفلسطيني، وخلط الأوراق الفلسطينية وضرب حالة التوافق بين الشعب والسلطة الوطنية الفلسطينية، ليتسنى لاسرائيل الخروج من أزمتها السياسية وحالة العزلة التي وصلت اليها بعد ان وجدت نفسها وحيدة ضد حكومة حكومة الوفاق.
وان كان تفكيك حكومة الوفاق الوطني هو أحد الأهداف المعلنة للعدوان، فان محللين وسياسيين فلسطينيين يرون ان عمليات الاحتلال العسكرية تهدف الى إثارة غضب الشارع الفلسطيني في وجه السلطة، مستغلا من يتلاعب بالمصطلحات والعواطف. وما يؤكد ذلك محاولة الاحتلال صباح امس بث اشاعة "ان الشهيد محمد الطريفي سقط برصاص الشرطة الفلسطينية"، وقد أكد تقرير الطب الشرعي ان الرصاص الذي اخترق جسد الشهيد من بندقية (ام 16) التي تستخدمها قوات الاحتلال، ولا تستخدمها قوات الأمن الفلسطينية.
وهو ما دفع شبانا غاضبين فجر امس الى مهاجمة مقر للشرطة وسط مدينة رام الله، عقب دخول جيش الاحتلال للمنطقة واغتيال الشاب الطريفي والقيام بعمليات تفتيش في عدة مؤسسات. ورشق الشبان المقر بالحجارة وحطموا بعض المركبات، بحجة تقاعس الشرطة عن الوقوف في وجه جيش الاحتلال.
وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سمير عوض لوكالة فرانس برس "احتمال كبير ان تتوجه ردة فعل الناس الى رموز السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، لان السلطة غير قادرة على حماية الناس، وهي وظيفتها الاساسية". ويضيف عوض "اسرائيل قد تستغل هذا الأمر لنزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية من خلال اثارة الشعب الفلسطيني عليها".
من جهته، قال المحلل السياسي جهاد حرب "اسرائيل من خلال عملياتها مثل ما حصل في رام الله وحلحول، وعدم قدرة الشرطة الفلسطينية على القيام بأي شيء لحماية المواطنين يؤدي الى زعزعة الثقة بين الاجهزة الامنية والمواطنين". وقال حرب " اسرائيل نجحت في هذا الامر في رام الله، ونتج عنه صدام بين الشرطة والمواطنين".
ولكن الغالبية من أبناء الشعب تدرك اللعبة الاسرائيلية وأهدافها، ولذا فان سيناريو الاختطاف لا يحضر بقوة في أذهان المواطنين الفلسطينيين، وانما يتناقلون سيناريوهات أخرى عبر مواقع الانترنت، عن عملية الخطف، ومن تلك السيناريوهات مثلا "ان المخابرات الاسرائيلية هي من يقف وراء ترتيب العملية لتبرير عملياتها العسكرية".
ولا يتفق عوض مع هذا السيناريو، ويقول "هذا الكلام ساذج، لانه من غير المعقول ان تقوم اسرائيل بهذه العملية التي من الممكن ان يتم كشفها اجلا ام عاجلا". ويضيف "وقعت هذه العملية، واسرائيل اخرجت تفاصيل عمليتها العسكرية من الجرار وبدأت تنفيذها في الضفة الغربية".
من جانبه، يقول جهاد حرب " كافة السيناريوهات التي تم الحديث عنها، ومنها غياب المستوطنين من تلقاء أنفسهم، او ان عصابات اسرائيلية اختطفتهم، او ان فبركة اسرائيلية كانت وراء العملية، سقطت بعد مرور ايام على عملية الخطف". ويضيف " السيناريو الذي بقي قائما ان مجموعة محلية قد تكون وراء الخطف، وغير مرتبطة مع حزب او جهة سياسية، ودون اوامر عليا"، حسب رأيه.
لكن ذلك لا يلغي ان ممارسات الاحتلال على الارض وأقوال الصحف العبرية ووسائل الاعلام الاسرائيلية تؤكد ان الهدف من العدوان الاسرائيلي هو انهاك السلطة الوطنية الفلسطينية لتصبح غير قادرة على السيطرة على الارض وجر الشارع الفلسطيني الى العنف وحرف بوصلة الشعب الفلسطيني عن اهدافه الوطنية نحو الحرية والاستقلال.الى جانب بث الفوضى والعبث بالاستقرار والسلم الاهلي الفلسطيني، وصرف اهتمام الشارع عن قضية الأسرى الذين دخلوا شهرهم الثالث في الاضراب المفتوح عن الطعام.