الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

المبعد محمد عطا الله : " اتمنى ان اعيش في خيمة في مخيم الدهيشة على حياة الرفاهية في قصر في اوروبا "

جنين –علي سمودي –يعيش المواطن سعيد عطا من مخيم الدهيشة اياما عصيبة وسط صور الذكريات المؤلمة التي تتفتح فيها الجراح التي لا زالت نازفة جراء استمرار ابعاد نجله محمد (31 عاما ) وحرمانه من رؤيته وزيارته في منفاه القسري في ايطاليا على مدار السنوات التسعة الماضية ، فمع استمرار معاناة المبعدين وغياب أي افاق لحل قضيتهم لا يجد الوالدة ومعه زوجته الصابرة سوى " الانترنت " كوسيلة اتصال وحيدة مع محمدالذي تزوج ورزق بطفلين لم يعرفهما الوالدين الا من خلال الصور .
وفي منزله في مخيم الدهيشة ، ينتظر الاب الستيني عطا الله وزوجته ام محمد التي تجاوزت العقد الخامس لحظة الاتصال مع محمد عبر الانترنت ، ويقول " مرة واحدة حظيت زوجتي بزيارة محمد عقب ابعاده بعام ولكن منذ تلك اللحظة المؤلمة لم نترك وسيلة الا واستخدمناها للحصول على موافقة لزيارته ولكن دون جدوى ، اشعر بالم جديد في ذكرى اجتياح بيت لحم لان فيه بدات رحلة العذاب والمعاناة المستمرة مع دخول المبعدين عامهم العاشر ، ولا زال الحل غائبا ولا يوجد لدينا وسيلة لمعرفة اخباره والاطمئنان عليه سوى الانترنت ، ولكن ذلك يزيد حزننا والمنا ، وكلما مر يوم وابني وزوجته وطفليه غائبين عنا تتضاعف الالام ".
ايام من الذاكرة
محمد الذي يعتبر ثالث الابناء في اسرة عطا الله المكونه من 8 انفار يرتبط بعلاقة وطيدة ومميزة مع والديه اللذين لا يتوقفا عن الحديث عنه والدعاء له ولكل المبعدين في اوروبا وفي غزة للوطن خاصة في هذه الايام العصيبة عندما تاتي ذكرى اللحظات العصيبة التي رافقت الاجتياح الاسرائيلي لبيت لحم فجر الثاني من نيسان عام 2002 ضمن حملة وزير الدفاع الاسرائيلي ارئيل شارون التي اطلق عليها انذاك "السور الواقي" والتي شن خلالها عدوانا شاملا على اراضي السلطة الوطنية ، ويقول " لم تبدا معاناتنا باستهداف ابني محمد منذ الحصار والابعاد ، فعقب اندلاع انتفاضة الاقصى بستة شهور وجراء مشاركته مع ابناء شعبه في تادية واجبه الوطني في الدفاع عن ارضه والقيام بواجباته تجاه شعبه وقضيته من خلال مشاركته بالمسيرات والمواجهات بدات قوات الاحتلال بمطاردته وادرجت اسمه ضمن قائمة المطلوبين بدعوى الانتماء لكتائب شهداء الاقصى ". ويضيف " عشنا ايام عصيبة خلال ملاحقة محمد الذي رفض تسليم نفسه رغم تهديدات الاحتلال بتصفيته ، فكان دوما في مقدمة الصفوف في مواجهة الاحتلال والتصدي له ، وخلال احدى عمليات الاحتلال واشتباكه معه اصيب بعيار ناري في في فخذه اليمنى وتم ادخاله للمستشفى و تركيب بلاتين في فخذه ، وخلال خضوعه للعلاج في المستشفى حاول الاحتلال اعتقاله ولكن اخوانه المقاومين تمكنوا من انقاذه وتهريبه ونقله الى مخبا سري حتى تجاوز الخطر وتحسن حالته الصحية ولكن الاصابة اثرت عليه وادت لمعاناته من نقص 3 سنتمتير في قدمه ".
نجا من الموت
وسرعان ما عاد محمد لتادية واجبه في مقاومة الاحتلال مع رفاقه المناضلين رغم معاناته واصابته ، ويقول والده " كان يتمتع بمعنويات عالية ويعبر عن حبه لوطنه واستعداده للتضحية في سبيله مما اثار غضب الاحتلال الذي استهدفه عدة مرات ونجا من الموت باعجوبة ، ويضيف " في احدى المرات كانت تستهدفه قوات الاحتلال وبعدما نجا من محاولة اغتياله مع مجموعة من مقاتلي كتائب شهداء الاقصى تكررت المحاولة بعد دقائق فقط قصفت الطائرات الاسرائيلة سيارة في مخيم الدهيشة فاستشهد الشاب جاد محمود عطاالله 26 عاما وهو ابن عم محمد وشقيق زيد محمود عطا الله اصغر المبعدين المتواجدين في غزة .
حصار وابعاد
استمر الاحتلال في ملاحقة محمد ، وسط خوف وقلق العائلة وخاصة والده الذي فقد عينه اليمنى اثر اصابته بعيار مطاطي فيها ، ويقول " صبرنا رغم كل الماسي وتاثيرات اصابتي ، وكنا ندعوا الله ان يحمي ابني محمد الذي صمد ورغم ما تعرض له لم يؤثر عليه او ينال من عزيمته لانه كان يؤمن برسالته الوطنية وحقه المشروع في الدفاع عن ارضه فهو ناضل وبقي باسلا مستبسلا على مدار 3 سنوات من الملاحقة حتى بدا الهجوم الكبير فجر يوم 2-4 "، تاريخ لن ينساه الوالد فبعده لم يتمكن من رؤية ولده وعانى كاهالي المحاصرين من الخوف على مصيرهم ويقول "بعد المقاومة والتصدي للاحتلال رفض المقاومين الاستسلام للاحتلال الذي حاصرهم في كنيسة المهد ، واتذكر ان محمد ورفاقه المقاومين قاتلوا الاحتلال بشجاعة في محيط جامعة بين لحم حتى ضيق الاحتلال عليهم وسط قصف الطائرات بينما كانت الدبابات تتقدم وتحاصر المناطق من كل جانب وزاوية ووصلوا للكنيسة ، وعشنا لحظات من الصدمة والالم والحزن وكنا على اعصابنا نفكر بالمحاصرين وسط استهدافهم وصمودهم رغم نفاذ الطعام والشراب وسقوط الشهداء والجرحى ".
صدمة الابعاد
استجاب الله لدعوات الوالدين وكل ذوي المحاصرين ونجا محمد ورفاقه من حصار الكنيسة ولكن لقرار الابعاد كان صدمة قاسية ، ويقول الوالد " كنا نتامل ان تسفر المفاوضات عن حل ينهي معاناتهم ولكن فوجئنا بالابعاد ولم يكن بيدنا ما نقدمه فقد نقلوا بالحافلات دون السماح لنا بوداعهم ، لكن الماساة الكبرى كانت بعدم معرفة بمصير محمد ومكان ابعاده لفترة استمرت شهر ، وكانت صدمتنا الاقسى بقرار نفيه الى ايطاليا ".
زواج في المنفى
واستمرت العائلة في متابعة اخبار نجلها التي لم تكن متيسرة بشكل مستمر مما ضاعف الحزن والالم لديها خاصة لخطيبته فمحمد كان خطب خلال مطاردته كريمه خالته فاتن صدوق االمفيمة في الاردن والتي اصرت على التمسك بها والوفاء له رغم كل الظروف الصعبة والقاسية ، ويقول الوالد " بعد 8 شهور من المعاناة طلبت منا السلطة الوطنية تحضير جوازات السفر لزيارة محمد الذي اتصل بنا من ايطاليا وطلب جوز سفر والدته وخطيبته بعد الحصول على تنسيق لزيارته ،وبعد شهر سافرتا بطائرة ايطالية خاصة من الاردن ومكثن لديه لمدة شهر .
ورغم الحزن والتاثر ، لم يتردد محمد بالزواج في منفاه القسري بحضور والدته التي بكت كما تقول بحسرة لغياب والده واشقاءه وكل الاهل والاحبه وتضيف " كنت دوما احلم بزفاف وعرس كبير يفرحني ويعوضني عن ايام الحزن خلال ملاحقة محمد ولكن لم يكن هناك خيار اخر لانه لم تكن لدينا معلومات عن فترة الابعاد ، وبالتالي كنت على قناعه ان زواجه سيخفف عنه الكثير .
بعد الزواج وانقضاء فترة الزيارة ، طالب مسؤولي الامن على محمد وهم ايطالي الجنسية من زوجته ووالدته العودة ، وتقول والدته " غضب محمد كثيرا ورفض وهددهم قائلا " اما ان اموت او تعود للاردن "، واصر على ان تبقى زوجته بجانبه، وقال لهم " انا ساموت هنا انا وزوجتي وسنحمل المسؤولية للحكومة الايطالية" ، وتضيف بعد اتصالات وفي الساعة الثانية عشرة ليلا جاءت الموافقة ببقاء زوجة محمد معه ، واصبح لديه اليوم طفلين ايات 8 سنوات وسعيد 6 سنوات .
عذابات الشوق
الوالدة عائشة التي تعاني من السكري والضغط وضيق في التنفس تبكي بشدة وحرارة ليس بسبب اوجاع المرض بل جراء استمرار ابعاد نجلها وعائلته ، وتضيف " الابعاد اقسى من الالم والمرض اتحمل كل اوجاعه ولكني اموت كل لحظة مليون مرة بسبب عذابات الشوق لابني ، مرت 9 سنوات ولم يتغير شيء ، اطفاله كبروا ولم احضنهم ابكي في الاعياد والمناسبات وكلما شاهدت احد ابنائي ورفاقه ، وعندما اشاهده عبر الانترنت يزداد حزني ، فهي مجرد صورة لا يمكن ان تسد او تغني عن وجوده بيننا مع اخوانه وشقيقاته واهله ، فاي قانون يجيز ذلك ؟، واين هي العدالة وحقوق الانسان ؟ واي شريعة التي تجيز للاحتلال منعي من رؤية ابني واحتضانه ومشاهدة احفادي ، انه ظلم كبير".
وتستمر دوامة الظلم التي تلقي بظلالها على 38 مبعدا يعيشون بين اوروبا وغزة ، ومع محمد اصبحت زوجته وابناءه مبعدين ، كذلك فان ابن عمه زيد محمود عطا مبعد في غزة وقد تزوج ولم تراه والدته منذ ابعاده سوى مرة واحدة ، وتقول الوالدة ام محمد ، " كل حياتنا ماساة لا تنتهي حتى افراحنا تحولت لاحزان ورغم التفاف ابنائي حولي لا اشعر بفرح ما دمت محرومة من محمد وعائلته ".
وقد فرضت اسرائيل قيود صارمة على زيارات اهالي المبعدين حتى الى غزة ، وغالبية عائلاتهم لا زالت ممنوعه من الحصول على تصاريح حتى في الاعياد
نريدهم احياء
وبين الابعاد والانتظار ، لم يتردد الوالد عطاالله عن المشاركة في كافة الفعاليات التي تنظمها الحملة الوطنية لعودة مبعدي كنيسة المهد احياء ، ويقول " في ظل غياب القضية وعدم الاهتمام بها نحن مع الحملة التي اطلقتها الاخت كفاح حرب زوجة الشهيد المبعد عبد الله دوود لنناضل جميعا لعودة ابناءنا الينا ، اننا لانريد ان يعود المعبدين اموات بل نريدهم احياء" ، وعشية الذكرى العاشرة يضيف " في كل يوم يردد ابني المبعد على مسامعي عبارة واحدة انه يتمنى ان يعيش في خيمة في مخيم الدهيشة على حياة الرفاهية في قصر في اوروبا "، لذلك نناشد الرئيس محمود عباس وكل القوى والفعاليات الوقوف الى جانب قضيتنا العادلة ، ونتامل ان يصر على مبادرته لانهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية لنناضل جميعا لعودة المبعدين وتحرير الاسرى وانقاذنا من جحيم المعاناة ، فالابعاد اقسى من السجن والوحدة تمكننا من افشال مخططات الاحتلال الذي شطب قضية المبعدين والمعتقلين من حساباته وعلينا ان نكرسها كاولوية لانهم مناضلين في سبيل الحرية ".

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024