انتصار الرئيس عباس على نتنياهو
- التصفيق للرئيس عباس غير مسبوق ونتنياهو اكتفى بتصفيق مرافقيه
- العالم صدّق عباس عندما قال كفى، كفى، كفى
وفا- فايز عباس
"على الرغم من أنه لم يعلن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وعلى ما يبدو فإنها لن تقوم في القريب العاجل، إلا أن معركة الخطابات التي انتصر فيها الرئيس محمود عباس، كانت حدثا تاريخيا...الاستقبال الفاتر جدا لنتنياهو في القاعة، وعدم الثقة به من قبل قادة العالم كان بارزا جدا للعيان، وفي نفس الوقت برز بشكل منقطع النظير التأييد الكبير للرئيس عباس من قبل قيادة العالم- وللمشككين في اسرائيل- هذا هو التسونامي السياسي"، هذا ما كتبه براك ربيد، مبعوث صحيفة هآرتس للأمم المتحدة.
وجاء في التقرير، أنه و"قبل نصف ساعة من وصول الرئيس عباس إلى القاعة لإلقاء خطابه أمام الجمعية العمومية كانت القاعة شبه فارغة ومملة، لكن مع اقتراب موعد دخول الرئيس عباس، بدأ التهافت لدخول القاعة... رؤساء دول وسفراء وإعلاميين، وامتلأت القاعة ولم يبق مقعد واحد فارغ، كما وجلس الصحفيون الذين لم يتمكنوا من دخول القاعة على الدرج، والمئات اضطروا للوقوف خارج القاعة."
عندما أعلن رئيس الجلسة عن وصول الرئيس محمود عباس وقف الجمهور مصفقا له بشكل غير معهود في الأمم المتحدة، وكأنه نجم عالمي.
خطاب الرئيس عباس كان صعبا للمستمع الإسرائيلي، وأقواله منفرة حتى لشمعون بيرس أو يوسي بيلين، لأنه تحدث عن قدسية فلسطين للأديان المسيحية والإسلامية، لكنه لم يذكر اليهودية، تحدث عن التطهير العرقي التي تقوم به إسرائيل في القدس، وعلى تنكيل الجيش والمستوطنين بالمزارعين الفلسطينيين، والمرضى وهم في طريقهم لتلقي العلاج.
أقوال أبو مازن وجدت آذانا صاغية، على الرغم من فحواها لدى قادة العالم، الذين وقفوا وصفقوا له عندما أعلن عن تقديمه الطلب للاعتراف بالدولة، ولوح بالرسالة أمام الجميع صارخا: "كفى، كفى، كفى"، حظي أبو مازن بثقة قادة العالم الذين صدقوا أقواله، ووقفوا على أرجلهم وهم يصفقون له.
سلوك إسرائيل أمام التحرك الفلسطيني في الأمم المتحدة، وصل إلى درجة عالية من الإحراج، خلال إلقاء الرئيس كلمته قام ليبرمان بشكل تظاهري وخرج من القاعة، مستغلا حدثا دبلوماسيا تاريخيا من أجل السياسية الداخلية الإسرائيلية... ليبرمان علل موقفه في وقت لاحق بالقول، إن خروجه من القاعة احتجاجا على حملة أبو مازن المستفزة لإسرائيل، كما أن وزير إسرائيلي وسفير إسرائيل تركا القاعة أيضا، وبقي نائب السفير الذي شعر بالراحة لوجود سفيرة الولايات المتحدة سوزي رايس، والتي بدت تعيسة أيضا.
نتنياهو وصل إلى نيويورك في حالة نفسية جاهزة للمعركة، لكنه فقد صبره عندما قرأ عدة مقالات في الولايات المتحدة حملته مسؤولية جمود عملية السلام، واشتط غضبا على ما اسماه "الحديث النيويوركي".
الصحافة الإسرائيلية بالنسبة لنتنياهو هي الشيطان الصغير، لكن الكاتب الصحافي الأمريكي توماس فريدمان، من صحيفة النيويورك تايمز، هو الشيطان الكبير، فمن جهة يسخر منه نتنياهو لأنه لا يؤثر على الرأي العام ، لكنه يقرا كل كلمة يكتبها ويغضب حدا، حتى أنه تطرق في خطابه إلى فريدمان حين قال "أفضل صحافة سيئة على النعي الجيد".
الهجوم الذي شنه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون على نتنياهو، عشية إلقاء خطابه في الأمم المتحدة، سبّب له الغليان في أوعيته الدموية، وأمر مرافقيه الطلب من البيت الأبيض بتصريح مضاد لأقوال كلينتون، وحاول مساعدوه إقناع المراسلين الإسرائيليين بالبيت الأبيض الحصول على تعقيب، ولم يتصل أحد بالبيت الأبيض.
عندما صعد نتنياهو إلى المنصة، كان عدد كبير من الشخصيات قد غادرت القاعة، بعد أن انهي الرئيس عباس خطابه، وكل بعثة أبقت شخصا واحدا ليسجل ملاحظات حول خطاب نتنياهو، ولوحظ الهدوء في القاعة بعد التصفيق الحار للرئيس عباس كل بضع دقائق من خطابه، وهذا لم يحظ به نتنياهو، والذين صفقوا له كانوا مساعدوه وبعض النشطاء اليهود الذين تواجدوا في القاعة.
نتنياهو وصل الى الأمم المتحدة من أجل الدفاع عن نفسه، في ظل الهجوم عليه وعلى سياسته من قبل العالم، خطابه كان هجوميا ووجه بالأساس إلى الرأي العام الإسرائيلي أكثر من توجيهه إلى قادة العالم في القاعة.
نتنياهو مثل القذافي، الذي وقف العام الماضي في نفس المكان الذي يقف فيه نتنياهو، وطالب بحل الأمم المتحدة.
نتنياهو هاجم وبشدة الأمم المتحدة، على الرغم من أن قرارها كان السبب قي إقامة إسرائيل قائلا: "بيت الكذب الكبير وظلامي" .
نتنياهو هاجم الأمم المتحدة بدل أن يطرح تصورا سياسيا أو مبادرة جديدة لإخراج إسرائيل من عزلتها، لكنه اختار إعطاء درس في تاريخ إسرائيل من أيام الملك حزقياهو حتى التنكيل بالهود في روسيا حتى يومنا هذا.
نتنياهو وصل إلى قناعة أنه مهما يقول ويفعل فإنه لن يستطيع تغيير الموقف العالمي أن الفلسطينيين يريدون السلام، وأنه هو الرافض لهذا السلام، "يجب قول الحقيقة حتى يفهم العالم"، قال نتنياهو.
ويمكن أن يكون نتنياهو صادقا في أقواله، لكن هل سأل نفسه: كيف وصل إلى وضع لا يصدق أحد في العالم أي كلمة يتفوه فيها؟