هكذا خطف إرهابيون الفتى أبو خضير وقتلوه وحرقوا جثته
فجر قتل وحشي نفذه مستوطنون متطرفون بحق فتى من سكان بلدة شعفاط في القدس الشرقية غضبا فلسطينيا شديدا فخرج المئات من الشبان إلى شوارع البلدة واشتبكوا مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مشهد أعاد إلى الأذهان الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
وبدأت الأحداث عندما خرج الفتى محمد حسين أبو خضير (17 عاما) من منزله لأداء صلاة الفجر في مسجد البلدة حيث توقفت سيارة خرج منها مستوطنان إسرائيليان طلبا منه إرشادهما إلى احد الطرق قبل أن يقوما باختطافه في سيارة توارت في ثوان عن الأنظار باتجاه القدس الغربية.
وبعد أن شاهد بعض السكان في البلدة اختطاف الفتى أبو خضير قام والده بالاتصال بشرطة الإحتلال والإبلاغ عن حادثة اختطاف نجله واستند إلى تسجيل كاميرا لأحد الجيران لإثبات واقعة الخطف بالصوت والصورة حيث ظهرت صور المستوطنين الإسرائيليين بوضوح في التسجيل.
وقالت نعمة ابنة عم ابو خضير، ان أشخاصا سحبوه من الشارع بعد مغادرته منزله بحي شعفاط العربي بالقدس لأداء صلاة الفجر مع أصدقائه.
وأضافت، هرع أشخاص الى داخل المنزل وقالوا ان واحدا من الشبان سحب الى عربة "فان" بيضاء اللون .. ولذلك استدعت أم محمد الشرطة.
ولم يكد يمر وقت قصير حتى أعلنت الشرطة اكتشاف جثة محترقة في غابة في منطقة دير ياسين في القدس الغربية وهو ما قاد المواطنين للتيقن بأن المستوطنين قتلوا الفتى أبو خضير انتقاما لمقتل 3 مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية.
ونقلت إذاعة جيش الإحتلال عن شهود عيان ان سيارة سوداء من طراز "هوندا" توقفت بالقرب من الفتى وتم إجباره على الدخول إليها.
وقال احد أقرباء ابو خضير واسمه محمود للإذاعة، ان سكان المنطقة حاولوا اللحاق بالسيارة التي اختطفته إلا انهم لم ينجحوا في الوصول إليها.
ويقول مواطنون، انه سبق وان حاول مستوطنون إسرائيليون في ذات السيارة اختطاف طفل فلسطيني من بلدة شعفاط يوم أول من أمس، قبل أن يتمكن السكان من إنقاذه وإبلاغ الشرطة عن الحادث ومواصفات السيارة دون أن تحرك شرطة الاحتلال ساكنا.
وقد احتجزت الشرطة حسين، والد الفتى، لعدة ساعات قامت خلاله بفحص (DNA) الخاص به وزوجته للتأكد من تطابقها مع الفتى أبو خضير وذلك بعد أن رفضت شرطة الاحتلال السماح لوالديه برؤيته ومعاينة جثته قبل تشريح الجثمان.
وجلست والدة الشهيد محمد في إحدى زوايا المنزل وهي تردد قبل تأكيد استشهاد ابنها: "لا أريد أي شيء أريد أن يعود ابني إلى المنزل، أريده حيا، خرج محمد كعادته ليصلي الفجر مع أصدقائه ولم يعد... أنا بانتظاره".
وعن علمها بخبر اختطاف ابنها تقول والدموع تسيل من عينيها، "خرج محمد الساعة 3:30 قبل أذان الفجر، بعد تناوله السحور، وبعد 15 دقيقة جاء ابن شقيقي – صديق محمد - وأخبرني بحادث اختطاف، وسألني عن محمد، فأخبرته بأنه بالمسجد، ولدى ذهابه للمسجد لم يكن فيه".
وتضيف الوالدة، "لم يكن محمد بالمسجد، فقمت بالاتصال به على هاتفه المحمول، لكنه كان مغلقا، أما والده فخرج مسرعا من البيت وأبلغ الشرطة، كما تحدث مع الشبان الذين شاهدوا عملية الاختطاف وحاولوا اللحاق بالسيارة لإنقاذ محمد الذي قام بالصراخ دون جدوى".
وتقول والدته، "اليوم ابني.. وبالأمس، حاولوا اختطاف طفل من عائلة زلوم، ومن سيكون بعدهم؟؟".
أحد أصدقاء محمد قال، "لقد سبقت محمد بدقائق للمسجد، بينما كان يقف بالقرب من محل والده ليدخن سيجارته قبل دخوله المسجد".
واستهجن والد الشهيد موقف الشرطة من حادثة الاختطاف وقال، "أبلغنا الشرطة بالحادث فور وقوعه، لكنها وحتى الآن لم تحرك ساكنا ولم تعتقل الخاطفين، رغم ظهورهم بشكل واضح في كاميرات المراقبة، أما لو تبدلت الأحوال وقام عربي بخطف إسرائيلي، لكشف الأمر خلال لحظات معدودة".
وأضاف، "الشرطة تريد تغطية الموضوع، وتحاول الالتفاف عليه، لحماية المستوطنين، لكن الكاميرات واضحة.
ومن المقرر أن يجري تشريح جثة الشهيد الفتى اليوم بمشاركة طبيب فلسطيني على أن يجري لاحقا تسليمها للعائلة وهو الأمر الذي يجري عادة في مثل هذه الحالات بعد منتصف الليل.
شعفاط تنتفض غضباً
وما أن انتشر خبر اختطاف مجموعة من المستوطنين فتى وقتله حتى وقعت اشتباكات شديدة في بلدة شعفاط استمرت طوال ساعات النهار وامتدت في ساعات المساء إلى البلدة القديمة في القدس وبلدة عناتا.
وقد حاصرت قوات الاحتلال بلدتي شعفاط وبيت حنينا وأغلقت الشوارع الرئيسة التي تؤدي إلى البلدتين.
وأعادت الاشتباكات إلى الأذهان مشاهد الانتفاضة الأولى حيث تمترس الملثمون خلف ألواح كبيرة وأضرموا النيران في إطارات السيارات لإغلاق الشوارع أمام قوات الاحتلال التي وجدت نفسها تحت وابل من الحجارة والزجاجات الفارغة.
وقال شهود عيان، إن نحو 65 مواطنا أصيبوا بجروح متفاوتة بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والمسيلة للدموع التي ألقتها قوات الاحتلال والتي ساندتها طائرة عمودية وذلك في أطول مواجهة تشهدها البلدة منذ سنوات طويلة.
واستعانت الشرطة الإسرائيلية بطائرة عمودية وأيضا منطاد لمراقبة سير الأمور في المنطقة وتحركات الشبان.
وأغلق الشبان الطريق الرئيس في بلدة شعفاط بالحجارة والحاويات الكبيرة للنفايات وأضرموا النيران في إطارات السيارات لإغلاق الطرق أمام تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأدت المواجهات إلى وقف عمل القطار الخفيف الإسرائيلي الذي يمر من خلال بلدة شعفاط في حين قام الشبان بتدمير محطة القطار الخفيف المتواجدة في بلدة شعفاط بشكل كامل.
وتركزت المواجهات في منطقة الجامع الكبير في شعفاط وهي المنطقة التي يتواجد فيها منزل عائلة الفتى أبو خضير حيث استمر رشق الحجارة إلى ساعات الليل.
وشوهدت سيارات الإسعاف وهي تنقل الجرحى إلى المستشفيات فيما تم علاج العشرات في المكان نتيجة لإصابات بقنابل الصوت والرصاص المطاطي.
ومن بين الجرحى مراسلة قناة فلسطين الفضائية كريستين ريناوي والمصور الصحافي علي ياسين وأيضا المصور الصحافي احمد غرابلة إضافة إلى صحافية إسرائيلية.
ووصل الى منزل الشهيد الفتى العديد من الوفود السياسية على رأسها وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة المهندس عدنان الحسيني إضافة الى أعضاء كنيست عرب.