فلسطين تقف كلها احتراما لقائدها في المقاطعة
وفا- يزن طه
زحفوا من كل مكان، تركوا بيوتهم، وأعمالهم، ومدارسهم وجامعاتهم. وجهتهم كانت المقاطعة، مقر الرئيس محمود عباس في مدينة رام الله، تلبية للدعوات لاستقبال الرئيس العائد بالنصر من الأمم المتحدة.
الكبير قبل الصغير حرص على حمل العلم، أو راية الدولة، أو التوشح بالكوفية، وانتظار وصول الرئيس إلى الساحة التي يحتشدون بها، يتهامسون ويتناقشون في الخطوة الفلسطينية المقبلة، وفي ردود الفعل الأميركية والإسرائيلية المرتقبة على الخطوة الفلسطينية، وكلهم عزيمة وإصرار على المضي قدما في هذا الدرب خلف قيادتهم.
سنواتها السبعون لم تمنعها من القدوم إلى رام الله، الحاجة أم محمد من بلدة يطا في محافظة الخليل، آثرت استقبال الرئيس على الجلوس في بيتها، جلست تستريح من عناء سفر يصل إلى ساعتين، مستندة إلى أحد الجدران، ترفع العلم، بصعوبة سمعت سؤالنا، وبصوت عال شديد اللهجة أجابت: "اللي صار في الأمم المتحدة نصر للمسلمين، وهذا حلم وتحقق إلنا، أبو مازن بطل وكل اللي حواليه أبطال".
بين الحشد المقدر بعشرات الآلاف لا تجد من لم يصفق أو يكبر أو يهتف للرئيس، على خطوته الشجاعة، وخطابه الصريح الجريء أمام العالم أجمع.
تبعناها في رحلتها، تشق الصفوف، لتصل إلى المنصة التي سيقف عليها الرئيس ليلقي كلمته في الجموع المحتشدة لاستقباله، إلى أن وصلت إلى المقدمة، تحمل الرايات، وتفخر "ببطلها"، الرئيس محمود عباس، إنها أم جمال أبو زيدان (65 عاما)، قدمت من سلفيت لتقول للرئيس إنها تفخر به: "نفخر بأبو مازن اللي وقفنا هالوقفة، اليوم أسعد يوم، وإن شاء الله بنحرر بلدنا وبزول الاحتلال".
شباب قرى بيت لحم، أبوا إلا أن يسجلوا بصمتهم في هذا اليوم التاريخي، حملوا صور الرئيس، ودخلوا الساحة من جهتين، في صفين طوال، اخترقوا صفوف المحتشدين، ملتحمين مع زملاء لهم في الهتاف والتصفيق للرئيس.
إلى جانب والدتها، بثوبها المطرز، ملوحة بالعلم، وقفت ابنة السبع سنوات، شهد عويضة، من بيتا جنوب نابلس، وبكلمات واضحة: "جاية أحيي الرئيس أبو مازن".
"لسا ما روحت على الدار، وزي ما انت شايف لسا حامل شنتة المدرسة"، كلمات خرجت من الطفل هيثم ابن الإحدى عشرة سنة، يضيف إليها؛ "جيت أحيي الرئيس لأنه راح يعلن الدولة".
زميله حمزة ناصر (11 عاما) من مدينة البيرة، قاطعنا ليقول: "يا رب يعلن دولة فلسطين الحرة العربية".
الطفلة آية (12 عاما) من رام الله، تتناقل وأختها التزين بعلم كبير، قالت: "أبو مازن شكرا لأنك بدك ترجعلي بلدي يافا، وتحقق حلمي".
"متطوعون لخدمة الإنسانية" هكذا يسمون أنفسهم، وهم موظفو ومتطوعو الهلال الأحمر الفلسطيني، قدموا للمقاطعة هذه المرة يحملون علما ضخما، تلبية لنداء الوطن.
رأيناها فور أن خرج الرئيس للجمع متحدثا، ترفع العلم الفلسطيني، وتستمع إلى ما يقول الرئيس، وفور أن انتهى من كلمته، انتظرنا أن تنزل من على منصة الصحفيين، وسألناها بعد أن انتهى زميل من التقاط الصور لها، عما يمكن أن تقوله للفلسطينيين وللرئيس، فقالت: "سعيدة جدا لأجل الفلسطينيين، إنه الوقت لتكون لهم دولة، هذا حقهم، إنهم سعداء، وأنا سعيدة كذلك"، إنها المتضامنة النرويجية "Anna Tresse".