400 عائلة «غير عادية» تقضي عتمة الليل مع قنديل الكاز
بشار دراغمة
في منطقة المالح والمضاربة البدوية أناس غير عاديين، يتمسكون بالعيش في أرض يملأها الظلام ليلا، ويسكنها شر الاحتلال على مدار الساعة، يستعينون بضوء القمر لالتقاط شيء من الانارة، وآخرون جعلوا من قنديل كاز وسيلة تبعث ضوءا خافتا، ويقضون برفقته ليلة من ليالي الصمود.
هم ليسوا في جولة كشفية، ولا في رحلة ترفيهية أرادوا أن يقضوا ليلها على ضوء القمر، انما أناس يعيشون هكذا منذ عقود، لا يعرفون الكهرباء ولا مصابيح الانارة، لم تصلهم اختراعات التكنولوجيا، ويسمعون من بعض الناس عن شيء اسمه تلفزيون ملون، والظلام في حياتهم لا يقل زمنا عن الظلم الذي يتعرضون له.
هذا الحال يعيشه سكان منطقة المالح والميته والبرج وعين الحلوة وام الجمال وخربة سمرة والفارسية والدير والجوبية وجباريس والحمة وحمصة، كلها أراض فلسطينية يسكنها فلسطينيون ولا تسكنها الخدمات، ومن يعيش فيها دائما ما يقارع المحتل الذي يحول في أي لحظة المكان الى ساحة تدريب عسكرية، ويصدر في أي وقت أوامر هدم لمنازل بدائية، ويطارد حظيرة أغنام، ويمنع صهريج مياه من أن يروي عطش طفل أنهكته ساعات الصيام الطويلة.
ويرسل أهالي تلك القرى والمضارب البدوية مناشادتهم من أجل توفير الخدمات لهم ومساعدتهم مواصلة صمودهم في وجه المحتل الذي يسعى دائما لطردهم من أرضهم.
عارف دراغمة، رئيس مجلس قروي المالح والمضارب لا يكل ولا يمل من توجيه المناشدات لانقاذ هذه الأرض من بطش الاحتلال وسيعيه المستمر لتهجير سكانها، موضحا أن الاحتلال ينتهج سياسات عقابية بحق المواطنين ويمنع عنهم الخدمات لدفعهم الى الرحيل لكنهم صامدون في أرضهم.
ويقول دراغمة «في قرى دمرها الاحتلال بحروبه وعاث فيها خرابا ما زال سكانها يعيشون على انقاضها, قرى رسمت على خارطة الوطن معاني الوفاء والصمود بأهلها وخيمها المتناثرة هنا وهناك لتحافظ على فلسطينية الارض والتراب ولتزرع الامل في نفوس العابرين والعائدين الى ربوعها».
ويوضح دراغمة أن هذه المناطق هي قرى فلسطينية وتراب فلسطيني وانسان فلسطيني يواجه سنديان عشرات المستوطنات والمعسكرات وعمليات التنكيل والتهجير والهدم والتدمير والترحيل اليومية, وهي جزء من الوطن وانسانها فلسطيني وبيت الشعر فلسطيني وبيادر قمحها فلسطينية وترابها مغموس بدماء الشهداء وعرق الفلاحين».
وبين دراغمة أن في هذه المنطقة تعيش أكثر من 400 عائله فلسطينية في واقع صعب، ولا تتوفر لديها الانارة ولا الخدمات، وأضاف: «400 عائله فلسطينيه ما زالت صامدة فوق ارضها وترابها على ضوء قنديل الكاز وحر الشمس وعتمة الليالي صامدين فوق قراهم رغم سياط الجلاد وجنازير جرافاته التي دقت خيمهم وارعيت اطفالهم من اجل ان يرحلوا ولكن لن يرحلوا».
ودعا دراغمة الى توجيه الوطنية والانسانية الى هذه المناطق وقال «وجهوا وطنيتكم وانسانيتكم لهم وادعموا وجودهم وبقاءهم ففي بقائهم خنجرا في صدر الاستيطان وسماسرة الارض، ومنذ سنوات ونحت نبعث برسائلنا ولم نتلق منها الا الوعود».
وفي الوقت الذي يتفقد فيه مواطنو المالح للكهرباء والانارة فان المياه شحيحة أيضا لديهم وأوضح دراغمة ان منطقة المضارب تعاني من انعدام مصادر المياه وجفاف المنطقه بالكامل.
وبين المجلس ان منطقة المالح باتت كمنطقة صحراوية وان السكان يعانون صعوبة جمة من اجل الحصول على المياه لاطفالهم والتي يجبرون لقطع عشرات الكيلومترات لاحضارها من مناطق بعيده تكلف الجهد والوقت والمال.
وبين عارف دراغمة ان الاحتلال استولى على جميع مصادر المياه في المنطقة وجفف مصادرها وكل الينابيع فيها وضخها للمستوطنات والمعسكرات, وان خطوط شركة «ميكروت الاسرائيلية» تعبر اراضي السكان ولا تبعد متر واحد عن مضاربهم وان المواطن الفلسطيني لا يستطيع الحصول على كوب منها.
وبين دراغمة ان المجلس يدق ناقوس الخطر بسبب شح المياه وان المنطقة باتت على حافة الخطر.
واوضح المجلس ان عشرات العائلات تترك المنطقه سنويا بحثا عن مصادر مياه قريبه لتوفير مصادر للشرب لعائلاتهم ومواشيهم.