غزة تحت النار للمرة الثالثة
بسام أبو الرب
عملية 'الصخرة الراسخة' التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ يومين، وراح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى، بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، هي الثالثة من نوعها خلال السنوات الست الماضية، حيث سبقتها عمليتا 'الرصاص المصبوب' عام 2008، و'عامود السحاب' عام 2012.
الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي قال لـ'وفا'، إن القيادة الإسرائيلية اعتادت على شن الحرب كل ثلاث إلى خمس سنوات، وذلك في إطار البحث عن حجة لضرب قطاع غزة، واستغلال موضوع سقوط الصواريخ على البلدات الإسرائيلية، الأمر الذي جعلها تشن عدوانها الأخير الذي أطلقت عليه اسم 'الصخرة الراسخة'.
وأشار إلى أن إسرائيل تعتبر الحروب هي المخرج الوحيد لكافة إشكالاتها الداخلية، وتريد استغلال اطلاق الصواريخ من غزة ضد أهداف إسرائيلية للرد بشكل قاس على المقاومة، موضحا أن إسرائيل تسعى أيضا لزيادة ميزانية الجيش التي واجهت اعتراضات شديدة من قبل وزارة المالية، وخوضها الحرب ضد قطاع غزة منذ أمس أصبح لا مجال للاعتراض، في ظل مواجهة الصواريخ التي تطلق من هناك.
وأضاف مجلي أن القيادة العسكرية الإسرائيلية لا تفضل الحرب طويلة الأمد بل السريعة، وهذا الأمر معروف لدى كل الأطراف العربية التي حاربت وتحارب إسرائيل، كون طول الحرب سيؤدي إلى استنزاف القوة الإسرائيلية كما يرى العرب، وإعلان إسرائيل بأن الحرب ستكون طويلة، يأتي من باب إظهار أنها لا تخشاها.
وحول احتمالية شن عملية برية على قطاع غزة، قال مجلي: القيادة السياسية الإسرائيلية لا تذهب إلى عملية برية، رغم استعدادها لذلك؛ كون ذلك يكلفها ثمنا باهظا، وأيا كانت المقاومة في غزة، فإنها ستلحق أضرارا وخسائر فادحة في صفوف الجنود والقيادة.
وبين أن إسرائيل تفاجأت من وصول صواريخ المقاومة إلى مدى بعيد حتى وصلت مدينة الخضيرة التي تبعد أكثر من 100 كيلومتر، ولكن ليس على الصعيد التكنولوجي المتعلق بدقة الوصول إلى الأهداف، موضحا أن المقاومة طورت الصاروخ الإيراني 'فجر5 '، بحيث تم زيادة كمية الوقود فيه الأمر الذي زاد من قوة الدفع وأطلقت عليه اسم ' m75'.
إلى ذلك، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في إحصائية مبدئية لحصيلة اليوم الأول من هجوم الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، إن عدد الضحايا في اليوم الأول من العدوان بلغ 17 شهيدا حتى قبيل منتصف ليل الثلاثاء، بينهم أربعة أطفال و13 مدنياً من الرجال، وعدد الجرحى وصل إلى 122 جريحا تراوحت إصاباتهم بين متوسطة وطفيفة وخطيرة، بينهم 26 طفلاً وخمسة نساء و90 مدنياً من الرجال.
وبينّ المرصد 'أن عدد الصواريخ الإسرائيلية التي أطلقت على القطاع تجاوزت 447 صاروخاً، وزعت بين 374 غارة جوية، 39 قذيفة بحرية، و 65 قذيفة مدفعية'ـ وتم تدمير 111 منزلاً، 17 منزلاً منها دمرت بشكل كامل، و95 أخرى دمرت بشكل جزئي.
كما أشار المرصد إلى استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية لمسجدين ومستشفى، هو المستشفى الأوروبي في خان يونس جنوب القطاع ما ألحق به أضرارا مادية، ومسجدي عمر بن عبد العزيز في منطقة الفراحين، وأصابت المئذنة بشكل مباشر، ومسجد الهدى في منطقة خزاعة شرق خان يونس، عدا عن استهداف سيارة إسعاف.
وفي سياق متصل، أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن هناك توقعات بأن تكلف الحرب على قطاع غزة خزينة إسرائيل مبالغ تقدر بمئات الملايين من الشواقل يوميا، حيث أعلنت سلطة الضرائب الإسرائيلية أن الأضرار التي لحق بمستوطنات الجنوب وصلت إلى 10 ملايين شيقل، وأنه جرى تقديم نحو 100 دعوى للمطالبة بتعويضات مقابل الأضرار نتيجة إطلاق الصواريخ، بينها 35 دعوى مقابل أضرار لمركبات، و52 دعوى مقابل أضرار لمبان، و12 دعوى مقابل أضرار للزراعة، إضافة إلى أضرار وقعت للبنى التحتية وشبكات الكهرباء.
وأشارت هذه التقارير إلى إن التكلفة الحقيقية للحرب ستجد تعبيرا عنها في مصاريف الجهاز الأمني، خاصة بعد مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر على استدعاء نحو 40 ألفا من جنود الاحتياط، حيث جرى تجنيد 15 ألفا منهم، وتصل تكلفة كل جندي احتياط إلى 600 شيقل يوميا.
وأوضحت أن تجنيد الاحتياط يعتبر هامشيا بالنسبة لباقي التكاليف، مثل إطلاق صواريخ القبة الحديدية، وتفعيل طائرات ومروحيات وسفن سلاح البحرية، والتي يتوقع أن تصل في وقت الحرب إلى مئات الملايين من الشواقل يوميا.
وحول خسائر الاحتلال في الحربين السابقين على قطاع غزة، فقد وصلت التكلفة اليومية للحرب الأولى على قطاع غزة عام 2008 والتي أطلق عليها 'الرصاص المصبوب' إلى 170 مليون شيقل، ووصلت إلى 3.57 مليار شيكل في المجموع، أما في حربها الثانية على قطاع غزة التي أطلق عليها 'عامود السحاب'، فقد وصلت مجمل تكلفتها إلى نحو 2 مليار شيقل.