الفتى "أبو خضير" ... شهيد "السّحور الأخير" !!
بالنسبة لشقيقته آية أبو خضير الطالبة في "جامعة فلسطين الأهلية" بمدينة بيت لحم، وربما بالنسبة لبقية أفراد العائلة، سيبقى فتاهم الشهيد محمد عبد الرحيم أبو خضير معلّقا في علّية الذاكرة كما كان عليه أثناء السّحور الأخير : وجه بشوش، ابتسامة واعدة و وعينان تفيضان بالوعود ...
"حتى الأبد"، كما قالت آية أبو خضير وهي تشرح لوعة العائلة حيال الجريمة التي أودت بحياة شقيقها حرقا في "دير ياسين" على أيدي المستوطنين الإسرائيليين، سيظل محمد لدى العائلة و الجيران و أهالي القدس عموما، وربما لدى آخرين كثر على امتداد فلسطين و العالم – سيظل "شهيد السُّحور الأخير"، موضحة أن فجر 4 رمضان من كل عام سيظل هو الآخر محفورا في "رزنامة العائلة" أبدا؛ باعتباره علامة فارقة لا تنمحي وعصيّة على النسيان .
بكلمات مقتضبة لكنها مليئة بالشجن، قالت آية أبو خضير لـ دوت كوم أنها و العائلة سيتذكرون أبدا خطى محمد إلى المسجد لتأدية الصلاة، بعد تناوله وجبة السّحور على عجل؛ كانت كلماته الأخيرة للوالدة، بعد جرعة الماء الأخيرة من زجاجة كانت في يده: "ماما، أنا طالع ... !"، ثم أوصد الباب وراء الخُطى...
حتى ظهيرة 4 رمضان الجاري حيث تواردت الأخبار عن أن فتى العائلة المفقود، ظلت عائلة الشهيد أبو خضير رهينة مخاوف كثيرة؛ غير أنه لم يخطر في بال أي منها أن محمد قد قتل حرقا بأيدي مجموعة من المستوطنين، وفي "دير ياسين"؛ كما لو أن مضرمي النار في جسده النحيل أرادوا التذكير مجددا بمذبحة رهيبة سفحت فيها أرواح العشرات من الفلسطينيين و الفلسطينيات دون تمييز .
... بعد أخبار الظهيرة المشؤومة، قالت "الأخت الكبيرة" للشهيد أبو خضير أن الأخبار التي تتابعت أخذت العائلة إلى حالة الصدمة و عدم التصديق، معا... "إلى أن حضرت شرطة الاحتلال وطلبت من والدي إجراء فحص الحمض النووي للتأكد ما إذا كان محمد هو ضحية الجريمة أم فتى آخر؛ ثم حلت الفجيعة بكامل أوجاعها عند منتصف الليل"، مشيرة إلى أن أوجع أوجاعها يتمثل في حرمانها من إلقاء نظرة وداع على وجه شقيقها؛ بسبب التشوهات التي أحدثها القتلة في جسده قبل جرعة الهواء الأخيرة
حتى أعداد هذه القصة للنشر، لا تزال آية أبو خضير ( 24 عاما )، كما والدتها و بقية العائلة – لا تزال مأخوذة بهول الجريمة التي سلمت الجميع لمكابدة الفقدان، لافتة إلى أن شقيقها الشهيد كان الأكثر حيوية بين أشقائه الـخمسة، وكانت تربطه علاقات طيبة مع مجايليه في "شعفاط"... وكان يحرص، أيضا، على المشاركة في مختلف الفعاليات التي كان يجري تنظيمها في الحي، فيما لا يزال محمد يتراءى لها ملوحا بيديه أمام المبنى حيث تقيم العائلة : مرحباااااااا... سلاااام !، كما لو أنه عاد من الصلاة ليبدأ يوما آخر، جديد !!